أجرى اللقاء: عبدالمجيد حاجي
قدّم الدكتور يوسف الأشقر، طبيب القلب السويدي، رؤية شاملة حول دور بدائل النيكوتين - وخصوصًا «السنوس» وأكياس النيكوتين- في مجال الصحة العامة. واستند إلى خبرته الطبية والبيانات العامة المتاحة في السويد ليؤكد أن انخفاض معدلات الأمراض المرتبطة بالتدخين في البلاد لا يعود إلى قلة استهلاك النيكوتين، بل إلى انخفاض عدد المدخنين.
وأوضح الدكتور الأشقر أن الفرق الأساسي يكمن في طريقة تناول النيكوتين؛ فالتدخين يعتمد على الاستنشاق والاحتراق، وهما السبب الرئيسي وراء الأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض الأوعية الدموية، وليس النيكوتين بحد ذاته. وبفضل الانتشار الواسع للبدائل الخالية من الدخان في السويد انخفضت حالات الإصابة بأمراض مثل الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة بشكل واضح.
وأشار إلى أن أكياس النيكوتين ليست خالية تمامًا من المخاطر، وخصوصًا على فئات مثل الشباب، ومرضى السكري، والنساء الحوامل. ومع ذلك فهي أقل ضررًا بكثير من السجائر، ويمكن استخدامها كجزء من استراتيجية تقليل الضرر للمدخنين غير القادرين على الاقلاع التام. وشدد على أن هذه البدائل ليست توصية بحد ذاتها، بل خيار واقعي حين تكون محاولات الإقلاع غير ناجحة.
وأضاف أن البيانات العلمية حول تأثير النيكوتين على الدماغ لدى من هم دون سن الـ21 لا تزال محدودة، لكن الفرضيات القائمة تشير إلى مخاطر محتملة على تطور الدماغ؛ ما يبرر القيود القانونية والتحفظات الطبية.
من جهته، أوضح الدكتور كارل فاجيرستروم – خبير عالمي في إدمان النيكوتين ومؤسس اختبار «فاجيرستروم» لقياس الاعتماد على النيكوتين – أن الإدمان له جانبان: دوائي وسلوكي. وأكد أن سرعة وصول النيكوتين إلى الدماغ هي العامل الأساسي في الإدمان، ما يجعل السجائر الأكثر تسببًا في الاعتمادية، بينما تعد البدائل مثل اللصقات والسنوس أقل خطورة لأنها تُطلق النيكوتين ببطء وبتأثيرات حسية أقل.
كما تحدث عن تطور منتجات الإقلاع عن التدخين، من مقاومة العلكة النيكوتينية في البداية إلى تبنٍ أوسع للبدائل الخالية من الدخان. وعلى الرغم من المقاومة التشريعية والاجتماعية في بعض البلدان فإن النموذج السويدي – من خلال السياسات الضريبية والتوعية – يبرز كقصة نجاح يمكن تكرارها عالميًّا.
وانتقد الطبيبان الفكرة الشائعة بأن النيكوتين هو المسبب الرئيسي للسرطان وأمراض القلب، موضحين أن المواد الناتجة عن احتراق التدخين هي السبب الحقيقي، وأكدا أن هذا الخلط المفاهيمي المنتشر بين الأطباء والجمهور يعوق جهود تقليل الضرر.
وشدد الدكتور الأشقر على أن التوعية هي العامل الأكثر تأثيرًا؛ فكثير من المدخنين لا يعرفون أن هناك بدائل أقل ضررًا، ويستمرون في التدخين بسبب سوء الفهم. وأوضح من واقع خبرته أنه لم يشهد أي حالة طبية طارئة ناتجة عن استخدام السنوس، في حين عالج مئات الحالات الناتجة عن التدخين. واعتبر أن الانسداد الرئوي المزمن من أسوأ الأمراض التي تصيب الإنسان، ويؤثر على جودة الحياة بشكل تدريجي ومؤلم أكثر من السرطان في بعض الحالات.
وفيما يخص الحمل اتفق الخبيران على ضرورة الامتناع الكامل عن النيكوتين؛ إذ إن النيكوتين يضيق الأوعية الدموية ويؤثر سلبًا على تدفق الدم إلى الجنين، وقد يسبب تغيرات في كيمياء الدماغ تستمر مدى الحياة.
وبشأن استخدام النيكوتين كوسيلة لتحسين التركيز أو «الهاكينغ الحيوي» أشارا إلى أن الآثار الإيجابية طفيفة، ولا تُبرر المخاطر المرتبطة بالإدمان، وخصوصًا مع ضعف الأدلة العلمية في هذا السياق. واختتم الطبيبان حديثهما بتأكيد أهمية التحول نحو البدائل الخالية من الدخان في استراتيجيات الصحة العامة، وأوضحا أن اتباع نموذج السويد في باقي دول الاتحاد الأوروبي قد يمنع أكثر من 350000 حالة وفاة سنويًّا. وبينما يظل الإقلاع التام هو الهدف المثالي فإن تقليل الضرر يمثل أداة قوية لإنقاذ الأرواح وتحسين الصحة العامة تدريجيًّا.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك