العدد : ١٧١٨٩ - الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٨٩ - الثلاثاء ١٥ أبريل ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ شوّال ١٤٤٦هـ

الثقافي

ساحل الذهب
قصة قصيرة بقلم: ستورت دايبك Stuart Dybek

السبت ١٢ أبريل ٢٠٢٥ - 02:00

ستورت‭ ‬دايبك‭ (‬1942‭) ‬كاتب‭ ‬قصصي‭ ‬وشاعر‭ ‬أمريكي‭ ‬معاصر‭. ‬حصل‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬أدبية‭ ‬منها‭ ‬جوائز‭ ‬واتنج‭ ‬وجائزة‭ ‬ري‭ ‬للقصة‭ ‬القصيرة‭ ‬وزمالة‭ ‬ماك‭ ‬أرثر‭. ‬أصدر‭ ‬مجموعتين‭ ‬شعريتين‭ ‬هما‭ (‬المفاصل‭ ‬النحاسية‭) ‬و‭(‬الشوارع‭ ‬في‭ ‬وصلتها‭)‬،‭ ‬ومن‭ ‬رواياته‭ (‬الطفولة‭ ‬والجيران‭ ‬الأخرون‭) ‬و‭(‬ساحل‭ ‬شيكاغو،‭ ‬أبحرت‭ ‬مع‭ ‬ماجلان‭) ‬ومجموعة‭ ‬قصصية‭ ‬بعنوان‭ (‬الاتفاق‭ ‬المنتشي‭). ‬

استيقظا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬الفندق‭ ‬بالطابق‭ ‬السابع‭ ‬والثلاثين،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬منهما‭ ‬متأكد‭ ‬من‭ ‬الوقت،‭ ‬كلاهما‭ ‬لايزالا‭ ‬ثملين‭ ‬قليلاً،‭ ‬ومخدرين‭ ‬قليلاً‭ ‬بفعل‭ ‬الصمت‭ ‬الذي‭ ‬بينهما‭.‬

قالت‭ ‬بتعجب‭ ‬‮«‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭!! ‬أنظر‭ ‬إلى‭ ‬الضوء‭!!‬‮»‬‭.  ‬كان‭ ‬قد‭ ‬رأى‭ ‬ذلك‭ ‬مسبقاً،‭ ‬كيف‭ ‬لم‭ ‬يستطع؟‭  ‬السرير‭ ‬الضخم‭ ‬يقابل‭ ‬جداراً‭ ‬من‭ ‬النوافذ‭.  ‬لقد‭ ‬ترك‭ ‬الستائر‭ ‬مفتوحة‭.  ‬جدار‭ ‬النوافذ‭ ‬يبدو‭ ‬الآن‭ ‬أشبه‭ ‬بجدار‭ ‬من‭ ‬السماء،‭ ‬يغلب‭ ‬عليه‭ ‬اللون‭ ‬الأزرق،‭ ‬مصاب‭ ‬بالتقرح‭ ‬اللوني‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬عروق‭ ‬معدن‭ ‬ثمين‭ ‬مكتشف‭ ‬حديثاً‭ ‬قد‭ ‬عرضت‭.‬

لم‭ ‬يحن‭ ‬وقت‭ ‬الفجر‭ ‬بعد‭. ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬تعاقب‭ ‬الليل،‭ ‬لكن‭ ‬الليل‭ ‬مع‭ ‬الغد‭ ‬مضيئان‭ ‬مسبقاً‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ‬مثل‭ ‬اللون‭ ‬الفضي‭ ‬خلف‭ ‬زجاج‭ ‬مرآة‭ ‬مصنوعة‭ ‬من‭ ‬الكوبل‭.‬

يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬السماء‭ ‬منعكسة‭ ‬في‭ ‬نوافذ‭ ‬جميع‭ ‬المباني‭ ‬المحيطة‭ ‬التي‭ ‬تعلو‭ ‬لتشكل‭ ‬الجروف‭ ‬الزجاجية‭ ‬لساحل‭ ‬الذهب‭ ‬الذي‭ ‬انتقلا‭ ‬إليه‭.‬

يعلم‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬مدينة‭ ‬بها‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القشور‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يثق‭ ‬فيها‭. ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬رائعة‭ ‬وأصيلة‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬إلا‭ ‬إنه‭ ‬يظن‭ ‬أنها‭ ‬خادعة،‭ ‬منزوعة‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للمدن،‭ ‬أماكن‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬الحقيقـة‭ ‬أماكن،‭ ‬انعكاسات‭ ‬تطفو‭ ‬كالزبد‭ ‬المضيء‭ ‬على‭ ‬سطح‭ ‬نهر‭. ‬يتذكر‭ ‬كيف‭ ‬أنه‭ ‬وأحد‭ ‬الصبية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬المراهقة‭ ‬كانا‭ ‬يقضيان‭ ‬الليالي‭ ‬مستكشفين‭ ‬ساحل‭ ‬الذهب‭ ‬للمدينـة‭ ‬التي‭ ‬ترعرعا‭ ‬فيها‭ ‬وخليط‭ ‬الرعب‭ ‬والاحتقار‭ ‬الذي‭ ‬شعرا‭ ‬به‭ ‬تجاهه‭.‬

لم‭ ‬يعد‭ ‬يحس‭ ‬بأنه‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬سواحل‭ ‬الذهب‭.  ‬يتعجب‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬زملائه‭ ‬النائمين‭ ‬جالسون‭ ‬في‭ ‬الأعلى‭ ‬كما‭ ‬يجلس‭ ‬هو،‭ ‬محدقين‭ ‬بصمت‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬غرفهم‭ ‬الشاهقة‭ ‬الارتفاع‭ ‬والتي‭ ‬سحبت‭ ‬ستارتها‭ ‬على‭ ‬نوافذ‭ ‬ضخمة،‭ ‬نوافذ‭ ‬للعمالقة‭ ‬ومهيئة‭ ‬لتمتد‭ ‬فوق‭ ‬الأفق‭ ‬الوامض‭ ‬للمدينة‭.  ‬إنه‭ ‬يحسد‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يزالون‭ ‬نائمين‭ ‬بسلام‭ ‬ويشفق‭ ‬عليهم‭ ‬لفقدان‭ ‬هذه‭ ‬اللحظات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬اسم‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬والتي‭ ‬يعلم‭ ‬مسبقاً‭ ‬إنها‭ ‬ستكون‭ ‬غير‭ ‬منسية‭.‬

يتساءل‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذين‭ ‬الاحساسين‭ ‬سوف‭ ‬يكشف‭ ‬عنه‭ ‬المستقبل‭ ‬كأكثر‭ ‬دقـة‭.  ‬ذات‭ ‬مرة،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحا‭ ‬حبيبين‭ ‬بفترة‭ ‬قصيرة‭ ‬قالت‭ ‬له‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬غير‭ ‬متأكدة‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬مقابلتي‭ ‬لك‭ ‬هي‭ ‬الشيء‭ ‬الأكثر‭ ‬حظاً‭ ‬أو‭ ‬الأكثر‭ ‬سوءاً‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬لي‭ ‬للأبد‮»‬‭.‬

حينها‭ ‬ضحك‭.‬

فقالت‭: ‬‮«‬لم‭ ‬أكن‭ ‬أمزح‮»‬‭.‬

‮«‬أعرف‭ ‬ذلك‮»‬،‭ ‬قال‭: ‬‮«‬إنني‭ ‬فقط‭ ‬أضحك‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬بالضبط‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬أفكر‭ ‬فيه‭ ‬حول‭ ‬مقابلتك‮»‬‭.‬

‮«‬أنظر،‭ ‬ربما‭ ‬ذلك‭ ‬يحدث‭ ‬حينما‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬القدر‭.  ‬الانسان‭ ‬دائماً‭ ‬يشعر‭ ‬بما‭ ‬يشـعر‭ ‬به‭ ‬الآخر،‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬معاً‮»‬‭.  ‬ضحكت‭ ‬أيضاً‭.‬

‮«‬نوع‭ ‬من‭ ‬التخاطر‭ ‬العاطفي‭ ‬أليس‭ ‬كذلك؟‮»‬‭ ‬

ذلك‭ ‬يجعله‭ ‬يبدو‭ ‬فطرياً‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اللازم‭.‬

قالت‭ ‬بالطريقة‭ ‬الساخرة‭ ‬التي‭ ‬درجت‭ ‬عليها‭ ‬لـدى‭ ‬تبادل‭ ‬النكات‭ ‬الخاصـة‭ ‬بينهما‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬لا‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬الغـدد،‭ ‬أنا‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬شـيء‭ ‬في‭ ‬النجوم‮»‬‭.‬

الآن‭ ‬إلى‭ ‬جانبه‭ ‬في‭ ‬السرير‭ ‬تهمس‭ ‬‮«‬لماذا‭ ‬وجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬هذا‭ ‬معاً؟‮»‬‭ ‬لم‭ ‬تقل‭ ‬ذلك‭ ‬بقسوة‭. ‬يفهم‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬أنها‭ ‬تقصد‭ ‬أنهما‭ ‬شاهدا‭ ‬هذه‭ ‬السـماء‭ ‬فقط‭ ‬لسبب‭ ‬أو‭ ‬لآخر،‭ ‬لأن‭ ‬هناك‭ ‬شيئاً‭ ‬أكثر‭ ‬بينهما‭ ‬ليتذكراه‭. ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يحتاج‭ ‬لأن‭ ‬يرد،‭ ‬أي‭ ‬أنه‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬فقط‭ ‬يسمع‭ ‬مصادفة‭ ‬حديثها‭ ‬إلى‭ ‬نفسها،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬هناك‭ ‬تقريباً،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬استيقظت‭ ‬هي‭ ‬بمفردها‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬غير‭ ‬معروفة‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬ساحل‭ ‬الذهب‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا