ستورت دايبك (1942) كاتب قصصي وشاعر أمريكي معاصر. حصل على جوائز أدبية منها جوائز واتنج وجائزة ري للقصة القصيرة وزمالة ماك أرثر. أصدر مجموعتين شعريتين هما (المفاصل النحاسية) و(الشوارع في وصلتها)، ومن رواياته (الطفولة والجيران الأخرون) و(ساحل شيكاغو، أبحرت مع ماجلان) ومجموعة قصصية بعنوان (الاتفاق المنتشي).
استيقظا في نفس الوقت في غرفة الفندق بالطابق السابع والثلاثين، لا أحد منهما متأكد من الوقت، كلاهما لايزالا ثملين قليلاً، ومخدرين قليلاً بفعل الصمت الذي بينهما.
قالت بتعجب «أنظر إلى السماء!! أنظر إلى الضوء!!». كان قد رأى ذلك مسبقاً، كيف لم يستطع؟ السرير الضخم يقابل جداراً من النوافذ. لقد ترك الستائر مفتوحة. جدار النوافذ يبدو الآن أشبه بجدار من السماء، يغلب عليه اللون الأزرق، مصاب بالتقرح اللوني كما لو كانت عروق معدن ثمين مكتشف حديثاً قد عرضت.
لم يحن وقت الفجر بعد. لا يزال تعاقب الليل، لكن الليل مع الغد مضيئان مسبقاً من خلفه مثل اللون الفضي خلف زجاج مرآة مصنوعة من الكوبل.
يستطيع أن يرى السماء منعكسة في نوافذ جميع المباني المحيطة التي تعلو لتشكل الجروف الزجاجية لساحل الذهب الذي انتقلا إليه.
يعلم بأن كل مدينة بها مثل هذه القشور وهو لا يثق فيها. مهما كانت رائعة وأصيلة كما قد تبدو إلا إنه يظن أنها خادعة، منزوعة من الحياة الحقيقية للمدن، أماكن ليست في الحقيقـة أماكن، انعكاسات تطفو كالزبد المضيء على سطح نهر. يتذكر كيف أنه وأحد الصبية في مرحلة المراهقة كانا يقضيان الليالي مستكشفين ساحل الذهب للمدينـة التي ترعرعا فيها وخليط الرعب والاحتقار الذي شعرا به تجاهه.
لم يعد يحس بأنه أعلى من سواحل الذهب. يتعجب كيف أن الكثير من زملائه النائمين جالسون في الأعلى كما يجلس هو، محدقين بصمت إلى خارج غرفهم الشاهقة الارتفاع والتي سحبت ستارتها على نوافذ ضخمة، نوافذ للعمالقة ومهيئة لتمتد فوق الأفق الوامض للمدينة. إنه يحسد أولئك الذين لا يزالون نائمين بسلام ويشفق عليهم لفقدان هذه اللحظات القليلة التي لا اسم لها من السماء والتي يعلم مسبقاً إنها ستكون غير منسية.
يتساءل أي من هذين الاحساسين سوف يكشف عنه المستقبل كأكثر دقـة. ذات مرة، بعد أن أصبحا حبيبين بفترة قصيرة قالت له: «أنا غير متأكدة فيما إذا كانت مقابلتي لك هي الشيء الأكثر حظاً أو الأكثر سوءاً الذي حدث لي للأبد».
حينها ضحك.
فقالت: «لم أكن أمزح».
«أعرف ذلك»، قال: «إنني فقط أضحك لأن ذلك هو بالضبط ما كنت أفكر فيه حول مقابلتك».
«أنظر، ربما ذلك يحدث حينما يكون هو القدر. الانسان دائماً يشعر بما يشـعر به الآخر، في نفس الوقت، معاً». ضحكت أيضاً.
«نوع من التخاطر العاطفي أليس كذلك؟»
ذلك يجعله يبدو فطرياً أكثر من اللازم.
قالت بالطريقة الساخرة التي درجت عليها لـدى تبادل النكات الخاصـة بينهما «أنا لا أتحدث عن شيء في الغـدد، أنا أتحدث عن شـيء في النجوم».
الآن إلى جانبه في السرير تهمس «لماذا وجب علينا أن نرى هذا معاً؟» لم تقل ذلك بقسوة. يفهم ما تعنيه أنها تقصد أنهما شاهدا هذه السـماء فقط لسبب أو لآخر، لأن هناك شيئاً أكثر بينهما ليتذكراه. وهو يعلم بأنه لا يحتاج لأن يرد، أي أنه كما لو كان فقط يسمع مصادفة حديثها إلى نفسها، كما لو كان غير موجود هناك تقريباً، كما لو استيقظت هي بمفردها في ساعة غير معروفة على امتداد ساحل الذهب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك