شهّدت الصالة الثقافية أمسية احتفالية مميزة بيوم المسرح العالمي، علّا فيها صوت الخشبة البحرينية التي ظلّت متمسكة بجذوة الحُلم مئة عام؛ بفضل عطاءات جبارة لم تألُ جهداً في إنماء الحراك المسرحي رغم المحبطات؛ ذلك أنها آمنت برسالة الحب المسرحية، ودورها في ترجمة المجتمعات انسانيا وثقافيا.
الحفل الذي نظمه (اتحاد المسرحيين البحرينيين) احتفاءً بالمناسبة وبمئوية المسرح البحريني الأولى، مساء الثلاثاء الماضي (25 مارس2025)، كرّم أوائل رؤساء المسارح الأهلية وهم الدكتور راشد نجم (أوال)، عائلة الفنان الراحل إبراهيم بحر(الصواري)، الفنان جمال الصقر(البيادر)، الفنان محمد منصور(الريف)، الفنان نضال الدرازي (جلجامش).
كما كُرِمّت طاقات شبابية فنية واعدة أثبتت حضورها، كالفنانة نور حميد من مسرح الصواري، الفنان حسن شمس من مسرح أوال، الفنان أحمد عاشور من مسرح جلجامش، الفنان علي محسن من الريف، والفنان فيصل أحمد من مسرح البيادر.
واشتمل الحفل على عدة فقرات منها معرض فني للصور تخلله أداء تمثيلي تفاعلي صامت، رسالة يوم المسرح، كلمة لاتحاد المسرحيين ألقاها رئيسه الفنان محمد الصفار مشدداً على أهمية المسرح، فيلم قصير عن المكرمين من أوائل الرؤساء، وثلاثة عروض مسرحية كوميدية قصيرة هي «البراحة» لمسرح أوال، و«الجيجا» لمسرح البيادر و«الكرسي» لمسرح الريف.
رسالة يوم المسرح العالمي
ظهّرت رسالة يوم المسرح العالمي التي كتبها المخرج المسرحي اليوناني ثيودوروس تيزوبولوس TERZOPOULOS، على الشاشة في شكل مقاطع مرئية بالصوت والصورة، أنتجت باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي، وألقاها الراحلون من فناني المسرح البحريني وهم: (محمد عواد، إبراهيم بحر، عبدالله السعداوي، جاسم شريدة).
وتناولت هذه الرسالة التي ترجمها المسرحي والاعلامي التونسي لطفي العربي السنوسي، فكرة الاحتياج إلى مسرح مغاير وأساليب سردية جديدة تُحيي الذاكرة وتصوغ مسؤولية أخلاقية وسياسية جديدة من شأنها الخروج من الدكتاتورية متعددة الأوجه لعصور الظلمات الحديثة.
كما طرحت الرسالة أسئلة جوهرية وشائكة عن المسرح: هل يستطيع المسرح أن يصغي إلى نداء الاستغاثة الذي تطلقه أزمنتنا، في عالم يجد فيه المواطنون أنفسهم مفقرين، محبوسين داخل زنازين الواقع الافتراضي، منغلقين على ذواتهم في عزلة خانقة؟ في عالم يتحول فيه البشر إلى روبوتات، تحت وطأة نظام شمولي يقوم على السيطرة عن طريق الرقابة والقمع، باسطًا ظله على كل جانب من جوانب الحياة؟
البراحة
عرض مسرحي قصير لمسرح أوال، يتمحور حول قضايا اجتماعية يُعاصرها المجتمع البحريني في قالب ساخر يتصدى للظواهر، العادات والتقاليد الخاطئة السائدة.
مخرج العمل، الفنان حسان العطاوي أشار إلى استثماره وجوها شابة في إعادة تقديم جزء من مسرحية (البراحة)، كما قسمّ النص بهدف تطوير المشهد المسرحي وتحسينه إلى أقصى حد ممكن.
ووجه العطاوي الشكر إلى مسرح أوال لإتاحة الفرصة له لخوض هذه التجربة، قائلا: أنا أكن كل مشاعر الامتنان للأستاذ أنور أحمد وأخي حسن فلامرزي على وقوفهم بجانبي طوال فترة التدريبات.
البراحة عرض مسرحي قصير لمسرح أوال، يتمحور حول قضايا اجتماعية يُعاصرها المجتمع البحريني في قالب ساخر يتصدى للظواهر، العادات والتقاليد الخاطئة السائدة.
جيجا
تنقل أحداث مسرحية «جيجا» لمسرح البيادر، مفارقات تراجيدية وكوميدية تعيشها الشخصيات نتيجة واقع سيئ تفرضه أزمة انقطاع خدمة الإنترنت من الشركة المحلية، وما يُخلفّه من تحكّم واستغلال للمواطنين من قبل شركة اتصالات أجنبية باعتبارها مالكاً ومزوداً وحيداً للإنترنت.
مخرج العمل أحمد عبدالقادر، اعتمد في إخراج المسرحية على الاسلوب السهل الممتنع مع مراعاة أن إبراز طاقات الممثلين كان في المقام الأول بالنسبة إلي بما أن العمل هو عبارة عن نتاج ورشة نظمّها مسرح البيادر تحت عنوان كيف تصبح ممثلا.
ولفت عبدالقادر إلى أن العمل لاقى استحساناً مرضياً من الجمهور مما أدّى الى رغبة الفريق بالاستمرار لذلك أقول: ترقّبوا المزيد، كما أود أن شكر اتحاد المسرح على احتضان هذا العمل وجعله مسك الختام في يوم المسرح العالمي؛ اليوم الذي يعني الكثير لكل فنان مسرحي.
الكرسي
الكرسي عمل لمسرح الريف، يعكس رمزية الصراع المستمر على السلطة والنفوذ من قبل شخصيات لا ترغب في فقدان الامتيازات التي نالتها نتيجة الجلوس عليه؛ فتسعى إلى الحفاظ على الهيمنة بمواجهة قاسية لأي محاولة أو تغيير يسعى لإزاحتها عن المشهد وتجريدها من هذه المُكتسبات. مخرج العمل، الفنان علي محسن، أشار إلى الأساليب الإخراجية التي وظفها في المسرحية بالقول: من خلال تجربتي المتواضعة في الإخراج، سعت محاولتي إلى تسليط الضوء على الخوف الداخلي لصاحب السلطة؛ فحاولت إبراز مراحل تعرية هذا الخوف وتصعيده، ثم هبوطه في النهاية، عبر أداء الممثل الذي جسد شخصيتين متناقضتين في الرأي. هذا التناقض يبرز حالة الانفصام النفسي التي يعاني منها صاحب السلطة الذي يصارع بين الحفاظ على مكانته وبين خوفه العميق من فقدانها.
ويضيف محسن موضحا: استخدمت المؤثرات الصوتية كإشعارات الهواتف وبرامج التواصل الاجتماعي؛ لإبراز أثر الشائعات الموجهّة في حياتنا اليومية. في زمننا الحالي، إذ أصبحنا نعيش في عالم يتمحور حول الشائعات، التي رغم كونها غير صحيحة، إلا أن تأثيرها العميق على العقل الباطن لا يمكن تجاهله. ورغم أنني كنت أتمنى إضافة بعض اللمسات الإخراجية التي كنت أطمح إليها في هذا المشهد، فإن محدودية الوقت لم تساعدني على تحقيق ذلك.
وأعرب محسن عن امتنانه لاتحاد جمعيات المسرحيين البحرينيين لمنحه فرصة المشاركة في هذا العمل الذي رأى أنه يعزز استمرارية الحركة المسرحية في مملكة البحرين، مشيداً بالأعمال الرائعة التي قدمها الإخوة من مسرح أوال والبيادر، حيث كانت هذه ا تتسم بالبصمة الشبابية التي تبشر بجيل مسرحي واعد. إن هذا التعاون بين الأجيال المختلفة هو ما يعزز التواصل الفني ويضمن استدامة المشهد المسرحي في البحرين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك