يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
انظروا.. من يتحدث عن الحرية؟!
من أغرب المواقف التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي ترامب في الفترة الماضية، الحملة التي شنتها على الدول الأوروبية واتهامها بتراجع حريات التعبير فيها.
ترامب قال إن «حرية التعبير مهددة في أوروبا».
نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس في الكلمة التي ألقاها في افتتاح مؤتمر ميونيخ للأمن، وجه انتقادات عنيفة للدول الأوروبية بحجة «تراجع حريات التعبير فيها». بل إنه اعتبر أن هذا التهديد أكبر من تهديد دول مثل روسيا أو الصين وقال: «التهديد الذي يقلقني أكثر من أي شيء آخر فيما يتصل بأوروبا ليس روسيا، ولا الصين، ولا أي طرف خارجي آخر، ما يقلقني هو التهديد من الداخل. تراجع أوروبا عن بعض قيمها الأساسية.. أخشى أن حرية التعبير في بريطانيا وفي مختلف أنحاء أوروبا تتراجع». وصوّر أمريكا على أنها هي التي تحمل اليوم لواء الدفاع عن حرية التعبير.
الدول الأوروبية ردت بغضب على اتهام إدارة ترامب لها بتراجع حرية التعبير، وعمدة لندن مثلا قال إن ترامب حين يزور بريطانيا سيجد في انتظاره مظاهرات احتجاج حاشدة تأكيدا لممارسة حرية التعبير المتاحة في البلاد.
الغريب في حملة ترامب ليس أن حريات التعبير في أوروبا على أحسن ما يكون، فهي ليست كذلك أبدا. الغريب هو أنه في الوقت الذي يوجه فيه ترامب وأركان إدارته هذه الاتهام إلى أوروبا يتجاهلون حقيقة أن هذه الإدارة هي أكبر من ينتهك حريات التعبير في كل المجالات.
المرء حين يتأمل هذه الحملة الأمريكية على أوروبا ومزاعم الحرص على حريات التعبير لا يملك إلا أن يتساءل: انظروا.. من يتحدث عن الحرية؟.
إدارة ترامب هي أكبر إدارة في تاريخ أمريكا تنتهك ليس فقط حريات التعبير، بل كل الحريات المدنية والقيم الإنسانية بشكل عام، سواء في داخل أمريكا فيما يتعلق بالقضايا المحلية، أو فيما يتعلق بالخارج والتعامل مع الدول والشعوب.
ترامب يقدم نفسه للأمريكيين والعالم، وعن عمد تام، ليس كزعيم ديمقراطي يحترم حريات الرأي والتعبير والحقوق الإنسانية، وإنما كزعيم فردي مستبد يعطي لنفسه الحق في أن يفعل أي شيء يريد بغض النظر عن أي قيم ديمقراطية أو احترام لأي رأي آخر.
في داخل أمريكا، يتم تدمير عدد كبير من المؤسسات الأمريكية واتخاذ إجراءات في منتهى القسوة تهدد حياة ومعيشة ملايين الأمريكيين. تفعل إدارة ترامب هذا بأوامر فردية من دون الاستماع إلى أي رأي آخر، وحتى رأي الكونجرس نفسه.
أما في الخارج فحدث ولا حرج. ترامب لا يقيم أي وزن ولا اعتبار لأي قيم أو مبادئ أو حريات لدول وشعوب بأسرها. يهدد بضم دول ومناطق مستقلة ذات سيادة بالقوة، ويريد تهجير كل سكان غزة وقيام أمريكا باحتلالها، كأنهم ليسوا شعبا يعيش في أرضه ووطنه وله حقوق يكفلها القانون الدولي والمواثيق الدولية.. وهكذا. وحين سئل عن السلطة التي تتيح له أو تعطيه الحق في أن يعلن هذا، أجاب بمنتهى الاستخفاف والاستفزاز «إنها السلطة الأمريكية».
إذا أردنا أن نتحدث عن تنكيل إدارة ترامب بالحريات، الحديث سيطول جدا. لكن نريد أن نتوقف بشيء من التفصيل عند قضية واحدة يمثل موقف ترامب وإدارته منها ذروة الانتهاك لحريات التعبير والتنكيل بها في أمريكا. نعني قضية الموقف من الجامعات الأمريكية التي شهدت أو تشهد احتجاجات تندد بحرب الإبادة والمجازر الإسرائيلية في غزة أو تظهر أي تعاطف مع الفلسطينيين في محنتهم.
هذا حديث آخر بإذن الله.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك