العدد : ١٧١٥٢ - الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رمضان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٥٢ - الأحد ٠٩ مارس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ رمضان ١٤٤٦هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

ماذا بعد «قمة فلسطين»؟

جلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬حدد‭ ‬في‭ ‬الكلمة‭ ‬التي‭ ‬ألقاها،‭ ‬لدى‭ ‬ترؤس‭ ‬جلالته‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬الطارئة‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬فلسطين‮»‬،‭ ‬ثوابت‭ ‬الموقف‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ومن‭ ‬التطورات‭ ‬العاصفة‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬استدعت‭ ‬عقد‭ ‬القمة‭.‬

‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الثوابت‭ ‬التي‭ ‬حددها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬ثلاثة‭:‬

1‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬السلام‭ ‬الدائم‭ ‬الشامل‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يضمن‭ ‬الحقوق‭ ‬التاريخية‭ ‬المشروعة‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬المصير‭ ‬وإقامة‭ ‬دولته‭ ‬الوطنية‭ ‬المستقلة‭.‬

2‭ ‬‭ ‬الرفض‭ ‬الكامل‭ ‬لأي‭ ‬محاولات‭ ‬لتهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬أرضه‭.‬

3‭ ‬‭ ‬أن‭ ‬الخطة‭ ‬التي‭ ‬أعدتها‭ ‬مصر‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬وتعزز‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬العرب‭ ‬الجماعية‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬نتعرض‭ ‬لها‭.‬

هذه‭ ‬الثوابت‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬أعمال‭ ‬قمة‭ ‬القاهرة‭ ‬الطارئة‭ ‬وحددت‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬انتهت‭ ‬إليها‭.‬

القمة‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬القمم‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬بحكم‭ ‬الأخطار‭ ‬الداهمة‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفق‭ ‬مخططات‭ ‬أمريكية‭ ‬وإسرائيلية‭ ‬معلنة‭ ‬ومعروفة‭ ‬لتصفية‭ ‬القضية‭.‬

أهم‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬وما‭ ‬انتهت‭ ‬إليه‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬تحدثت‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬أمام‭ ‬العالم‭ ‬وبموقف‭ ‬موحد‭ ‬من‭ ‬مخططات‭ ‬تصفية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عبر‭ ‬تهجير‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

والدول‭ ‬العربية‭ ‬لم‭ ‬تكتف‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬القمة‭ ‬الختامي‭ ‬بتأكيد‭ ‬وحدة‭ ‬المواقف‭ ‬حول‭ ‬كل‭ ‬القضايا‭ ‬الأساسية،‭ ‬وبالأخص‭ ‬رفض‭ ‬أي‭ ‬تهجير‭ ‬للشعب‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬وإنما‭ ‬اتخذت‭ ‬خطوة‭ ‬عملية‭ ‬كبيرة‭ ‬ومهمة‭.‬

نعني‭ ‬اعتماد‭ ‬القمة‭ ‬للخطة‭ ‬التي‭ ‬أعدتها‭ ‬مصر‭ ‬لإعادة‭ ‬إعمار‭ ‬غزة‭ ‬لتصبح‭ ‬خطة‭ ‬عربية‭ ‬مطروحة‭ ‬باسم‭ ‬كل‭ ‬العرب‭.‬

هذه‭ ‬الخطة‭ ‬أبلغ‭ ‬رد‭ ‬عربي‭ ‬على‭ ‬المخططات‭ ‬المعلنة‭ ‬للتهجير‭ ‬وتصفية‭ ‬القضية‭.‬

الخطة‭ ‬تفصيلية‭ ‬جدا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمراحل‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬ومن‭ ‬يشرف‭ ‬عليها‭ ‬ويتولاها،‭ ‬وكان‭ ‬ملفتا‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تتضمن‭ ‬الخطة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬اعتراضات‭ ‬أو‭ ‬تحفظات‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جهة‭ ‬وتفنيدها‭.‬

وتبني‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬للخطة‭ ‬بالإجماع‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬سيجعل‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬تجاوزها‭ ‬أو‭ ‬تجاهلها‭. ‬ومن‭ ‬المهم‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬أمينها‭ ‬العام،‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬أعلنت‭ ‬تأييدها‭ ‬للخطة‭ ‬العربية‭.‬

أيضا‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ما‭ ‬قررته‭ ‬القمة‭ ‬من‭ ‬دعوة‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬إلى‭ ‬نشر‭ ‬قوات‭ ‬حفظ‭ ‬سلام‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬وغزة‭ ‬لتضع‭ ‬العالم‭ ‬أمام‭ ‬مسؤوليته‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭.‬

لا‭ ‬يعني‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬الطريق‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الخطة‭ ‬أصبح‭ ‬ممهدا‭. ‬بالعكس‭ ‬بقرار‭ ‬القمة‭ ‬تبني‭ ‬الخطة‭ ‬ستبدأ‭ ‬المرحلة‭ ‬الأصعب‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

كما‭ ‬كان‭ ‬متوقعا‭ ‬بادرت‭ ‬إسرائيل‭ ‬بإعلان‭ ‬رفضها‭ ‬للخطة،‭ ‬فهي‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬مشروعها‭ ‬الصهيوني‭ ‬بطرد‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬وقطع‭ ‬الطريق‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬احتمال‭ ‬لقيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭.‬

وأمريكا‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬أحد‭ ‬مسؤوليها‭ ‬رفضت‭ ‬الخطة‭ ‬وأعلنت‭ ‬تمسك‭ ‬ترامب‭ ‬بخطته‭ ‬للتهجير‭ ‬واحتلال‭ ‬غزة‭.‬

بالطبع‭ ‬لا‭ ‬أمريكا‭ ‬ولا‭ ‬إسرائيل‭ ‬التي‭ ‬تحتل‭ ‬غزة‭ ‬لهما‭ ‬أي‭ ‬حق‭ ‬بأن‭ ‬يقررا‭ ‬مصيرها،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يقولانه‭ ‬خرق‭ ‬فاضح‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬المعضلة‭ ‬الحقيقية‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬هذا‭ ‬الرفض‭.‬

إذن،‭ ‬كيف‭ ‬ستتعامل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الرفض؟

الجواب‭ ‬ببساطة‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحشد‭ ‬كل‭ ‬قدراتها‭ ‬وإمكانياتها‭ ‬وعلاقاتها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هدفين‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬القادمة‭:‬

الأول‭: ‬الضغط‭ ‬لإكمال‭ ‬اتفاق‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬القطاع،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬بداهة‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الخطة‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬وجود‭ ‬إسرائيلي‭.‬

والثاني‭: ‬حشد‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬أكبر‭ ‬نطاق‭ ‬ممكن‭ ‬للخطة‭ ‬العربية،‭ ‬ودفع‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬ومنظماته‭ ‬الدولية‭ ‬إلى‭ ‬إعلان‭ ‬تأييد‭ ‬الخطة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشكل‭ ‬بدوره‭ ‬ضغطا‭ ‬على‭ ‬أمريكا‭ ‬لدفعها‭ ‬إلى‭ ‬التراجع‭.‬

وبالطبع‭ ‬سوف‭ ‬تمثل‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬واستخدام‭ ‬الإمكانيات‭ ‬العربية‭ ‬والمصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬المهولة‭ ‬مع‭ ‬العرب‭ ‬لدفع‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬إلى‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬موقفها‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا