يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
السلام لأوكرانيا وجحيم الإبادة لغزة
اثنان من كبار الكتاب والباحثين الأمريكيين كتبا تحليلا مطولا مهما قارنا فيه بين سياسة الرئيس الأمريكي ترامب تجاه أوكرانيا وسياسته ومواقفه من حرب إبادة غزة.
الباحثان هما ميديا بنجامين، ونيكولاس ديفيس، والاثنان مختصان في قضايا الشرق الأوسط وأصدر كل منهما كتبا عن قضايا المنطقة.
يقولان في بداية التحليل إن حرب أوكرانيا وهي تقترب من الذكرى الثالثة لاندلاعها، تشهد تحولا جذريا من الممكن أن يقود إلى نهاية الحرب. هذا التحول لم يكن نتيجة تطورات في ساحة المعارك، وإنما نتيجة التحول الجذري في موقف أمريكا من أكبر مصدر للأسلحة لأوكرانيا وممول للحرب إلى صانعة سلام.
يشيران إلى أن ترامب تعهد بإنهاء الحرب وبدأ ذلك بمكالمة مهمة مع الرئيس الروسي بوتين واتفقا على إطلاق عملية تفاوض فورا لإنهاء الحرب والتوصل إلى سلام.
ولتأكيد هذا التحول حرص وزير الدفاع الأمريكي الجديد على أن يشرح بدوره في أوروبا بالتفصيل أبعاد تحول الموقف الأمريكي، حيث قال إن الحرب لا بد أن تتوقف وأن ترامب عازم على دفع الروس والأوكرانيين إلى مائدة التفاوض، وأعرب عن التحفظ على انضمام أوكرانيا إلى الناتو، وأن على أوروبا وحدها أن تتحمل تزويد أوكرانيا بالأسلحة، وأن أمريكا لا يمكن أن ترسل أي قوات.. وهكذا.
يقول الكاتبان إنه في الوقت الذي يتلهف الكثيرون إلى إحلال السلام في أوكرانيا ويصفقون لترامب لما يفعله في هذا الاتجاه، فإننا يجب أن نتوقف عند المفارقة الرهيبة بين موقف الرئيس الذي يرى أن القتل في أوكرانيا غير مقبول ويجب أن يتوقف وبين موقفه بالتأييد المطلق لحرب الإبادة في فلسطين. ويشيران هنا إلى الخطة التي أعلنها ترامب بالسيطرة الأمريكية على غزة وتهجير كل سكانها إلى الخارج.
يقول الكاتبان إن أغلبية الضحايا في أوكرانيا هم من الجنود، في حين أن الأغلبية الساحقة من الضحايا في غزة هم من المدنيين وخصوصا من الأطفال. ويعني هذا في رأيهم أن الحاجة إلى السلام في فلسطين هي أكثر إلحاحا منها في أوكرانيا.
ويتساءل الكاتبان: إنْ كان الأمر هكذا، فلماذا إذن يتعهد ترامب بوقف القتال في أوكرانيا ويعمل من أجل ذلك، ولا يفعل هذا في غزة؟!
للإجاب عن التساؤل يطرح الكاتبان سؤالين يمثلان مفاتيح الإجابة هما:
هل ترامب يفعل هذا لأنه مرتبط بإسرائيل أشد الارتباط إلى الدرجة التي يرفض فيها فعل أي شيء على الإطلاق لوضع حد للمذابح التي ترتكبها؟
أم هل يفعل ترامب هذا لأن الأوكرانيين والروس هم من البيض وأوربيون، والفلسطينيون ليسوا كذلك؟
التفسير الذي يقدمه الكاتبان لما يفعله ترامب صحيح.
بالطبع ترامب مرتبط أشد الارتباط بإسرائيل وملتزم بالدفاع عنها وتبني مواقفها في كل الأحوال. ليس هذا موقف ترامب وحده، بل هي استراتيجية أمريكية ثابتة، ولهذا يتبنى هذا الموقف كل رؤساء أمريكا سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين. هم ملزمون بهذا مهما ارتكبت إسرائيل من مجازر وإبادة للفلسطينيين. بايدن الديمقراطي فعل هذا، وترامب الجمهوري يفعل هذا.
وبالطبع، مواقف ترامب وما يفعله ما بين أوكرانيا وفلسطين هو في جانب أساسي منه يعبر عن نظرة عنصرية للفلسطينيين والعرب. هو ليس وحده في هذا، إنما كل الدول الغربية في الحقيقة لديها هذه النظرة العنصرية. هم يعتبرون أن ما يجوز للغربيين لا يجوز بالنسبة إلى العرب بشكل عام.
لكن هناك أسبابا أبعد وأعمق من كل هذا في مقدمتها أن أمريكا والدول الأوروبية يعتبرون أن المشروع الصهيوني مشروعهم، وأن إسرائيل تحقق استراتيجيتهم في المنطقة العربية.
لكل هذا، هذه المفارقة التي يتحدث عنها الكاتبان بين تعامل ترامب مع أوكرانيا ومع فلسطين هي في الحقيقة مفارقة طبيعية مفهومة.
الكاتبان ينهيان تحليلهما بالقول: إذا كان ترامب يستطيع رفض الحجج والمبررات السياسية التي أشعلت حرب أوكرانيا ثلاث سنوات ويستطيع بشكل منطقي ومبرر أن يعمل على إنهاء هذه الحرب وتحقيق السلام، فإنه بالتأكيد يستطيع أن يفعل ذلك في الشرق الأوسط.
بالطبع هو يستطيع أن يفعل ذلك لكنه لا يريد.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك