العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١٢٢ - الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ شعبان ١٤٤٦هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

الرئيس «ترامب».. والمثل الشعبي «وين أذنك يا حبشي؟»

للمثل‭ ‬الشعبي‭ ‬والخليجي‭ ‬الدارج‭: ‬‮«‬وين‭ ‬أذنك‭ ‬يا‭ ‬حبشي؟‮»‬‭ ‬قصة،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تروى‭.. ‬حيث‭ ‬يحكى‭ ‬أن‭ ‬رجلا‭ ‬سأل‭ ‬رجلا‭ ‬من‭ ‬الحبشة‭: ‬أين‭ ‬أذنك؟‭ ‬فقام‭ ‬الرجل‭ ‬الحبشي‭ ‬برفع‭ ‬يده‭ ‬اليمنى‭ ‬فوق‭ ‬رأسه‭ ‬ولمس‭ ‬بها‭ ‬أذنه‭ ‬اليسرى،‭ ‬وقال‭: ‬هذه‭ ‬أذني‭.. ‬وكان‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يلمس‭ ‬باليد‭ ‬اليمنى‭ ‬الأذن‭ ‬اليمنى‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬القفز‭ ‬فوق‭ ‬الرأس‭ ‬ولمس‭ ‬الأذن‭ ‬اليسرى‭.. ‬وقد‭ ‬ذهب‭ ‬هذا‭ ‬المثل‭ ‬لوصف‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬يأتي‭ ‬بإجابة‭ ‬بعيدة‭ ‬وطويلة‭.. ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وضوح‭ ‬الطريق‭ ‬وسرعة‭ ‬الطريقة‭.‬

المثل‭ ‬ذاته‭ ‬ينطبق‭ ‬تماما‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬حديث‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬حينما‭ ‬دعا‭ ‬إلى‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الدعوة‭ ‬هي‭ ‬الحل‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وسوف‭ ‬تقبل‭ ‬بها‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬معا‭.. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬حل‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬الحرب‭ ‬والانتهاكات،‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وفق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭.‬

موقف‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬من‭ ‬دعوة‭ ‬‮«‬ترامب‮»‬‭ ‬كان‭ ‬واضحا،‭ ‬وهو‭ ‬الموقف‭ ‬الثابت‭ ‬برفض‭ ‬تهجير‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وإقامة‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المستقلة‭.. ‬وكذلك‭ ‬هي‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية،‭ ‬التي‭ ‬أكدت‭ ‬أن‭ ‬السبيل‭ ‬الحقيقي‭ ‬والوحيد‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاستقرار‭ ‬والسلام‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تسوية‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وبأن‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬‮«‬تنفيذ‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬دولياً‭ ‬وتجسيد‭ ‬الدولة‭ ‬الفلسطينية‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الالتفاف‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المبادئ‭ ‬الثابتة‭ ‬والمحددات‭ ‬المستقرة،‭ ‬‮«‬لن‭ ‬يكون‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬سوى‭ ‬إطالة‭ ‬أمد‭ ‬الصراع،‭ ‬وجعل‭ ‬السلام‭ ‬أبعد‭ ‬منال‮»‬‭.. ‬وكذلك‭ ‬كان‭ ‬الموقف‭ ‬المصري‭ ‬والأردني،‭ ‬رسميا‭ ‬وشعبيا،‭ ‬حاسما‭ ‬وحازما،‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬تلك‭ ‬الدعوة‭ ‬المريبة‭..!‬

الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬وكما‭ ‬وصفه‭ ‬الأستاذ‭ ‬‮«‬عبداللطيف‭ ‬المناوي‮»‬‭ ‬في‭ ‬مقاله‭ ‬بالأمس،‭ ‬أنه‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬السياسة‭ ‬الدولية،‭ ‬وتحديدا‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وكأنها‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬مسيرته‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬المال‭ ‬والأعمال،‭ ‬حيث‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬سريعة‭ ‬عبر‭ ‬صفقات‭ ‬كبرى،‭ ‬متجاهلا‭ ‬التعقيدات‭ ‬التاريخية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬العميقة،‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬توازنات‭ ‬القوى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬

ذلك‭ ‬أن‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬لا‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬لجوء‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬جديدة،‭ ‬بل‭ ‬يطالبون‭ ‬بحقوقهم‭ ‬التاريخية‭ ‬في‭ ‬وطنهم،‭ ‬وإن‭ ‬محاولة‭ ‬فرض‭ ‬حل‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تهجير‭ ‬السكان،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬جذور‭ ‬المشكلة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الاحتلال‭ ‬والحصار،‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬سوى‭ ‬تكريس‭ ‬الظلم،‭ ‬وخلق‭ ‬أزمة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬لن‭ ‬تلبث‭ ‬أن‭ ‬تنفجر‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الجميع‭.‬

وما‭ ‬يعتبره‭ ‬ترامب‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬خطأ‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬المنطقة‭ ‬بسطحية‭ ‬وانحياز‭.. ‬وأن‭ ‬التلاعب‭ ‬بالديموغرافيا،‭ ‬وفرض‭ ‬حلول‭ ‬قسرية‭.. ‬لن‭ ‬يؤدى‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الفوضى‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭.. ‬والأسوأ‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحلول‭ ‬ستغذي‭ ‬التطرف،‭ ‬وتعزز‭ ‬الشعور‭ ‬بالإقصاء،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬المنطقة‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للاضطرابات‭ ‬والتصعيد‭.‬

ما‭ ‬يحتاج‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬والإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬إلى‭ ‬فهمه،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬لن‭ ‬يتحقق‭ ‬بفرض‭ ‬حلول‭ ‬قصيرة‭ ‬النظر‭.. ‬بل‭ ‬عبر‭ ‬معالجة‭ ‬جذور‭ ‬المشكلة،‭ ‬والاعتراف‭ ‬بحقوق‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ودعم‭ ‬حلول‭ ‬سياسية‭ ‬عادلة‭ ‬ومستدامة‭.. ‬وإن‭ ‬مصر‭ ‬والأردن،‭ ‬برفضهما‭ ‬القاطع‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار،‭ ‬لا‭ ‬يدافعان‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬أمنهما‭ ‬القومي،‭ ‬بل‭ ‬يوجهان‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬بأن‭ ‬تجاهل‭ ‬حقائق‭ ‬الجغرافيا‭ ‬والتاريخ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬إلا‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬كارثية‭ ‬أسرع‭ ‬مما‭ ‬يظن‭ ‬الجميع‭.‬

ولذلك‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬على‭ ‬مستشاري‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬‭.. ‬أن‭ ‬يفسروا‭ ‬له‭ ‬مقاصد‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭: ‬‮«‬وين‭ ‬أذنك‭ ‬يا‭ ‬حبشي؟‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا