العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧١١٤ - الخميس ٣٠ يناير ٢٠٢٥ م، الموافق ٣٠ رجب ١٤٤٦هـ

الكواليس

وفاء جناحي

waffajanahi@gmail.com

كيف تتحول إلى وحش

هل‭ ‬تريد‭ ‬عزيزي‭ ‬الخجول‭ ‬الطيب‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬الوحش‭ ‬الكائن‭ ‬في‭ ‬داخلك‭ ‬وفي‭ ‬داخل‭ ‬كل‭ ‬إنسان؟‭ ‬ادخل‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬لتصبح‭ ‬وحشا‭ ‬يصفق‭ ‬لك‭ ‬الناس‭.‬

الطريقة‭ ‬الصاروخية‭ ‬للشهرة‭ ‬وأعتقد‭ ‬للكسب‭ ‬المادي‭ ‬في‭ ‬زمننا‭ ‬البشع‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬تضع‭ ‬أمامك‭ ‬تليفونك‭ ‬وتخرج‭ ‬الوحش‭ ‬الكامن‭ ‬في‭ ‬أعماقك‭ ‬وتنتقد‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬لا‭ ‬يعجبك‭ ‬بأسلوب‭ ‬غير‭ ‬راق،‭ ‬وتشتم‭ ‬كما‭ ‬تشاء‭ ‬وتتنمر‭ (‬كل‭ ‬ما‭ ‬طولت‭ ‬لسانك‭ ‬أكثر‭ ‬اشتهرت‭ ‬وحبوك‭ ‬الناس‭ ‬أكثر‭)‬،‭ ‬نعم‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬مع‭ ‬الاسف‭ ‬الشديد‭ ‬هذه‭ ‬الايام،‭ ‬الناس‭ ‬اصبحت‭ ‬تصفق‭ ‬وتحب‭ ‬من‭ ‬يشتم‭ ‬ويصرخ‭ ‬بأسلوب‭ ‬غير‭ ‬راق‭ ‬بل‭ ‬ويقل‭ ‬أدبه،‭ ‬سبحان‭ ‬الله‭.‬

انصعقت‭ ‬منذ‭ ‬أيام‭ ‬وأنا‭ ‬أشاهد‭ ‬فيديو‭ ‬لشاب‭ ‬وهو‭ ‬يتكلم‭ ‬بأسلوب‭ ‬وقح‭ ‬جدا‭ ‬ويرد‭ ‬على‭ ‬إحدى‭ ‬المتابعات‭ ‬وانتقادها‭ ‬لأمر‭ ‬ما،‭ ‬وكان‭ ‬اسلوبه‭ ‬ليس‭ ‬وقحا‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬فيه‭ ‬جرعة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الشتم‭ ‬والتنمر‭ ‬غير‭ ‬المعقول،‭ ‬المصيبة‭ ‬أنني‭ ‬التقيت‭ ‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬قبل‭ ‬سنتين‭ ‬تقريبا‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المناسبات،‭ ‬وكان‭ ‬في‭ ‬غاية‭ ‬الخجل‭ ‬والأدب‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الوقح‭ ‬أبدا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬أصلا‭ ‬يخجل‭ ‬أن‭ ‬يتكلم‭ ‬مع‭ ‬الناس‭.‬

يا‭ ‬إلهي‭ ‬كيف‭ ‬تحول‭ ‬ذلك‭ ‬الإنسان‭ ‬الوديع‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬المتنمر‭ ‬الوقح‭ ‬بعد‭ ‬دخوله‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا؟‭ ‬هل‭ ‬تعلمون‭ ‬ما‭ ‬سر‭ ‬شهرته‭ ‬وكثرة‭ ‬متابعيه‭ ‬ومحبيه؟‭ ‬وكيف‭ ‬دخل‭ ‬عالم‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬من‭ ‬أسهل‭ ‬وأوسع‭ ‬أبوابه‭ ‬بالوقاحة‭ ‬وقلة‭ ‬احترام‭ ‬لآراء‭ ‬الاخرين،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الناس‭ ‬تصفق‭ ‬له،‭ ‬فظن‭ ‬انه‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬بل‭ ‬انه‭ ‬يظن‭ ‬نفسه‭ ‬بطلا‭ ‬لا‭ ‬يقهر‭ ‬والجميع‭ ‬يخاف‭ ‬من‭ ‬لسانه‭ ‬الطويل‭ ‬فلم‭ ‬ولن‭ ‬يتجرأ‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬بعد‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬أو‭ ‬يختلف‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬علنا،‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬سلاطة‭ ‬لسانه‭ ‬وقلة‭ ‬احترامه‭ ‬ومدى‭ ‬تنمره‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬أن‭ ‬حجمه‭ ‬صغير‭. ‬

أما‭ ‬الكارثة‭ ‬العظمى‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬أخذوه‭ ‬قدوة‭ ‬وأصبحوا‭ ‬يفعلون‭ ‬مثله،‭ ‬فهناك‭ ‬شاب‭ ‬آخر‭ ‬كنت‭ ‬أحترم‭ ‬مشواره‭ ‬وكفاحه‭ ‬وكيف‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬نفسه‭ ‬وكيف‭ ‬بدأ‭ ‬مشروعه الصغير‭ ‬الذي‭ ‬وفقه‭ ‬فيه‭ ‬رب‭ ‬العالمين‭ ‬وكبر،‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬أصبح‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬سابقه،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬مؤدبا‭ ‬ولكن‭ ‬فيديوهاته‭ ‬الأخيرة‭ ‬صارت‭ ‬وقحة‭ ‬وكلامه‭ ‬أصبح‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬بصلة‭ ‬للأدب‭  ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد،‭ ‬وتحول‭ ‬إلى‭ ‬وحش‭ ‬صغير‭ ‬الحجم‭ ‬كبير‭ ‬الضرر‭ ‬وطويل‭ ‬اللسان‭ ‬كغيره‭ ‬ممن‭ ‬يظن‭ ‬أن‭ ‬أسرع‭ ‬طريق‭ ‬للانتشار‭ ‬وحب‭ ‬الناس‭ ‬هو‭ ‬الشتم‭ ‬وطولة‭ ‬اللسان‭.‬

السؤال‭ ‬المهم‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬ونحن‭ ‬على‭ ‬باطل؟‭ ‬هل‭ ‬زمننا‭ ‬الحالي‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬وحوش‭ ‬ومتنمرين‭ ‬فقط؟‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬زمنهم‭ ‬ونحن‭ ‬أصبحنا‭ ‬عملة‭ ‬قديمة‭ ‬غير‭ ‬مرغوبة؟

ولكل‭ ‬من‭ ‬يفكر‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬لا‭ :‬لماذا‭ ‬إذن‭ ‬هم‮ ‬‭ ‬ينجحون‭ ‬ويشتهرون‭ ‬بل‭ ‬ويصبحون‭ ‬محبوبين؟‭ ‬أكيد‭ ‬أكيد‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬المتناقضين‭!!! ‬

قلتها‭ ‬من‭ ‬زمان‭ ‬هي‭ ‬خاربة‭ ‬خاربة‭.‬‮ ‬

إقرأ أيضا لـ"وفاء جناحي"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا