السياحة ليست مجرد وسيلة لجذب الزوار، بل هي محرك اقتصادي قوي يمكن أن يُحدث تحولاً جذرياً في التنمية الاقتصادية. من خلال استراتيجيات مبتكرة ترتبط بخصوصية البحرين ومميزاتها الفريدة، يمكن لهذا القطاع أن يصبح أحد الأعمدة الرئيسية للتنوع الاقتصادي. المشاريع الأخيرة مثل منتجع جزر حوار وفعاليات «ريترو المنامة» و«ليالي المحرق» تقدم نقطة انطلاق مثالية، لكن يجب أن ترتكز رؤية المستقبل على استراتيجيات أكثر جرأة وإبداعاً تربط السياحة بجميع قطاعات الاقتصاد.
تصور البحرين «مدينة سياحية ذكية» على سبيل المثال في جزر حوار، وقد يكون هذا نموذجاً غير مسبوق. باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، يمكن تحويل تجربة الزوار إلى مغامرة تفاعلية، حيث يمكنهم استكشاف التراث البحري الغني للبحرين أو الغوص في التاريخ بأسلوب رقمي. هذه المدينة الذكية يمكن أن تصبح وجهة عالمية تجذب الجيل الجديد من السياح الذين يبحثون عن تجارب فريدة ومبتكرة، وفي الوقت ذاته تدعم الابتكار التكنولوجي المحلي.
ربط السياحة بالاستثمار يمكن أن يكون خطوة أخرى لتحفيز الاقتصاد. برنامج مثل «استثمر لتستكشف» يمكن أن يقدم للمستثمرين فرصة تمويل مشاريع سياحية مبتكرة مقابل مزايا خاصة مثل الإقامة المجانية في المشاريع السياحية أو الخصومات على الأنشطة السياحية. هذا البرنامج لا يساهم فقط في زيادة تدفق رأس المال الخارجي، بل يعزز الترابط بين السياحة ورأس المال العالمي، مما يخلق دورة اقتصادية مستدامة تعود بالنفع على الجميع.
في جزر حوار، يمكن تحويل الاستدامة إلى تجربة سياحية جذابة من خلال إطلاق «واحة الطاقة المتجددة». هذه الواحة يمكن أن تعرض تقنيات الطاقة الشمسية والهيدروجينية، وتتيح للزوار فرصة عيش يوم كامل باستخدام الطاقة النظيفة فقط. هذا المشروع لا يبرز التزام البحرين بالاستدامة فقط، بل يجعل الزائرين سفراء لهذه القيم عندما يعودون إلى بلدانهم.
السياحة الثقافية يمكن أن تتحول إلى محور اقتصادي من خلال إنشاء «بنك السياحة الثقافية»، وهو مؤسسة مالية تمول المشاريع الثقافية المحلية عبر مساهمات من الشركات والمؤسسات. البنك يمكن أن يدعم فعاليات مثل «ريترو المنامة» و«ليالي المحرق»، مما يضمن استمراريتها ويزيد من عوائدها الاقتصادية، ويخلق قاعدة دعم مجتمعية قوية تعزز من التراث البحريني.
إعادة تعريف سياحة الأعمال يمكن أن تكون استراتيجية متميزة أيضاً. تنظيم المؤتمرات في أماكن غير تقليدية، مثل قاعات زجاجية مطلة على مياه جزر حوار أو مواقع تاريخية مثل بيت القرآن، يضيف بعداً جديداً لتجربة الأعمال. هذه الفكرة يمكن أن تجعل من المؤتمرات في البحرين تجارب لا تنسى، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة رائدة لسياحة الأعمال.
تحت قيادة جلالة الملك المعظم وبدعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهم الله ورعاهم، يمكن لهذه الأفكار أن تحول البحرين إلى مركز سياحي عالمي يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة. السياحة ليست فقط استقطاب الزوار، بل هي أداة لإعادة تعريف الاقتصاد البحريني.
{ ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA)
عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك