رغم خفوت حركة الشعر العامي في الآونة الأخيرة، فإنها تركت لنا في أوج عطائها روادا وأصواتا وتجارب ستظل صواري شامخة في بحور الشعر والجمال. ومن أبرز هؤلاء الشاعر علي عبدالله خليفة والشاعر عبدالرحمن رفيع والشاعر الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة، ورغم توافقهم العميق في الافتتان بالطبيعة، فإن لكل واحد منهم لونه الخاص ونكهته الخاصة التي تميز بها.
أصدر الشاعر والأديب علي عبدالله خليفة ثلاثة دواوين في الشعر العامي خلال مسيرته هي: (عطش النخيل) (عصافير المسا) (المعّنى) والعديد من الدواوين باللغة الفصحى وكان لبرنامجه الشهير عبر أثير إذاعة البحرين (ظما الأوتار) الذي من خلاله برز صوت الشعر العامي البحريني بشكل ملفت وجذاب واحتضن العديد من الأصوات الواعدة التي أخذت مكانتها في الساحة الشعرية فيما بعد، فقد تميزت أشعار الشاعر علي عبدالله خليفة بعذوبة كلماته المنتقاة والمكتنزة بالرموز والرؤى والخيال، ومد جسور اللغة الفصحى في نسق اللهجة العامية لتضفي عليها مقومات الحياة واستمرارها على الرغم من غوصها في البيئة المحلية فالشاعر لا تمر عليه الأشياء والأحداث عبثا بل تحفر في داخله نهرا عميقا من المعاناة فحين يتدفق ذلك النهر يوقظ الأشجار والبراعم والزهور، يحرض الطيور يعيد للروح الصفاء والسكينة والاتزان.
تتميز القصيدة لدى الشاعر بوحدة الموضوع وهيكلها المسبوك بحيث تحتل القصيدة عنده، فلو حذف أي فقرة أو كلمة منها تترك فراغا ملحوظا في الهيكل العام للقصيد.
تتميز القصيدة بلهجة وسطى بين الفصحى واللهجة الدارجة لتكون سهلة الوصول للمتلقي.
الافتتان بالطبيعة-الشاعر ابن بيئته كما يقال- حتى أنه لم يترك أي مفردة فيها إلا انسابت في ثنايا قصائده لتضفي عليها روحا من الشفافية الجميلة الخلابة التي تأسر النفس وتتغلغل في حنايا الوجدان.
تطوير بنية الموال الشعبي القديمة ودفعها الى فضاءات جديدة لم يتطرق لها الموال من قبل، وتحريرها من الصيغة المعهودة للموال.
استخدام الرمز ليضيف بعدا جديدا معاصرا لم تعهده القصيدة من قبل لتزداد تكثيفا وايحاء لنسق القصيدة الحديثة
وعى الشاعر المبكر بقيمة الكلمة النابعة من وجدان المجتمع وتوظيفها ودورها الفاعل في رفد الحياة الثقافية في المجتمع.
هذه هي أهم السمات الفنية الواضحة الجلية وليست كلها التي تميزت بها تجربة الشاعر المبدع علي عبدالله خليفة لتكون من أهم المنابع الدافئة المتدفقة للشعر عموما والشعر العامي خاصة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك