يحتاج الكثير من الناس في هذه الفترة من العام إلى الاهتمام بصحة الجهاز التنفسي والعمل على تعزيز صحة الرئة، وقد يلجأ البعض إلى بعض الخلطات والاعشاب المنزلية كعلاجات منزلية مساعدة لتقليل الأعراض في حالة الإصابة، ولكن ما مدى فعاليتها أو دورها الحقيقي؟ هذا ما سوف نعرفه في المقال الآتي من الدكتورة هدى عمران أخصائي الأمراض الوراثة الجزيئية بمركز الجنان الطبي.
تنتشر الأمراض التنفسية بشكل واسع بين الناس، وتتنوع العوامل التي تؤدي إليها. ويُعتبر مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) من أبرز هذه الأمراض، حيث يُقدّر أنه يؤثر على حوالي 250 مليون شخص حول العالم، ما يجعله أحد الأسباب الرئيسية للوفاة.
وتتعدد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور هذه الأمراض، بدءًا من العدوى الفيروسية والبكتيرية، وصولًا إلى التعرض لملوثات الهواء وحساسية الجهاز التنفسي. كما أن بعض الأمراض التنفسية قد تكون مرتبطة بعوامل وراثية، ما يُعقد عملية التشخيص والعلاج.
ومن بين هذه الأمراض الوراثية نجد التليف الكيسي، الذي يحدث بسبب طفرات جينية تؤثر على وظائف الجسم، ومرض خلل الحركة الهدبية الأولية، الذي يؤدي إلى ضعف حركة الأهداب في الشعب الهوائية. وتشير الإحصاءات إلى أن هذه الأمراض تؤثر على نحو 100000 شخص حول العالم، ما يزيد من خطر الإصابة بالتهابات الرئة المتكررة والفشل التنفسي.
وتتشابه الأعراض في معظم الأمراض التنفسية، من أبرزها السعال وصعوبة التنفس، ما يؤثر على جودة حياة المرضى وقدرتهم على القيام بالأنشطة اليومية؛ لذا من الضروري إجراء تقييم شامل لتحديد السبب الكامن وراء هذه الأعراض، ما يساعد في توفير العلاج المناسب.
وتُعتبر الأعشاب الطبية خيارًا طبيعيًا قد يساعد في تخفيف أعراض الأمراض التنفسية؛ إذ يُستخدم ورق اللبلاب تقليديًا لتخفيف السعال والمشكلات التنفسية، بفضل فعاليته في طرد المخاط من الشعب الهوائية وخصائصه المضادة للالتهابات. كما يحتوي الزعتر على مركبات فعالة تعزز من صحة الجهاز التنفسي وتساعد في توسيع الشعب الهوائية. في حين يعد البابونج مهدئًا طبيعيًا يساعد في تخفيف القلق والتوتر، وله خصائص مضادة للالتهابات ويهدئ تهيج الحلق. وتُستخدم لنجوت لدعم صحة الجهاز التنفسي وتخفيف السعال، نظرًا إلى احتوائها على مضادات الأكسدة.
وحديثا تمكن العلماء من دمج بعض العلاجات المعدلة مخبريا مع الأعشاب لضمان تحقيق نتائج أفضل؛ حيث استخدم الدورنيس ألفا، وهو إنزيم يُستخدم في علاج التليف الكيسي، مع علاجات مثل موسعات الشعب الهوائية، والمضادات الحيوية، للتخفيف من أعراض الأمراض التنفسية الوراثية وتحسين وظائف الرئة.
وتُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في اختيار الأعشاب المستخدمة في معالجة الأمراض التنفسية، من خلال تحليل البيانات المتعلقة باستجابة المرضى للأعشاب المختلفة؛ اذ يمكن لتطبيقات مثل HealthifyMe أو Salubar MD تقديم توصيات مخصصة بناءً على فعالية الأعشاب وسلامتها لكل مريض على حدة.
كذلك أصبح للذكاء الاصطناعي دور كبير في متابعة الأمراض التنفسية مثل التليف الكيسي، حيث تقدم تطبيقات مثل MyAir وSalubar MD خدمات عديدة للمرضى، مثل تتبع الأعراض، وتلقي التعليمات العلاجية، والتواصل مع مقدمي الرعاية الصحية، ما يسهم في تحسين جودة الرعاية.
ورغم فوائد الأعشاب يجب استخدامها بحذر؛ فقد تؤثر بعض الأعشاب على فعالية الأدوية، كما هو الحال مع تأثير الزنجبيل على الأدوية المضادة للتخثر، ما يزيد من خطر حدوث آثار جانبية. كما يمكن أن تُسبب بعض الأعشاب ردود فعل تحسسية لدى الأفراد، لذا يجب الالتزام بالجرعات المناسبة لتفادي الآثار الجانبية.
وقد تكون بعض الأعشاب غير مناسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض معينة، لذا يُنصح بتوخي الحذر عند استخدامها، وخصوصًا خلال فترة الحمل أو الرضاعة.
وفي الختام، تُعد الأمراض التنفسية تحديًا كبيرًا يتطلب اتباع مقاربة شاملة تجمع بين العلاجات الحديثة والخيارات الطبيعية مثل الأعشاب. وبالإمكان الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير طرق استخدامنا للأعشاب واكتشاف علاجات جديدة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك