كشفت البروفيسور دلال الرميحي استشاري الغدد الصماء والسكري بمستشفى العوالي أستاذ مشارك للطب الباطني في الكلية الملكية للجراحين في ايرلندا، عضو مجلس إدارة جمعية السكري البحرينية، أن داء السكري من أكثر الأمراض المزمنة غير السارية انتشارًا على مستوى العالم، ويُهدد صحة الملايين. فوفقاً للأطلس العاشر للاتحاد الدولي للسكري، فإن هناك حوالي 537 مليون شخص مصاب بالسكري في جميع أنحاء العالم، موضحة أنه من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 643 مليونا بحلول عام 2030 و783 مليونا بحلول عام 2045. هذه الأرقام تعكس الأزمة الصحية العالمية التي تواجهها المجتمعات والقطاع الصحي اليوم.
وأكدت بروفيسور الرميحي أن الإحصاءات في المملكة تظهر أن معدل انتشار السكري يقدر بحوالي 15% من البالغين وذلك بحسب المسح الصحي الوطني الأخير، وهو ما يعكس التحديات الصحية التي تواجهها البلاد. وتعتبر البحرين واحدة من الدول التي تضع العناية بالسكري في مقدمة أولوياتها الصحية، حيث تسعى لتوعية المواطنين والمقيمين وتعزيز سلوكيات نمط الحياة الصحي من أجل مكافحة هذا الداء عبر الشراكة الفاعلة بين مؤسسات الدولة ممثلة بوزارة الصحة ومراكز الرعاية الصحية الاولية والمستشفيات والجهات الأخرى ذات الصلة والتي تتوحد جهودها تحت مظلة الفريق الوطني لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية وبالدور الحيوي الذي تؤديه جمعية السكري البحرينية.
وفي إطار احتفالات اليوم العالمي للسكري، أطلق الاتحاد الدولي للسكري هذا العام شعار «السكري وجودة الحياة». ويعكس هذا الشعار أهمية التركيز على ثلاثة محاور رئيسية تتعلق بالسكري وتأثيره على الأفراد والمجتمعات وفيما يلي تفصيل هذه المحاور.
أولا - جودة الصحة الجسدية:
تُعَدُّ الصحة الجسدية الجانب الأول والرئيسي في علاج السكري. ويحتاج المتعايشون مع السكري إلى الالتزام بنمط حياة صحي يتضمن تغذية متوازنة ونشاط بدني منتظم. يشمل ذلك تناول الأطعمة الغنية بالألياف والفيتامينات، وتجنب السكريات المضافة والدهون المشبعة. كما أن ممارسة الرياضة تساعد على تحسين نسب السكر في الدم وتعزز من صحة القلب. ونشدد على ان العناية بالجسم وأعضائه تلعب دورًا أساسيًا لتفادي المضاعفات المرتبطة بالسكري وتحقيق نوعية حياة أفضل.
ثانياً - جودة الصحة النفسية:
يتناول المحور الثاني الجانب النفسي، حيث يلعب القلق والاكتئاب دورًا هاماً في حياة المتعايشين مع السكري. والضغوط النفسية يمكن أن تؤثر سلبًا على توازن نسب السكر في الدم. لذا يجب تسليط الضوء على أهمية الدعم النفسي وتوفير الموارد اللازمة لمساعدة الأفراد في التعامل مع المشاعر السلبية. ويمكن للجلسات التفاعلية وورش العمل النفسية أن تكون مفيدة جدًا في تعزيز الصحة النفسية، مما يسهم في تحسين جودة الحياة.
ثالثاً - جودة صحة المجتمع:
المحور الثالث يركز على ضرورة توفير بيئة مجتمعية تدعم المتعايشين مع السكري. حيث يجب أن تكون هناك جهود لتيسير الوصول إلى الأغذية الصحية، وإعداد الأماكن المناسبة لممارسة الرياضة والنشاط البدني. بالإضافة إلى ذلك، فمن المهم تشجيع أفراد المجتمع على دعم بعضهم البعض وتبني سلوكيات محفزة تساعد في تحسين نوعية الحياة للمتعايشين مع السكري.
وتُعتبر مملكة البحرين من الدول الرائدة في مجال العناية بالسكري وتقديم الرعاية الصحية للمتعايشين معه والمعارضين له مثل أفراد المجتمع المصابين بمرحلة ما قبل السكري. إذ تلتزم وزارة الصحة والمجلس الأعلى للصحة بتطوير استراتيجيات شاملة تستهدف تحسين نوعية حياة مرضى السكري وتعزيز الوعي الصحي في المجتمع. وللبحرين العديد من البرامج والأطر العملية التي تخدم تحسين جودة الصحة والحياة للمتعايشين مع السكري وهنا عرض لأهمها:
1. المبادرات الصحية:
أطلقت وزارة الصحة في البحرين مجموعة من المبادرات ومنها مشروع «المول الصحي» الذي يشجع المجمعات التجارية أن تفتح أبوابها للرواد قبل أوقات التسوق لتوفير بيئة مكيفة ومناسبة لممارسة الرياضة. كما تبنت جمعية السكري مبادرات منها إنشاء مضامير المشي والتي أصبحت اليوم جزءا لا يتجزأ من التخطيط العمراني لأي منطقة سكنية. بالإضافة للبرامج التوعوية التي أطلقتها جمعية السكري مثل مبادرة «تحدي المشي» ومهرجانات التوعية السنوية في نوفمبر حول التوعية بالسكري والتي تهدف إلى نشر المعلومات اللازمة حول السكري، طرق الوقاية، والعلاج. إلى جانب العديد من المؤتمرات وورش العمل والندوات التثقيفية التي تتناول أهمية التغذية السليمة والنشاط البدني. بالإضافة لإصدار النشرات التوعوية والمطبوعات والكتب التي تركز على السكري بشكل عام.
2. العيادات المتخصصة:
تم تأسيس عدد من العيادات المتخصصة في المستشفيات العامة والخاصة، حيث تقدم رعاية متكاملة للمتعايشين مع السكري تشمل الفحوصات الدورية والمشورة الطبية والنفسية. تعمل هذه العيادات تحت إشراف أطباء متخصصين لتوفير أفضل خدمات الرعاية الصحية. كما تم إضافة عيادة متخصصة للتعامل مع زيادة الوزن والسمنة وهي عيادات محورية في الوقاية من السكري من النوع الثاني.
3. التقنيات الحديثة:
تسعى البحرين إلى دمج التقنيات الحديثة في علاج السكري، حيث يتم استخدام أجهزة قياس السكر الذكية وتطبيقات الهواتف المحمولة لمراقبة مستويات السكر وتحليل البيانات، مما يسهل على المرضى إدارة حالتهم بشكل فعال. بالإضافة إلى الجهود الكريمة من جمعية السكري البحرينية والمؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية والكثير من مؤسسات المجتمع المدني مثل كاف الإنسانية والكلمة الطيبة وجمعية الهلال الأحمر البحرينية التي تسهم بالتبرع لتوفير مضخات الأنسولين. ومن جهة أخرى ساهمت جمعية مصارف البحرين مع جمعية السكري البحرينية بدعم تبني أطفال السكري بمجسات قياس السكر.
4. دعم الأبحاث الطبية:
تُشجع مملكة البحرين على إجراء الأبحاث والدراسات المتعلقة بالسكري، حيث تسعى الجامعات والمراكز البحثية المحلية إلى فهم المزيد حول العوامل المساهمة في تفشي المرض وطرق جديدة لعلاجه والوقاية منه. ويتم نشر هذه البحوث في الدوريات الطبية وعرضها في المؤتمرات الدولية لمشاركة الخبرات المحلية في صياغة الصورة الواقعية للسكري في مملكة البحرين.
5. التعاون مع المنظمات الدولية:
تتعاون مملكة البحرين مع المنظمات الدولية مثل الاتحاد الدولي للسكري، والجمعيات الخليجية التي تعنى بالسكري مما يعزز من المبادرات المحلية ويتيح الوصول إلى أحدث المعلومات والموارد العالمية في مجال دعم المتعايشين مع السكري وآخر ما توصل له العلم في الوقاية والعلاج.
6. المشاركة المجتمعية:
تشجع مملكة البحرين على مشاركة المجتمع المدني في جهود العناية بالسكري، من خلال تنظيم فعاليات رياضية واجتماعية تهدف إلى تعزيز نمط الحياة الصحي، مما يولد روح التضامن بين أفراد المجتمع ويدعم المرضى وعائلاتهم. كما تبنت جمعية السكري زيارات لدور كبار السن لتقديم الدعم لهم والتوعية بمخاطر السكري بصور مبسطة وتفاعلية.
7. التوعية بالحياة الصحية منذ الطفولة:
بادرت جمعية السكري البحرينية بالتعاون مع الكلية الملكية للجراحين بايرلندا وبدعم من روتاري المنامة بإطلاق وحدة متنقلة للسكري تحت مسمى «تحرك معنا» وتهدف إلى توعية النشء بضرورة تبني أساليب حياة صحية لتفادي السمنة عند الأطفال وبالتالي الحد السكري من النوع.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك