تعد حياة الضابط بالجيش البريطاني توماس إدوارد لورانس، الذي عُرف على نطاق واسع باسم «لورانس العرب» أحد الألغاز الكبرى في النصف الأول من القرن العشرين، نظرا إلى الدور الغامض الذي لعبه في تأليب القبائل العربية ضد الحكم التركي في الحرب العالمية الأولى، وهو ما مهد الطريق لاحقا أمام إنجلترا وفرنسا لتعزيز نفوذهما في الشرق الأوسط.
ورغم رحيله منذ سنوات بعيدة في مثل هذا اليوم 19 مايو من عام 1935 وصدور عشرات الكتب والدراسات والبحوث التي تناولت مسيرته، فضلا عن الفيلم الشهير الذي يحمل لقبه، إلا أن الألغاز لا تزال تحيط بحياته التي تحمل الكثير من الأسرار وعلامات الاستفهام.
لا أحد يعرف على وجه الدقة ما إذا كان الشاب النحيل القصير الأشقر عدوا للعرب أم صديقا تعاطف مع قضيتهم، وهل كان يريد فعلا الاستقلال لشعوبهم أم كان كل دوره أن يمهد لاستبدال الحكم التركي بآخر غربي، وهل خدع العرب ببراعة كعميل مزدوج أم أنه هو نفسه تعرض للخداع من سلطات بلاده التي قالت إنها سوف تمنح العرب استقلالهم بمجرد انتهاء الحرب، شريطة أن يساندوا الإمبراطورية التي لم تغب عنها الشمس؟
يضاف إلى تلك الألغاز ما ورد في كتاب «الفتى ذو القناع: العالم الخفي للورانس العرب» للكاتب الصحفي البريطاني ديك بنسون جيليز. ويذهب المؤلف في هذا الكتاب الصادر قبل أربع سنوات إلى أن تلك الشخصية المحيرة وقعت في غرام سيدة لبنانية تدعى «فريدة عقل» تعرّف عليها حين زار لبنان مرتين في 1909 و1910 وأقام ببيروت وصيدا والنبطية بهدف تعلم اللغة العربية، بحسب نصيحة أحد علماء الآثار حين أخبره «لورانس» بأنه مولع بالتنقيب عن الآثار في المناطق العربية.
ويروي المؤلف أنه ذهب بنفسه إلى لبنان 1975 خصوصا، ليقف على حقيقة ما حدث في تلك العلاقة المثيرة والغامضة، حيث التقى السيدة «فريدة» قبل وفاتها فرفضت الحديث معه في هذا الأمر، لكنه فوجئ بها بعد عودته إلى بلاده تبعث له بما أسماه «رسالة اعتراف» تؤكد فيها أن علاقة حب جمعتها بالضابط البريطاني المثير للجدل. وشددت صاحبة الرسالة على أن العلاقة كانت «علاقة روحية» في المقام الأول والأخير حيث كان حبيبها «خجولا» في التعبير عن مشاعره. وأوضحت أن تلك الصلة العاطفية نشأت على خلفية تعليمها له اللغة العربية في تجربة استمرت بضعة أشهر.
ورغم أن الكتاب يتضمن مشاهد ومحطات مختلفة من سيرة توماس إدوارد لورانس، إلا أن تلك القصة المحيرة حظيت فيه بمساحة جيدة وعناية من المؤلف في سرد تفاصيلها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك