جاكرتا - (أ ف ب): لقيت مساعي جنوب إفريقيا في لاهاي لإجبار إسرائيل على وقف عمليتها العسكرية في غزة عبر رفع دعوى إبادة تاريخية ضدّها دعما واسعا في دول نامية من أمريكا اللاتينية وصولا إلى جنوب شرق آسيا.
ردّت إسرائيل بغضب على القضية، واصفة إياها بأنها «سخيفة»، لكن أنصار الفلسطينيين سواء في جنوب إفريقيا أو على الإنترنت أشادوا بالمحامين الذين أوفدتهم جنوب إفريقيا للترافع في القضية.
وفي حكم تاريخي صدر أمس، أكدت محكمة العدل الدولية أن على إسرائيل بذل كل ما في وسعها لمنع أي أعمال إبادة في غزة وتسهيل إيصال المساعدات إلى القطاع، لكن من دون إصدار الأمر المنشود من جنوب إفريقيا بوقف إطلاق النار.
يفيد خبراء بأن قضية جنوب إفريقيا الطارئة التي تتهم إسرائيل بخرق اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، المبرمة في عام 1948، في غزة كشفت النقاب عن الهوة المتزايدة بين إسرائيل وحلفائها الغربيين من جهة، وبلدان الجنوب العالمي من جهة أخرى.
وقال يوهان صوفي، المحامي المتخصص بالقانون الدولي ومدير المكتب القانوني السابق لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، إنه «لطالما اعتبرت دول الجنوب العالمي (العدالة الدولية) عدالة انتقائية».
وأضاف «ترفض دول (الجنوب) هذه الرؤية بشكل متزايد، إذ تعتبر أنها تندرج في إطار الاستعمار الجديد».
واندلع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إثر عملية «طوفان الأقصى»، وأسفر عن سقوط 26083 شهيدا معظمهم من النساء والأطفال.
ومع ارتفاع حصيلة الشهداء المدنيين وفشل الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، سعى أنصار الفلسطينيين لإيقاف العنف بالسبل القانونية.
ودعمت دول يشكّل المسلمون غالبية سكانها مثل إيران وتركيا والأردن وباكستان وبنغلادش وماليزيا والمالديف علنا القضية المرفوعة أمام محكمة العدل.
كما أيّدتها مجموعة من الدول الخاضعة لحكومات يسارية في أمريكا اللاتينية مثل بوليفيا وكولومبيا والبرازيل وفنزويلا.
وبدا الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من بين قادة أمريكا اللاتينية الأكثر اندفاعا إذ اتّهم إسرائيل بارتكاب أعمال إرهابية.
في المقابل، عارضت الولايات المتحدة القضية، كما رفضت بعض الدول المنضوية في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تأييدها حتى أن فرنسا رأت أن اتهام إسرائيل بالإبادة يمثّل «تجاوزا لعتبة أخلاقية». وبخلاف جيرانها، لم تدعم الهند القضية.
وقال الأستاذ في «جامعة برازيليا» روبرتو غولارت مينيزيس إن القوى الكبرى التي «لا تمتثل بالمجمل» لقرارات المحكمة قادرة على الضغط عليها.
وأضاف أن البرازيل تدرك أن قيمة القرار قد تكون «أخلاقية وسياسية» فحسب.
مع ذلك، حذّر صوفي من أن على واشنطن وحلفائها أخذ قضية جنوب إفريقيا على محمل الجد والإصغاء إلى الدول النامية التي تلجأ بشكل متزايد لاستخدام القانون والعدالة الدولية كورقة ضغط لمحاسبة الغرب.
وقال «إذا حافظت الولايات المتحدة والدول الحليفة لها على موقفها ضد هذا الاتجاه.. فإنها ستضعِف بشكل كبير، ولربما دائم، النظام الذي استغرقها بناؤه 75 عاما».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك