دبي - (أ ف ب): تبنت دول العالم أمس الأربعاء بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى «التحوّل» باتجاه التخلي تدريجًا عن الوقود الأحفوري بما يشمل الفحم والنفط والغاز التي تعد مسؤولة عن الاحترار العالمي. وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب28) المنعقد في دبي، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين حوالي مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.
وعند افتتاح الجلسة العامة، تبنى المندوبون الاتفاق الذي أعدّته الإمارات وقوبل ذلك بتصفيق حار من الحاضرين. وقال رئيس المؤتمر الإماراتي سلطان الجابر إنه قرار «تاريخي لتسريع العمل المناخي... لدينا لأول مرة صيغة حول الطاقات الأحفورية في الاتفاق النهائي». وتابع رئيس «أدنوك»، شركة النفط الإماراتية العملاقة، «يجب أن نكون فخورين بهذا الإنجاز التاريخي والإمارات العربية المتّحدة، بلدي، فخورة بالدور الذي أدته للتوصل» إلى الاتفاق.
وقال المفوض الأوروبي للمناخ ووبكي هويكسترا قبل الجلسة «للمرة الأولى منذ 30 عاماً، يمكننا أن نقترب الآن من بداية نهاية الوقود الأحفوري. إننا نتخذ خطوة مهمة، مهمة جدًا» لنبقي الاحترار عند 1,5 درجة مئوية. واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش أن عصر الوقود الأحفوري «يجب أن ينتهي، ويجب أن ينتهي من خلال تحقيق العدالة والإنصاف». وأكد في بيان إن ليس بوسع جميع الدول أن تستغني عن الوقود الأحفوري بالسرعة نفسها.
ورحب رئيس الوفد السعودي إلى المؤتمر البراء توفيق باتفاق دبي و«نجاح مخرجاته التي تؤكد تعدد المسارات والنهج بما يتماشى مع ظروف وأولويات كل دولة في سبيل تحقيق التنمية المستدامة». وشدد متحدثًا باسم المجموعة العربية على أهمية «تعزيز قدرات التكيف والحد من التأثر بالتغير المناخي في نطاق هدف 1,5 درجة»، ولكنه قال إن هذا التكيف مشروط بأن توفر الدول المتقدمة «الدعم المادي والتقني» للدول النامية لتحقيق أهداف «التنمية المستدامة ومحاربة الفقر».
في الاتفاق الواقع في 21 صفحة، تدعو الفقرة 28 من أصل 196 إلى «التحول في اتجاه التخلي عن الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، عبر تسريع العمل في هذا العقد الحاسم، من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 وفقا لما يوصي به العلم». ومن ثم، فإن التحول يتعلق بالطاقة، وليس بقطاعات أخرى مثل البتروكيماويات. لكن الدعوة إلى التحرك في العقد الحالي كانت مطلب الاتحاد الأوروبي خصوصا.
ولم ترد في الاتفاق عبارة «الاستغناء التدريجي» عن النفط والغاز والفحم، وهو ما طالبت به أكثر من مئة دولة والآلاف من نشطاء المناخ. والنص الذي اعتُمد بتوافق الآراء، من دون اعتراض أي من الأطراف المشاركة وهي 194 دولة ولا من الاتحاد الأوروبي، لا يعد تسوية مرضية تمامًا برأي عدد من المندوبين والمنظمات غير الحكومية التي رأت أنه يتيح للبلدان الغنية بالنفط الاستمرار في استغلال احتياطياتها.
ويتناقض الارتياح العام مع خيبة أمل الجزر الصغيرة المهددة بالغرق. وقالت آن راسموسن ممثلة جزر ساموا التي ترأس بلادها تحالف الدول الجزرية الصغيرة «لقد خطونا خطوة إلى الأمام بالنسبة للوضع الراهن ولكن ما نحتاج اليه حقًا هو تغيير أكبر من ذلك بكثير»، وهو ما قوبل بالتصفيق.
وحثت البرازيل الدول الغنية على توفير «الوسائل الضرورية» للدول النامية، حتى تتمكن من استغلال الطاقة الشمسية وتوفير الكهرباء، وتقوية اقتصادها. ودعا الامين التنفيذي للاتفاقية الإطارية للمناخ سايمن ستيل العالم إلى الانتقال فورًا إلى العمل، بقوله «على جميع الحكومات وجميع الشركات أن تحول دون تأخير هذه الالتزامات إلى نتائج ملموسة للاقتصاد». والاتفاق الذي أتى بعد ثماني سنوات من اتفاق باريس، يأتي كذلك في نهاية سنة 2023 التي سجلت أعلى درجات الحرارة على الإطلاق.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك