العدد : ١٦٨٥٨ - الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٨ - الأحد ١٩ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١١ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

كفاكم نفاقا يا رجال

تحدثت‭ ‬في‭ ‬الزاوية‭ ‬السابقة‭ ‬عن‭ ‬السخاء‭ ‬العربي‭ ‬في‭ ‬توزيع‭ ‬الألقاب‭ ‬على‭ ‬‮«‬اللي‭ ‬يسوى‭ ‬واللي‭ ‬ما‭ ‬يسواش‮»‬،‭ ‬واستنكرت‭ ‬أن‭ ‬قنوات‭ ‬تلفزيونية‭ ‬كثيرة‭ ‬استضافتني،‭ ‬بخلت‭ ‬علي‭ ‬بلقب‭ ‬‮«‬مُفكر‮»‬‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنها‭ ‬ظلت‭ ‬تضفيه‭ ‬بسخاء‭ ‬على‭ ‬أناس‭ ‬عقل‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬عقل‭ ‬سخلة‭ (‬بيبي‭ ‬المعزة‭)‬،‭ ‬وتوقفت‭ ‬عند‭ ‬مجلة‭ ‬خليجية‭ ‬أساهم‭ ‬فيها‭ ‬بمقالات‭ ‬بصورة‭ ‬شبه‭ ‬منتظمة،‭ ‬أصدرت‭ ‬مؤخرا‭ ‬ملفا‭ ‬عن‭ ‬الزواج‭ ‬والطلاق‭ ‬واستأنست‭ ‬بآراء‭ ‬من‭ ‬حسبتهم‭ ‬خبراء‭ ‬ومفكرين،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬شخص‭ ‬أعزب،‭ ‬وآخر‭ ‬تزوج‭ ‬قبل‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عشر‭ ‬سنوات،‭ ‬ولم‭ ‬تحاول‭ ‬معرفة‭ ‬شخص‭ ‬متزوج‭ ‬محترف‭ ‬ومزمن‭ ‬مثلي‭.‬

وعبت‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الرجال،‭ ‬أنهم‭ ‬يبدون‭ ‬تعاطفهم‭ ‬مع‭ ‬النساء،‭ ‬بتصوير‭ ‬الرجال‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ - ‬من‭ ‬طرف‭- ‬وحوش‭ ‬وأجلاف،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬بين‭ ‬الرجال‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬73‭%‬،‭ ‬ورغم‭ ‬أنني‭ ‬ضد‭ ‬ممارسة‭ ‬أي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬العنف‭ ‬بحق‭ ‬النساء،‭ ‬باللسان‭ ‬أو‭ ‬اليد،‭ ‬إلا‭ ‬أنني‭ ‬استنكر‭ ‬تمجيد‭ ‬النساء‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الرجال‭: ‬ما‭ ‬مقابل‭ ‬الجنس‭ ‬الناعم‭ / ‬اللطيف؟‭ ‬الخشن،‭ ‬والفظ‭ ‬أبو‭ ‬دم‭ ‬تقيل؟‭ ‬الأم‭ ‬مدرسة‭ ‬إذا‭ ‬أعددتها‭/ ‬أعددت‭ ‬شعبا‭ ‬طيب‭ ‬الأعراق‭!! ‬إذا‭ ‬أعدَّها‭ ‬من؟‭ ‬طبعا‭ ‬المقصود‭ ‬الرجل،‭ ‬وإلا‭ ‬لقال‭ ‬الشاعر‭ ‬‮«‬إذا‭ ‬أعدت‭ ‬نفسها‮»‬‭! ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يرد‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬الشاعر‭ ‬شوقي‭ ‬ببيت‭ ‬شعر‭ - ‬ولو‭ ‬مكسور‭: ‬الأب‭ ‬جامعة‭ ‬إذا‭ ‬أعددتها‭/ ‬حكمت‭ ‬من‭ ‬الصومال‭ ‬للواق‭ ‬واق‭.‬

وإذا‭ ‬تبجحت‭ ‬امرأة‭ ‬بأنها‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬مليونيرا،‭ ‬فتأكد‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مليارديرا‭ ‬قبل‭ ‬الزواج،‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬رجل‭ ‬أن‭ ‬يعرف‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬التحديد‭ ‬كم‭ ‬كلفه‭ ‬الزواج،‭ ‬لأن‭ ‬الحبل‭ ‬على‭ ‬الجرار‭ ‬ويظل‭ ‬المسكين‭ ‬يدفع‭ ‬تكاليف‭ ‬الزواج‭ ‬إلى‭ ‬أقرب‭ ‬الأجلين‭: ‬الموت‭ ‬أو‭ ‬الطلاق،‭ ‬وتردد‭ ‬النساء‭ ‬مقولات‭ ‬كثيرة‭ ‬للحط‭ ‬من‭ ‬قدر‭ ‬الرجال،‭ ‬ومنها‭ ‬أن‭ ‬العقاب‭ ‬الرادع‭ ‬لمن‭ ‬تخطف‭ ‬زوج‭ ‬امرأة‭ ‬أخرى،‭ ‬هو‭ ‬السماح‭ ‬لها‭ ‬بالاحتفاظ‭ ‬به‭. ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تناقلته‭ ‬الصحف‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬امرأة‭ ‬نشرت‭ ‬إعلانا‭ ‬مبوبا‭ ‬قالت‭ ‬فيه‭: ‬‮«‬مطلوب‭ ‬زوج‮»‬،‭ ‬فجاءتها‭ ‬مئات‭ ‬الرسائل‭ ‬المتشابهة‭ ‬النصوص‭: ‬خذي‭ ‬زوجي‭! ‬ولعل‭ ‬المرأة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬أنصفت‭ ‬الرجل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬هي‭ ‬الممثلة‭ ‬الراحلة‭ ‬جاجا‭ (‬وليس‭ ‬زازا‭) ‬غابور،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬حصر‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬تزوجت‭ ‬بهم،‭ ‬واعترفت‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ربة‭ ‬بيت‮»‬‭ ‬ممتازة،‭ ‬لأنها‭ ‬كلما‭ ‬طلقت‭ ‬رجلاً‭ ‬استولت‭ ‬على‭ ‬بيته،‭ ‬وأصبحت‭ ‬هي‭ ‬‮«‬ربته‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬مالكته،‭ ‬فالزواج‭ ‬عندها‭ ‬يتعلق‭ ‬بالحب،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الطلاق‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمال‭.‬

ولا‭ ‬يعني‭ ‬دفاعي‭ ‬المستميت‭ ‬عن‭ ‬الرجل‭ ‬العربي‭ ‬الأبي‭ ‬أنه‭ ‬بلا‭ ‬عيوب،‭ ‬ولكن‭ ‬عيوبه‭ ‬بسيطة‭ ‬ومنها‭ ‬زوغان‭ ‬العين،‭ ‬فهو‭ ‬كمن‭ ‬يذهب‭ ‬إلى‭ ‬مطعم‭ ‬ويطلب‭ ‬الطبق‭ ‬الذي‭ ‬تشتهيه‭ ‬نفسه‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يرى‭ ‬ما‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين‭ ‬من‭ ‬طعام‭ ‬حتى‭ ‬يتمناه‭ ‬لنفسه‭ ‬ويعاف‭ ‬ما‭ ‬طلبه،‭ ‬ويعاب‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬العربي‭ ‬أنه‭ ‬ديكتاتور‭ ‬في‭ ‬بيته،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬ذنب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬ذلك،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬حق‭ ‬مكتسب،‭ ‬فالديكتاتورية‭ ‬وقف‭ ‬على‭ ‬الرجال،‭ ‬يتدكتر‭ ‬عليهم‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور،‭ ‬فيتدكترون‭ ‬على‭ ‬نسائهم‭ ‬وذريتهم،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬مجرد‭ ‬فشة‭ ‬خلق‭.‬

ولأن‭ ‬ما‭ ‬كتبته‭ ‬اليوم‭ ‬سيثير‭ ‬غيظ‭ ‬النساء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬هدفت‭ ‬إليه،‭ ‬فإنني‭ ‬أختتم‭ ‬خواطري‭ ‬هذه‭ ‬بحكاية‭ ‬طريفة‭ ‬لزوج‭ ‬أمريكي،‭ ‬كان‭ ‬‮«‬يذاكر‮»‬‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬ظهر‭ ‬زوجته،‭ ‬ولما‭ ‬قفشته‭ ‬استيقظ‭ ‬ضميره،‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬يصطحبها‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬الدفء‭ ‬في‭ ‬فلوريدا،‭ ‬علَّ‭ ‬ذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تدفئة‭ ‬العواطف‭ ‬بينهما،‭ ‬وسبق‭ ‬زوجته‭ ‬بيومين‭ ‬إلى‭ ‬المصيف‭ ‬لاستئجار‭ ‬وإعداد‭ ‬مسكن،‭ ‬وبعد‭ ‬إكمال‭ ‬المهمة،‭ ‬جلس‭ ‬ليكتب‭ ‬لها‭ ‬رسالة‭ ‬إلكترونية،‭ ‬ولأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الحريص‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬والتراسل‭ ‬مع‭ ‬زوجته،‭ ‬فقد‭ ‬اكتشف‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يحتفظ‭ ‬بعنوان‭ ‬إيميلها،‭ ‬ثم‭ ‬وضع‭ ‬على‭ ‬الرسالة‭ ‬العنوان‭ ‬الذي‭ ‬أسعفته‭ ‬به‭ ‬الذاكرة،‭ ‬ولكنه‭ ‬كان‭ ‬العنوان‭ ‬الخطأ،‭ ‬ووصلت‭ ‬الرسالة‭ ‬إلى‭ ‬امرأة‭ ‬عجوز‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬فقدت‭ ‬زوجها‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬واحد،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬قرأتها‭ ‬حتى‭ ‬أطلقت‭ ‬صرخة‭ ‬مدوية‭ ‬وسقطت‭ ‬جثة‭ ‬هامدة،‭ ‬واندفع‭ ‬ذووها‭ ‬إلى‭ ‬حيث‭ ‬سقطت،‭ ‬ليجدوا‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬الكومبيوتر‭ ‬رسالة‭ ‬نصها‭: ‬زوجتي‭ ‬العزيزة،‭ ‬وصلت‭ ‬قبل‭ ‬قليل‭ ‬وأعددت‭ ‬المكان‭ ‬لاستقبالك‭ ‬غدًا‭. ‬التوقيع‭ (‬زوجك‭ ‬العزيز‭)‬،‭ ‬وملاحظة‭ ‬أسفل‭ ‬التوقيع‭: ‬الحرارة‭ ‬هنا‭ ‬فوق‭ ‬ما‭ ‬تصورت‭!!!!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا