العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٧٠ - الأحد ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٠٥ ربيع الأول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

الحماة ليست من الحُمّى

بسبب‭ ‬كثرة‭ ‬النكات‭ ‬والحكايات‭ ‬عن‭ ‬الحموات‭ (‬أمهات‭ ‬الأزواج‭ ‬من‭ ‬الجنسين‭) ‬وحشرهن‭ ‬لأنوفهن‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الزوجين،‭ ‬صار‭ ‬الكثيرون‭ ‬مقتنعين‭ ‬بأن‭ ‬الحماة‭ ‬كائن‭ ‬بملامح‭ ‬بشرية‭ ‬ولكنه‭ ‬يختلف‭ ‬عني‭ ‬وعنك‭ ‬في‭ ‬الطباع‭ ‬ويتسم‭ ‬بالشراسة‭ ‬والوحشية،‭ ‬وهكذا‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬شاباً‭ ‬يكن‭ ‬حباً‭ ‬شديداً‭ ‬لخالته‭ ‬أو‭ ‬عمته‭ ‬ويجد‭ ‬فيها‭ ‬إنسانة‭ ‬رؤومة‭ ‬وودودة،‭ ‬يودعها‭ ‬أسراره‭ ‬ويلجأ‭ ‬إليها‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬الزنقة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يتزوج‭ ‬ببنتها‭ ‬حتى‭ ‬يبدأ‭ ‬في‭ ‬الوسوسة‭ ‬ويذكَّر‭ ‬نفسه‭ ‬بأن‭ ‬تلك‭ ‬العمة‭ ‬أو‭ ‬الخالة‭ ‬الحبوبة‭ ‬صارت‭ ‬حماة‭ ‬وبالتالي‭ ‬‮«‬غولة‮»‬،‭ ‬فتنقلب‭ ‬المودة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يكنها‭ ‬لها‭ ‬إلى‭ ‬سوء‭ ‬ظن‭.‬

ولكن‭ ‬وفي‭ ‬الغالب‭ ‬الأعم‭ ‬فإن‭ ‬الحماة‭ ‬وبحكم‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬أم‮»‬‭ ‬‭ ‬وهو‭ ‬أرفع‭ ‬لقب‭ ‬عرفه‭ ‬الجنس‭ ‬البشري‭ ‬‭ ‬تكون‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬زواج‭ ‬ابنها‭ ‬أو‭ ‬بنتها‭ ‬بدرجة‭ ‬أنها‭ ‬تقف‭ ‬‮«‬ضده‭/‬ضدها‮»‬‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان،‭ ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يخطئ،‭ ‬وتحاول‭ ‬الحماة‭ ‬أن‭ ‬تبصره‭ ‬بالصواب‭ ‬والطريق‭ ‬القويم،‭ ‬فيعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬تطاولاً‭ ‬وتعدياً‭ ‬على‭ ‬خصوصياته،‭ ‬ومن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬النمونة‮»‬‭ ‬البريطاني‭ ‬ستيف‭ ‬أوين‭ ‬الذي‭ ‬يعترف‭ ‬بأنه‭ ‬شخص‭ ‬مبهدل‭ ‬في‭ ‬مظهره‭ ‬وبيته،‭ (‬هناك‭ ‬قواسم‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬ستيف‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الأزواج،‭ ‬وأنا‭ ‬منهم،‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أتعرض‭ ‬للبهدلة‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أو‭ ‬لسان‭ ‬حماتي‭.. ‬بل‭ ‬زوجتي،‭ ‬فهي‭ ‬تحب‭ ‬النظام‭ ‬والترتيب‭ ‬بينما‭ ‬أحب‭ ‬الفوضى‭ ‬المنظمة،‭ ‬وبما‭ ‬أنها‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬سفر،‭ ‬أستطيع‭ ‬أن‭ ‬أعترف‭ ‬بشجاعة‭ ‬وجرأة‭ ‬بأن‭ ‬غرفة‭ ‬النوم‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬بيتنا‭ ‬تشبه‭ ‬الآن‭ ‬شوارع‭ ‬الخرطوم‭: ‬جرائد‭ ‬وأكياس‭ ‬بلاستيك‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬والسرير‭ ‬مغطى‭ ‬بالأوراق‭ ‬وتفوح‭ ‬من‭ ‬أرجاء‭ ‬الغرفة‭ ‬روائح‭ ‬بقايا‭ ‬السندويتشات،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أثر‭ ‬لحريق،‭ ‬وأنتم‭ ‬تقرأون‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬سأكون‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استنفار‭ ‬قصوى‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬بعد‭ ‬يومين،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬أعمل‭ ‬بكل‭ ‬همة‭ ‬لتخليص‭ ‬البيت‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬العدوان‭).‬

المهم‭ ‬أن‭ ‬ستيف‭ ‬هذا‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬42‭ ‬عاماً‭ ‬وحماته‭ ‬كارولين‭ ‬ألين‭ ‬تكبره‭ ‬بثماني‭ ‬سنوات،‭ ‬وهي‭ ‬أمريكية‭ ‬ولكنها‭ ‬لم‭ ‬تطق‭ ‬البعاد‭ ‬عن‭ ‬بنتها‭ ‬فباعت‭ ‬بيتها‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬وانتقلت‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬اشترته‭ ‬في‭ ‬داربي‭ ‬بإنجلترا‭ ‬حيث‭ ‬تقيم‭ ‬بنتها‭ ‬المتزوجة‭ ‬بستيف‭ ‬أوين،‭ ‬وكلما‭ ‬زارت‭ ‬بنتها‭ ‬وجدت‭ ‬البيت‭ ‬يشبه‭ ‬‮«‬الخرابة‮»‬‭: ‬الأشياء‭ ‬مبعثرة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬ويصعب‭ ‬التمييز‭ ‬بين‭ ‬المطبخ‭ ‬وغرفة‭ ‬النوم،‭ ‬وكأم‭ ‬وحماة‭ ‬تريد‭ ‬الخير‭ ‬لبنتها‭ ‬وزوج‭ ‬بنتها‭ ‬صارت‭ ‬تتولى‭ ‬ترتيب‭ ‬بيتهما‭ ‬وتنصحهما‭ ‬بضرورة‭ ‬العناية‭ ‬بالبيت‭ ‬وتنصح‭ ‬ستيف‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬أن‭ ‬يهتم‭ ‬بمظهره‭ ‬وملابسه‭. ‬فطفح‭ ‬الكيل‭ ‬بستيف‭ ‬ولجأ‭ ‬إلى‭ ‬موقع‭ ‬إي‭ ‬باي‭ ‬eBay‭ ‬المتخصص‭ ‬في‭ ‬المزادات‭ ‬على‭ ‬الإنترنت‭ ‬وعرض‭ ‬حماته‭ ‬‮«‬للبيع‮»‬‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬قال‭ ‬إنها‭ ‬وحيدة‭ ‬وشكلها‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به،‭ ‬وطلب‭ ‬عروضاً‭ ‬للتخلص‭ ‬من‭ ‬حماته‭ ‬تبدأ‭ ‬بجنيه‭ ‬واحد‭. ‬وقد‭ ‬احتجت‭ ‬الحماة‭ ‬كارولين‭ ‬قائلة‭ ‬إنها‭ ‬جميلة‭ ‬وليست‭ ‬فقط‭ ‬‮«‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بشكلها‮»‬‭ ‬وتعجبت‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يجعل‭ ‬السعر‭ ‬الأدنى‭ ‬مائة‭ ‬جنيه‭!! ‬المهم‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أنها‭ ‬قالت‭ ‬إن‭ ‬استيف‭ ‬زوج‭ ‬بنتها‭ ‬شخص‭ ‬كسول‭ ‬وأنها‭ ‬ستظل‭ ‬تطن‭ ‬وتزن‭ ‬وتنق‭ ‬في‭ ‬أذنه‭ ‬حتى‭ ‬يتعلم‭ ‬النظام‭ ‬والانضباط‭. (‬ولم‭ ‬يحصل‭ ‬استيف‭ ‬على‭ ‬عرض‭ ‬مغر‭ ‬لبيعها‭).‬

وطالما‭ ‬نحن‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬النساء‭ ‬أدعوكم‭ ‬إلى‭ ‬الانتقال‭ ‬معي‭ ‬إلى‭ ‬ولاية‭ ‬مهاراشترا‭ ‬الهندية‭ ‬حيث‭ ‬أجازت‭ ‬السلطات‭ ‬التعليمية‭ ‬كتاباً‭ ‬للقراءة‭ ‬للصف‭ ‬الثالث‭ ‬الإعدادي‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬فصوله‭: ‬هناك‭ ‬شبه‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والحمار،‭ ‬ولكن‭ ‬الحمار‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬المرأة‭ ‬لكونه‭ ‬لا‭ ‬يشكو‭ ‬ولا‭ ‬يطنطن‭. ‬والمرأة‭ ‬المتزوجة‭ ‬قد‭ ‬تغضب‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬بيت‭ ‬أهلها،‭ ‬بينما‭ ‬الحمار‭ ‬لا‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬صاحبه‭ ‬مهما‭ ‬ضايقه‭ (‬مصدر‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات‭ ‬العدد‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬تايم‭ ‬الأمريكية‭).. ‬لعلك‭ ‬تقول‭: ‬شيء‭ ‬مستهجن‭ ‬وقبيح‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬كتاب‭ ‬مدرسي‭ ‬إيجاد‭ ‬أوجه‭ ‬شبه‭ ‬ومقارنة‭ ‬بين‭ ‬المرأة‭ ‬والحمار‭! ‬زين‭ ‬يا‭ ‬صاحبي‭ ‬وماذا‭ ‬عن‭ ‬قولك‭: ‬لا‭ ‬مؤاخذة‭..  ‬الله‭ ‬يعزك‭.. ‬كلما‭ ‬جاء‭ ‬ذكر‭ ‬الزوجة‭ ‬أو‭ ‬الحمار‭ ‬أو‭ ‬الحذاء؟‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬من‭ ‬النوع‭ ‬الذي‭ ‬يستعر‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬زوجة‮»‬‭ ‬ويستبدلها‭ ‬بمفردات‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الجماعة‭/ ‬الأهل‭/ ‬أم‭ ‬العيال‮»‬‭.. ‬ثم‭ ‬لماذا‭ ‬تتمنى‭ ‬لو‭ ‬تنشق‭ ‬الأرض‭ ‬وتبلعك‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬واقفاً‭ ‬في‭ ‬طابور‭ ‬أمام‭ ‬موظف‭ ‬رسمي‭ ‬ويسألك‭ ‬اسم‭ ‬أمك‭ ‬أو‭ ‬زوجتك؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا