زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
الحماة ليست من الحُمّى
بسبب كثرة النكات والحكايات عن الحموات (أمهات الأزواج من الجنسين) وحشرهن لأنوفهن في شؤون الزوجين، صار الكثيرون مقتنعين بأن الحماة كائن بملامح بشرية ولكنه يختلف عني وعنك في الطباع ويتسم بالشراسة والوحشية، وهكذا قد تجد شاباً يكن حباً شديداً لخالته أو عمته ويجد فيها إنسانة رؤومة وودودة، يودعها أسراره ويلجأ إليها في لحظات الزنقة، ولكن ما أن يتزوج ببنتها حتى يبدأ في الوسوسة ويذكَّر نفسه بأن تلك العمة أو الخالة الحبوبة صارت حماة وبالتالي «غولة»، فتنقلب المودة التي كان يكنها لها إلى سوء ظن.
ولكن وفي الغالب الأعم فإن الحماة وبحكم أنها «أم» – وهو أرفع لقب عرفه الجنس البشري – تكون حريصة على نجاح زواج ابنها أو بنتها بدرجة أنها تقف «ضده/ضدها» في بعض الأحيان، وهناك من يخطئ، وتحاول الحماة أن تبصره بالصواب والطريق القويم، فيعتبر ذلك تطاولاً وتعدياً على خصوصياته، ومن هذه «النمونة» البريطاني ستيف أوين الذي يعترف بأنه شخص مبهدل في مظهره وبيته، (هناك قواسم مشتركة بين ستيف والكثير من الأزواج، وأنا منهم، ولكنني لا أتعرض للبهدلة على يد أو لسان حماتي.. بل زوجتي، فهي تحب النظام والترتيب بينما أحب الفوضى المنظمة، وبما أنها الآن على سفر، أستطيع أن أعترف بشجاعة وجرأة بأن غرفة النوم الرئيسية في بيتنا تشبه الآن شوارع الخرطوم: جرائد وأكياس بلاستيك في كل ركن والسرير مغطى بالأوراق وتفوح من أرجاء الغرفة روائح بقايا السندويتشات، ولكن لا أثر لحريق، وأنتم تقرأون هذه السطور سأكون في حالة استنفار قصوى لأنه من المفترض أن تعود بعد يومين، ويجب أن أعمل بكل همة لتخليص البيت من آثار العدوان).
المهم أن ستيف هذا يبلغ من العمر 42 عاماً وحماته كارولين ألين تكبره بثماني سنوات، وهي أمريكية ولكنها لم تطق البعاد عن بنتها فباعت بيتها في أمريكا، وانتقلت إلى بيت اشترته في داربي بإنجلترا حيث تقيم بنتها المتزوجة بستيف أوين، وكلما زارت بنتها وجدت البيت يشبه «الخرابة»: الأشياء مبعثرة في كل مكان ويصعب التمييز بين المطبخ وغرفة النوم، وكأم وحماة تريد الخير لبنتها وزوج بنتها صارت تتولى ترتيب بيتهما وتنصحهما بضرورة العناية بالبيت وتنصح ستيف على وجه الخصوص أن يهتم بمظهره وملابسه. فطفح الكيل بستيف ولجأ إلى موقع إي باي eBay المتخصص في المزادات على الإنترنت وعرض حماته «للبيع» بعد أن قال إنها وحيدة وشكلها لا بأس به، وطلب عروضاً للتخلص من حماته تبدأ بجنيه واحد. وقد احتجت الحماة كارولين قائلة إنها جميلة وليست فقط «لا بأس بشكلها» وتعجبت لماذا لم يجعل السعر الأدنى مائة جنيه!! المهم في الموضوع أنها قالت إن استيف زوج بنتها شخص كسول وأنها ستظل تطن وتزن وتنق في أذنه حتى يتعلم النظام والانضباط. (ولم يحصل استيف على عرض مغر لبيعها).
وطالما نحن في أمر النساء أدعوكم إلى الانتقال معي إلى ولاية مهاراشترا الهندية حيث أجازت السلطات التعليمية كتاباً للقراءة للصف الثالث الإعدادي جاء في أحد فصوله: هناك شبه كبير بين المرأة والحمار، ولكن الحمار قد يكون أفضل من المرأة لكونه لا يشكو ولا يطنطن. والمرأة المتزوجة قد تغضب وتعود إلى بيت أهلها، بينما الحمار لا يتخلى عن صاحبه مهما ضايقه (مصدر هذه المعلومات العدد الأخير من مجلة تايم الأمريكية).. لعلك تقول: شيء مستهجن وقبيح أن يحاول كتاب مدرسي إيجاد أوجه شبه ومقارنة بين المرأة والحمار! زين يا صاحبي وماذا عن قولك: لا مؤاخذة.. الله يعزك.. كلما جاء ذكر الزوجة أو الحمار أو الحذاء؟ بل ربما تكون من النوع الذي يستعر من كلمة «زوجة» ويستبدلها بمفردات مثل «الجماعة/ الأهل/ أم العيال».. ثم لماذا تتمنى لو تنشق الأرض وتبلعك عندما تكون واقفاً في طابور أمام موظف رسمي ويسألك اسم أمك أو زوجتك؟
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك