العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

العدد : ١٦٩٢٧ - السبت ٢٧ يوليو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢١ محرّم ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

زوايا جعفرية وهاري بوتر (1)

على‭ ‬مدى‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لي‭ ‬شغل‭ ‬ولا‭ ‬شاغل‭ ‬سوى‭ ‬قراءة‭ ‬روايات‭ ‬هاري‭ ‬بوتر‭ ‬للكاتبة‭ ‬البريطانية‭ ‬ج‭. ‬ك‭. (‬جوان‭ ‬كاثلين‭) ‬رولنغ،‭ ‬وبينما‭ ‬كان‭ ‬الملايين‭ ‬يصطفون‭ ‬أمام‭ ‬المكتبات‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬وأمريكا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الجزء‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬الرواية‭ ‬كنت‭ ‬مثل‭ ‬حبيبي‭ ‬المتنبي‭ ‬أنام‭ ‬قرير‭ ‬العين‭ ‬هانيها‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كلفت‭ ‬ولدي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وقتها‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬بالوقوف‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬بدلاً‭ ‬مني‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬نسختي،‭ ‬وإرسالها‭ ‬إلي‭ ‬بالبريد‭ ‬السريع،‭ ‬وقد‭ ‬فعل‭ ‬ذلك‭ ‬مشكوراً‭ ‬مما‭ ‬حدا‭ ‬بي‭ ‬إلى‭ ‬تعديل‭ ‬وصيتي‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬نظارتي‭ ‬وساعتي‭ ‬أيضاً‭ ‬من‭ ‬نصيبه،‭ ‬وقد‭ ‬يثير‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬عجب‭ ‬البعض‭ ‬لأن‭ ‬هاري‭ ‬بوتر‭ ‬أساساً‭ ‬رواية‭ ‬للأطفال،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬البأس‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬يقرأها‭ ‬شخص‭ ‬مثلي‭ ‬كان‭ ‬محروماً‭ ‬في‭ ‬طفولته‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة،‭ ‬فباستثناء‭ ‬بعض‭ ‬الألعاب‭ ‬الكهربائية‭ ‬مثل‭ ‬النينتندو‭ ‬والبلاي‭ ‬ستيشن،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديّ‭ ‬ما‭ ‬أتسلى‭ ‬به‭ ‬على‭ ‬عهد‭ ‬الطفولة،‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬الألعاب‭ ‬كانت‭ ‬عديمة‭ ‬الجدوى‭ ‬لأنها‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬توجد‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬مخيلتي‭ ‬ولأنني‭ ‬لم‭ ‬أتعامل‭ ‬مع‭ ‬الكهرباء‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬بلغت‭ ‬سن‭ ‬اليأس‭ ‬الشبابي‭.‬

لم‭ ‬أتعلق‭ ‬طوال‭ ‬حياتي‭ ‬بعمل‭ ‬روائي‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أجزاء‭ ‬مثل‭ ‬تعلقي‭ ‬بسلسلة‭ ‬روايات‭ ‬هاري‭ ‬بوتر،‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيها‭ ‬شطح‭ ‬خيال‭ ‬طفولي‭ ‬يحوم‭ ‬بك‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬السحر،‭ ‬وأعجبت‭ ‬بالمؤلفة‭ ‬رولنغ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬إصدار‭ ‬الرواية‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬السلسلة،‭ ‬تعيش‭ ‬على‭ ‬الضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مع‭ ‬ابنتها‭ ‬الصغيرة‭ (‬نحو‭ ‬250‭ ‬جنيها‭ ‬استرلينيا‭ ‬في‭ ‬الشهر‭)‬،‭ ‬فقفز‭ ‬رصيدها‭ ‬المصرفي‭ ‬إلى‭ ‬أربعين‭ ‬مليون‭ ‬إسترليني،‭ ‬خلال‭ ‬الستة‭ ‬أشهر‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬إصدار‭ ‬الكتاب‭ ‬الأول،‭ ‬ثم‭ ‬قفز‭ ‬الى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليار‭ ‬إسترليني‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬الجزء‭ ‬الرابع‭ ‬وتحويل‭ ‬الرواية‭ ‬الى‭ ‬فيلم‭ ‬سينمائي‭.‬

‭ ‬وتذكرت‭ ‬كتابي‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬زوايا‭ ‬منفرجة‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬أصدرته‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬قطر‭. ‬نعم‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭ ‬فبسبب‭ ‬عقدة‭ ‬من‭ ‬علم‭ ‬الرياضيات‭ ‬الذي‭ ‬كاد‭ ‬يطيح‭ ‬بمستقبلي‭ ‬فإنني‭ ‬أسمّي‭ ‬الأعمدة‭ ‬الصحفية‭ ‬التي‭ ‬أكتبها‭ ‬بأسماء‭ ‬الزوايا‭ ‬في‭ ‬علم‭ ‬الهندسة،‭ ‬وظللت‭ ‬أكتب‭ ‬‮«‬زاوية‭ ‬منفرجة‮»‬‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬السودانية‭ ‬والوطن‭ ‬وعكاظ‭ ‬السعوديتين،‭ ‬ثم‭ ‬صرت‭ ‬أكتب‭ ‬‮«‬زاوية‭ ‬حادة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬المجلة‭ ‬السعودية‭ ‬اللندنية،‭ ‬وجنيت‭ ‬منها‭ ‬ثروة‭ ‬طائلة‭ ‬تمثلت‭ ‬في‭ ‬التعرف‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬الحبيب‭ ‬الراحل‭ ‬غازي‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬القصيبي‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬رحمة‭ ‬واسعة،‭ ‬وكان‭ ‬وقتها‭ ‬سفيرا‭ ‬للسعودية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا،‭ ‬ثم‭ ‬كتبت‭ ‬‮«‬زاوية‭ ‬معكوسة‮»‬‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬فواصل‭ ‬سعودية،‭ ‬ولما‭ ‬جاء‭ ‬الدور‭ ‬على‭ ‬الزاوية‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬‭ ‬غلب‭ ‬الطبع‭ ‬التطبع،‭ ‬وصارت‭ ‬القاف‭ ‬في‭ ‬‮«‬قائمة‮»‬‭ ‬غينا‭ (‬وقريبا‭ ‬بحول‭ ‬الله‭ ‬أحتفل‭ ‬باستصحاب‭ ‬قرائها‭ ‬إلى‭ ‬ربع‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬ربيعية‭ ‬غائمة‭).‬

المهم‭ ‬أنني‭ ‬لمست‭ ‬إقبالا‭ ‬على‭ ‬‮«‬الزاوية‭ ‬المنفرجة‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ولدت‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬جريدة‭ ‬الشرق‭ ‬القطرية‭ ‬ثم‭ ‬تبنتها‭ ‬الوطن‭ ‬القطرية‭ ‬فجمعت‭ ‬بعض‭ ‬المقالات‭ ‬المختارة‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬يمثل‭ ‬عصارة‭ ‬فكري‭ ‬المضطرب،‭ ‬وقوبل‭ ‬الكتاب‭ ‬بترحاب‭ ‬شديد‭ ‬وكتبت‭ ‬عنه‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصحف‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬وبحر‭ ‬الشمال،‭ ‬وجلست‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬عدة‭ ‬أيام‭ ‬لأقوم‭ ‬بحصر‭ ‬التركة‭ ‬وتقدير‭ ‬الثروة‭ ‬التي‭ ‬ستهبط‭ ‬عليّ‭ ‬من‭ ‬مبيعات‭ ‬الكتاب‭ ‬وسبل‭ ‬إنفاق‭ ‬تلك‭ ‬الثروة،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬كنت‭ ‬سأكتفي‭ ‬بزوجة‭ ‬ثانية‭ ‬أم‭ ‬أتزوج‭ ‬بالجملة‭ (‬ثلاث‭ ‬ورباع‭)‬،‭ ‬وبعد‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬مدير‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬توزيع‭ ‬الكتاب‭ ‬وقال‭ ‬وصوته‭ ‬يغرّد‭ ‬فرحاً‭ ‬إن‭ ‬مبيعات‭ ‬الكتاب‭ ‬فاقت‭ ‬كل‭ ‬تقدير‭ ‬وطلب‭ ‬مني‭ ‬زيارة‭ ‬مكتبه‭ ‬لتسلم‭ ‬الدفعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬نصيبي‭ ‬من‭ ‬عائدات‭ ‬بيعه،‭ ‬وذهبت‭ ‬إليه‭ ‬مصطحباً‭ ‬صديقاً‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬الشرطة‭ ‬ليحرسني‭ ‬من‭ ‬كيد‭ ‬اللصوص‭ ‬والنساء،‭ ‬فالنساء‭ ‬كما‭ ‬قال‭ ‬الشاعر‭ ‬علقمة‭ ‬بن‭ ‬عبدة‭ ‬الفحل‭:‬

يردن‭ ‬ثراء‭ ‬المال‭ ‬حيث‭ ‬يجدنـــــه

وشرخ‭ ‬الشباب‭ ‬عندهن‭ ‬عجيـــب

إذا‭ ‬شاب‭ ‬رأس‭ ‬المرء‭ ‬أو‭ ‬قلّ‭ ‬ماله

فليس‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬ودّهن‭ ‬نصيـــــــــب

ولعنت‭ ‬إبليس،‭ ‬وقلت‭ ‬إن‭ ‬أم‭ ‬الجعافر‭ ‬التي‭ ‬يا‭ ‬ما‭ ‬افتريت‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬مقالاتي‭ ‬أولى‭ ‬بالثروة‭ ‬المرتقبة،‭ ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬حتى‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد‭ ‬أن‭ ‬تتقاسمني‭ ‬معها،‭ ‬وذهبت‭ ‬لمقابلة‭ ‬مدير‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتولى‭ ‬توزيع‭ ‬كتابي‭ ‬ذاك‭.‬

وغدا‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬نسمع‭ ‬منه‭ ‬وعنه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا