العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

أحسدهم على ماذا؟

في‭ ‬حلقي‭ ‬مرارة،‭ ‬والسبب؟‭ ‬قرأت‭ ‬ملحقاً‭ ‬أصدرته‭ ‬مجلة‭ ‬عربية‭ ‬عن‭ ‬الممثلين‭ ‬والمطربات‭ ‬وما‭ ‬يتقاضونه‭ ‬من‭ ‬أجور،‭ ‬بعبارة‭ ‬أكثر‭ ‬دقة‭ ‬لم‭ ‬أقرأ‭ ‬‮«‬الملحق‮»‬‭ ‬بل‭ ‬مررت‭ ‬بسرعة‭ ‬على‭ ‬سطوره‭ ‬وتوقفت‭ ‬عند‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬النقود،‭ ‬وتساءلت‭: ‬لماذا‭ ‬يتقاضى‭ ‬ممثل‭ ‬عربي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬مليون‭ ‬جنيه‭ ‬مثلاً‭ ‬عن‭ ‬الفيلم‭ ‬الواحد؟‭ ‬يا‭ ‬جماعة،‭ ‬التمثيل‭ ‬محاكاة‭ ‬للواقع،‭ ‬وطالما‭ ‬بإمكاننا‭ ‬مشاهدة‭ ‬‮«‬الواقع‮»‬‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬فما‭ ‬حاجتنا‭ ‬إلى‭ ‬التمثيل؟‭ ‬لماذا‭ ‬تتقاضى‭ ‬راقصة‭ ‬40‭ ‬ألفا‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬50‭ ‬دولارا‭ ‬عن‭ ‬الليلة‭ ‬الواحدة،‭ ‬ولماذا‭ ‬يدفع‭ ‬البعض‭ ‬نحو‭ ‬300‭ ‬دولار‭ ‬لمشاهدة‭ ‬راقصة؟‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الرقص‭ ‬ذا‭ ‬قيمة‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يرقص‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منا‭ ‬في‭ ‬بيته؟‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬مشاهدة‭ ‬الرقص‭ ‬نوعاً‭ ‬من‭ ‬الإدمان‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يكتفي‭ ‬الناس‭ ‬بشراء‭ ‬أشرطة‭ ‬فيديو‭ ‬للرقص‭ ‬والراقصات‭ ‬بمبلغ‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬السبعة‭ ‬دولارات؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬الحكاية‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬إن»؟‭!‬

عادل‭ ‬إمام‭ ‬يتقاضى‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الجنيهات‭ ‬المصرية‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬فيلم‭ ‬وإلى‭ ‬حين‭ ‬إشعار‭ ‬آخر؟‭ ‬لماذا؟‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬طويلة‭ ‬وأنا‭ ‬أعمل‭ ‬ليل‭ ‬نهار‭ ‬نظير‭ ‬أجر‭ ‬مقطوع‭ ‬من‭ ‬شجرة،‭ ‬ولست‭ ‬أعمل‭ ‬مثل‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الممثلين‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬وأكدس‭ ‬الملايين‭ ‬ثم‭ ‬أنام‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬فيلم‭ ‬جديد‭ ‬يجلب‭ ‬الملايين‭ ‬المتلتلة‭! ‬هذا‭ ‬ظلم،‭ ‬وخاصة‭ ‬أنني‭ ‬في‭ ‬درجة‭ ‬وسامة‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬نفسها،‭ ‬وإذا‭ ‬وجدت‭ ‬مؤلفاً‭ ‬أو‭ ‬مخرجاً‭ ‬يقتنع‭ ‬بي‭ ‬فأستطيع‭ ‬أن‭ ‬أقف‭ ‬على‭ ‬المسرح‭ ‬وأن‭ ‬أقول‭ ‬‮«‬في‭ ‬النحي،‭ ‬نحي‭ ‬ني‮»‬‭ ‬‮«‬وأنا‭ ‬غلبان‭.. ‬وأنا‭ ‬أعيّط‮»‬،‭ ‬وأي‭ ‬عبارات‭ ‬أخرى‭ ‬قد‭ ‬تقربني‭ ‬من‭ ‬الملايين‭. ‬

طيب‭ ‬بلاش‭ ‬عادل‭ ‬إمام،‭ ‬فأنا‭ ‬أحبه‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬أحسده،‭ ‬ولكن‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬نادية‭ ‬الجندي؟‭ ‬لماذا‭ ‬تتقاضى‭ ‬ولو‭ ‬سبعين‭ ‬قرشا‭ ‬عن‭ ‬الفيلم‭ ‬الواحد؟‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬عندي‭ ‬مطلقاً‭ ‬في‭ ‬أنني‭ ‬أتفوق‭ ‬عليها‭ ‬حلاوة‭ ‬ووسامة،‭ ‬سموها‭ ‬نرجسية،‭ ‬ياسمينية،‭ ‬سمسمية،‭ ‬أنا‭ ‬حر،‭ ‬ومن‭ ‬حقي‭ ‬أن‭ ‬أفترض‭ ‬أنني‭ ‬أبُزّها‭ ‬وسامة،‭ ‬ومن‭ ‬حقي‭ ‬ان‭ ‬أعترض‭ ‬على‭ ‬الأجر‭ ‬الذي‭ ‬تتقاضاه،‭ ‬ومن‭ ‬حق‭ ‬أي‭ ‬منتج‭ ‬أن‭ ‬يعطيها‭ ‬الاجر‭ ‬الذي‭ ‬يعتقد‭ ‬أنها‭ ‬تستحقه‭. ‬بلاش‭ ‬نادية‭ ‬الجندي‭ ‬فهي‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬امرأة‭ ‬بدرجة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬لماذا‭ ‬كان‭ ‬يتم‭ ‬تكليف‭ ‬فاروق‭ ‬الفيشاوي‭ ‬بالتمثيل‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬حتى‭ ‬نظير‭ ‬سندويتش‭ ‬فول،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬مجرد‭ ‬رؤيته‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وغفر‭ ‬لي‭) ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬كان‭ ‬يسبب‭ ‬للملايين‭ ‬قرحة‭ ‬الثلاثة‭ ‬عشر؟

وبالمقابل‭ ‬إذا‭ ‬قالوا‭ ‬لي‭ ‬إن‭ ‬آثار‭ ‬الحكيم‭ ‬تتقاضى‭ ‬عشرة‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬فيلم،‭ ‬لقلت‭: ‬حرام،‭ ‬شوية،‭ ‬خلوها‭ ‬15‭ ‬مليونا،‭ ‬لأنني‭ ‬مقتنع‭ ‬بأنها‭ ‬ممثلة‭ ‬من‭ ‬الطراز‭ ‬الأول‭ ‬وأكثر‭ ‬مني‭ ‬وسامة‭ ‬بدرجة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى،‭ ‬يعني‭ ‬تستأهل،‭ ‬وجهها‭ ‬‮«‬يطمئن‭ ‬اليتامى‭ ‬والمسافرين‭ ‬والمؤبدين‮»‬،‭ ‬ولأنها‭ ‬محترمة‭ ‬فقد‭ ‬هجرت‭ ‬التمثيل‭ ‬ولزمت‭ ‬بيتها‭. ‬

وليس‭ ‬معنى‭ ‬هذا‭ ‬أنني‭ ‬أحسد‭ ‬الفنانين‭ ‬والفنانات‭ ‬لوجه‭ ‬الحسد،‭ ‬فليس‭ ‬سراً‭ ‬أنني‭ ‬ظللت‭ ‬أحلم‭ ‬مدة‭ ‬طويلة‭ ‬بالزواج‭ ‬من‭ ‬نبيلة‭ ‬عبيد،‭ ‬وكلما‭ ‬ارتفع‭ ‬أجرها‭ ‬ارتفعت‭ ‬روحي‭ ‬المعنوية،‭ ‬وتمنيت‭ ‬لها‭ ‬المزيد،‭ ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬يتهمني‭ ‬البعض‭ ‬بزوغان‭ ‬العين،‭ ‬فإنني‭ ‬أعلن‭ ‬اليوم‭ ‬طلاقها‭ ‬بأثر‭ ‬رجعي،‭ ‬وأقول‭ ‬إنني‭ ‬كنت‭ ‬معجبا‭ ‬بالممثلين‭ ‬الراحلين‭ ‬أحمد‭ ‬زكي،‭ ‬ونور‭ ‬الشريف‭. ‬المهم‭ ‬لا‭ ‬مانع‭ ‬عندي‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬يتقاضى‭ ‬عادل‭ ‬إمام‭ ‬الذي‭ ‬يتساوى‭ ‬معي‭ ‬في‭ ‬الوسامة‭ ‬جنيهاً‭ ‬ذهبياً‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ثانية‭ ‬يقف‭ ‬فيها‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرا‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬خشبة‭ ‬المسرح،‭ ‬لأنه‭ -‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬التجارية‭- ‬يجعل‭ ‬منتج‭ ‬كل‭ ‬مسلسل‭ ‬أو‭ ‬فيلم‭ ‬يشترك‭ ‬فيه‭ ‬يربح‭ ‬مئات‭ ‬الملايين،‭ ‬ولكنني‭ ‬بصراحة‭ ‬شديدة‭ ‬اتمنى‭ ‬أن‭ ‬يهبط‭ ‬أجر‭ ‬ليلى‭ ‬علوي‭ ‬إلى‭ ‬خمسة‭ ‬قروش‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬خمسة‭ ‬أفلام،‭ ‬الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنني‭ ‬مقتنع‭ ‬بأنها‭ ‬أجمل‭ ‬ألف‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬عادل‭ ‬أمام‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أحبها‭ ‬‮«‬لله‭ ‬في‭ ‬لله‮»‬،‭ ‬والأغرب‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬أنني‭ ‬لم‭ ‬أشاهد‭ ‬فيلما‭ ‬أو‭ ‬مسلسلا‭ ‬تلفزيونيا‭ ‬عربيا‭ ‬أو‭ ‬تركيا‭ ‬او‭ ‬مكسيكيا‭ ‬منذ‭ ‬ربع‭ ‬قرن،‭ ‬ولكنني‭ ‬ارى‭ ‬بعض‭ ‬وجوه‭ ‬من‭ ‬يمثلون‭ ‬فيها‭ ‬مصادفة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬وخاصة‭ ‬على‭ ‬صفحات‭ ‬الجرائد،‭ ‬وأتمنى‭ ‬لو‭ ‬أصيبت‭ ‬أقمار‭ ‬نايل‭ ‬سات‭ ‬وعربسات‭ ‬ومعها‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬بالشلل‭.‬

ربما‭ ‬المسألة‭ ‬كلها‭ ‬‮«‬حسد‭ ‬في‭ ‬حسد‮»‬،‭ ‬وربما‭ ‬كان‭ ‬ذوقي‭ ‬الفني‭ ‬أرفع‭ ‬من‭ ‬ذوق‭ ‬أولئك‭ ‬الذين‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬أولئك‭ ‬الممثلين‭ ‬والممثلات‭ ‬من‭ ‬فلتات‭ ‬الزمان‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا