زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عن مجلس الفحول ضعاف العقول
قبل سقوط نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك بشهور قليلة، تم إشهار ما يسمى «المجلس القومي للرجال»، وبعد المتغيرات التي شهدتها مصر بعد عام 2011، حسبت أن هذا المجلس اختفى، وأن مؤسسيه «اختشوا على دمهم» ولكنني اكتشفت أنه مازال «حية تسعى»، بل عاد بقوة رافعا شعاره «فلتسقط الستات». وفي سياق ذلك يدعو الرجال إلى «الكف عن الممارسات الغبية والكف عن المروءة والشهامة فيما يتعلق بالتعامل مع النساء مثلا بالامتناع عن مساعدة أي امرأة تتعرض لموقف سيئ أو حرج، يعني إذا وجدت فتاة تتعرض للتحرش، فهذا أمر لا يخصك.. «عمرك شفت راجل بينضرب في الشارع وجات ست تدافع عنه؟» وتردّ بدورك: شفت ستات بيصرخوا ويصوتوا لما يشوفوا راجل بينضرب عشان يلفتوا انتباه أهل المروءة، فيأتيك الرد: وانت كمان كراجل صوّت واصرخ لما تشوف ست بتنضرب او تتبهدل. بس مفيش نخوة وكلام فارغ، وبلاش تعرض سلامتك للخطر عشان يقولوا عليك سيد الرجالة.
ويحث المجلس الرجال على الامتناع عن شراء السلع التي تقدم إعلاناتها الترويجية أو تبيعها نساء! هذا مطلب معقول وسألتزم به شخصيا ولن أشتري كريم تفتيح البشرة ولا المسكارا المسخرة او الرموش الاصطناعية ولا أحمر الشفاه ولا الكحل، وسأقاطع البلوزات والتنانير، ولكن التجارة في بلداننا ستنهار لو حدث رد فعل نسائي وامتنعن عن شراء السلع في المتاجر التي يعمل فيها الرجال، فلم أر في بلد عربي امرأة تبيع الملابس الداخلية للرجال، بينما.... خلوها مستورة!
ولم يكتف مجلس الفحول هذا بالنهي عن الزواج بحاملات الشهادات الثانوية والجامعية، (ولا أدري لماذا لم يدع المجلس إلى عدم الزواج كليا لأن الزواج يعني اقتران رجل بامرأة)، على كل حال هذا المجلس زودها حبتين، ونصح بتفادي الزواج بمصريات، فهل صاغ هذا البند رجل ذو عقلية تجارية يريد بوار الفتيات المصريات، ليتسنى له توريد عرائس يابان وتايوان بحسب طلب الراغب في الزواج؟ كل شيء جائز!! والأدهى من كل ذلك ان المجلس القومي للرجال في مصر لا ينهى فقط عن الزواج بمصريات، بل يحث شريحة من المصريين المتزوجين بمصريات على تطليقهن بالجملة طلبا للنجاة!! نجاة من ماذا يا رجالة؟ قالوا إنه في حال الطلاق بعد الإنجاب، فإن قانون الأحوال الشخصية في مصر يعطي البيت للزوجة (هل تذكرون الشيخ الذي قال إن ملايين حالات الطلاق التي حدثت في مصر عبر الأزمنة باطلة، لأن المصري يقول عند إعلان طلاق زوجته «أنتِ طالئ» وليس طالق).
هناك درر أخرى صدرت عن المجلس: مخ الرجل أكبر من مخ المرأة، ونسبة الهيموغلوبين في الدم أعلى عند الرجال، والغريب في الأمر ان المجلس يفسر سبب ذلك: لكون المرأة تتعرض لأمور فسيولوجية شهرية تسبب لها نقصا في الهيموغلوبين، وتستنتج أدبيات (بالأحرى قِلة أدب) المجلس من كل ذلك أن جسم الرجل يعمل بكفاءة أكثر من جسم المرأة، ورغم ضعف معرفتي بشؤون الطب ووظائف أعضاء الجسم البشري فإنني أتساءل: كيف يكون جسم الرجل أعلى كفاءة، بينما جسم المرأة على صغره يحتضن الحياة وتستطيع المرأة أن تحمل كائنا آدميا في بطنها يأكل مما تأكل؟ ونفس الجسم الصغير (الناقص في تقدير المجلس الذكوري) يتحمل السهر سنوات متصلة لرعاية العيال بل سي السيد نفسه؟ أما أطرف ما في دعاوى مجلس الرجال هذا فهو اننا معشر الرجال نتفوق على النساء لأن أجسامنا تحمل كروموزومات إكس - واي بينما تحمل النساء فقط كروموزومات إكس- إكس، طيب عندنا كروموزوم واي فما القيمة المضافة التي نجنيها من كون أجسامنا تحمله؟ قالوا ان ذلك الكروموزوم يجعل الرجل أكثر حيوية! جائز، ولكن من هنَّ حولي من النساء ومنهن زوجتي وأخواتي وقريباتي وجاراتي وزميلاتي يعملن ساعات أطول من رجال العائلة ولم أسمع أياً منهن تزعم أن ذلك يعني تفوقها على الرجال.
ليس من العسف استنتاج أن المجلس هذا يتألف من أشخاص تافهين، ناقصي عقل ودين، وأتمنى أن يقاضوني، لأطالب بأن تكون جلسة المحكمة متلفزة وأمسح بهم الأرض أمام الملايين ثم أغسل الأرض سبع مرات إحداهن بالتراب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك