العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

التحية لبنتنا وستنا

مبروك‭ ‬للطالبة‭ ‬الخليجية‭ ‬ج‭. ‬ح‭. ‬غ‭. ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬درجتها‭ ‬الجامعية‭ ‬بامتياز‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬ممتازة،‭ (‬مشكلة‭ ‬يا‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬إنه‭ ‬يكون‭ ‬عند‭ ‬بعضكم‭ ‬ممنوعا‭ ‬ذكر‭ ‬اسم‭ ‬بنت‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تهنئتها‭ ‬بإنجاز‭ ‬يستحق‭ ‬الإشادة‭). ‬المهم‭ ‬مبروك‭ ‬أيضا‭ ‬للسيد‭ ‬والدها‭ ‬والسيدة‭ ‬والدتها‭ ‬وعموم‭ ‬أفراد‭ ‬أسرتها،‭ ‬فالإنسان‭ ‬لا‭ ‬ينجح‭ ‬ولا‭ ‬يفلح‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬شروط‭ ‬النجاح،‭ ‬وأبارك‭ ‬لهم‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لكون‭ ‬ابنتهم‭ ‬متفوقة‭ ‬أكاديمياً‭ ‬ولكن‭ ‬كونها‭ ‬ناضجة‭ ‬و«مسؤولة‮»‬،‭ ‬فحسبما‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬تصريحات‭ ‬صحفية‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬سر‭ ‬نجاحها‭ ‬وتفوقها‭: ‬إنه‭ ‬التخطيط‭ ‬وتحديد‭ ‬الأولويات،‭ ‬و‭... ‬إدارة‭ ‬الوقت‭! ‬

هذا‭ ‬كلام‭ ‬كبير‭ ‬ينم‭ ‬عن‭ ‬عقل‭ ‬كبير،‭ ‬فإدارة‭ ‬الوقت‭ ‬فن‭ ‬لا‭ ‬نعرفه‭ ‬في‭ ‬حياتنا،‭ ‬وتسأل‭ ‬زيدا‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬الشيء‭ ‬الفلاني‭ ‬فيتعلل‭ ‬بعبارة‭ ‬‮«‬ما‭ ‬عندي‭ ‬وقت‮»‬،‭ ‬وتستعرض‭ ‬مسيرة‭ ‬حياته‭ ‬اليومية‭ ‬فتجده‭ ‬يستيقظ‭ ‬حسب‭ ‬التساهيل،‭ ‬لأنه‭ ‬قضى‭ ‬الليل‭ ‬بطوله‭ ‬في‭ ‬الأنس‭ ‬والفرفشة‭ ‬والترويح‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬هنا‭ ‬وهناك،‭ ‬والمشوار‭ ‬الذي‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬ينقضي‭ ‬في‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬يقضيه‭ ‬في‭ ‬ساعتين‭. ‬أو‭ ‬يؤجله‭ ‬ليومين‭ ‬أو‭ ‬شهرين،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬ينسى‭ ‬أمره‭ ‬تماما‭. ‬ويكون‭ ‬ذاهباً‭ ‬لزيارة‭ ‬عمه‭ ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬فيلتقي‭ ‬عرضاً‭ ‬بصديقه‭ ‬الذي‭ ‬يدعوه‭ ‬إلى‭ ‬كوب‭ ‬شاي‭ ‬في‭ ‬مقهى‭ ‬على‭ ‬الرصيف،‭ ‬به‭ ‬تلفزيون‭ ‬ضخم‭ ‬تدور‭ ‬على‭ ‬شاشته‭ ‬رحى‭ ‬حرب‭ ‬ضروس‭ ‬كالتي‭ ‬تدور‭ ‬رحاها‭ ‬حاليا‭ ‬بين‭ ‬أندية‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الأوروبية،‭ (‬لا‭ ‬يفوتني‭ ‬هنا‭ ‬تهنئة‭ ‬جماهير‭ ‬مانشستر‭ ‬سيتي‭ ‬بفوز‭ ‬الفريق‭ ‬بكأس‭ ‬الكؤوس‭ ‬الأوروبية‭) ‬ثم‭ ‬بين‭ ‬المشاهدين‭ ‬فتعجب‭ ‬لماذا‭ ‬يتشاجر‭ ‬بحرينيان‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬يشجع‭ ‬سويسرا‭ ‬والآخر‭ ‬يموت‭ ‬في‭ ‬إيطاليا‭.. ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬صاحبنا‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬يزور‭ ‬عمه‭ ‬المريض‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬البيت‭ ‬ويسأله‭ ‬أبوه‭: ‬كيف‭ ‬حال‭ ‬عمك‭ ‬اليوم؟‭ ‬يهمهم‭ ‬قائلاً‭: ‬عمي‭ ‬منو؟‭ ‬وش‭ ‬فيه؟‭ ‬أووه‭ ‬والله‭ ‬انشغلت‭ ‬ونسيت‭ ‬أنه‭ ‬بالمستشفى‭. ‬ما‭ ‬قدرت‭ ‬أزوره‭!‬

وبسبب‭ ‬فشلنا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت،‭ ‬وهو‭ ‬الفن‭ ‬الذي‭ ‬عرفته‭ ‬الطالبة‭ ‬النابهة‭ ‬بالسليقة،‭ (‬لأن‭ ‬مناهجنا‭ ‬لا‭ ‬تعلمنا‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭ ‬واحترام‭ ‬الملكية‭ ‬العامة‭ ‬كاحترامنا‭ ‬للملكية‭ ‬الخاصة‭) ‬تتعطل‭ ‬مصالح‭ ‬العباد،‭ ‬وتبقى‭ ‬القضايا‭ ‬معلقة‭ ‬في‭ ‬المحاكم‭ ‬عشرين‭ ‬سنة‭! ‬والحل‭ ‬لمشكلاتنا‭ ‬المتعلقة‭ ‬بإدارة‭ ‬العمل‭ ‬وأداء‭ ‬الواجبات‭ ‬بنجاح‭ ‬وكفاءة‭ ‬بسيط‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬فتاتنا‭ ‬المتفوقة‭: ‬التخطيط‭ ‬وتحديد‭ ‬الأولويات‭ ‬وإدارة‭ ‬الوقت‭.‬

أنت‭ ‬موظف‭ ‬عليك‭ ‬واجبات‭ ‬معينة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تؤديها‭ ‬غداً‭ ‬ولكن‭ ‬عليك‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬البنك‭ ‬لسحب‭ ‬نقود‭ ‬لسداد‭ ‬مصروفات‭ ‬العيال‭ ‬المدرسية،‭ ‬ولزوجتك‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬الطبيب‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭! ‬ما‭ ‬الأولويات؟‭ ‬العمل‭ ‬الرسمي‭ ‬أولاً‭ ‬بالطبع،‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬بذل‭ ‬جهد‭ ‬لأدائه‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬أو‭ ‬تكليف‭ ‬زميل‭ ‬بأداء‭ ‬جانب‭ ‬منه،‭ ‬أو‭ ‬كله،‭ ‬فالمهم‭ ‬أن‭ ‬تعطيل‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬جانبك‭ ‬سيعطل‭ ‬عمل‭ ‬زملائك‭ ‬ويضر‭ ‬بمصالح‭ ‬جهة‭ ‬عملك‭ ‬وربما‭ ‬الجمهور‭ ‬العام‭. ‬ثم‭ ‬أحسبها‭: ‬مشوار‭ ‬البنك‭ ‬نصف‭ ‬ساعة،‭ ‬وسداد‭ ‬المصروفات‭ ‬المدرسية‭ ‬لن‭ ‬يستغرق‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ربع‭ ‬ساعة‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬زحمة‭ ‬المرور‭ ‬قد‭ ‬يستغرق‭ ‬الأمر‭ ‬برمته‭ ‬ساعة‭ ‬ونصف‭ ‬الساعة،‭ ‬وموعد‭ ‬المدام‭ ‬مع‭ ‬الطبيب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤجله‭ ‬إلى‭ ‬المساء‭. ‬صحيح‭ ‬أنها‭ ‬ستطنطن‭ ‬وتنقنق،‭ ‬ولكنك‭ ‬تستطيع‭ ‬إسكاتها‭ ‬بإبلاغها‭ ‬بأن‭ ‬الزغللة‭ ‬التي‭ ‬تحس‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬عينيها‭ ‬بسبب‭ ‬عامل‭ ‬السن،‭ ‬وسيأتي‭ ‬المساء،‭ ‬وعلى‭ ‬مسؤوليتي‭ ‬ستقول‭ ‬لك‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬داعي‭ ‬للذهاب‭ ‬إلى‭ ‬العيادة‭.‬

والطالب‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬إتقان‭ ‬فن‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭. ‬الكيمياء‭ ‬صعبة،‭ ‬ولهذا‭ ‬سأبدأ‭ ‬استذكارها‭ ‬قبل‭ ‬موعد‭ ‬الامتحانات‭ ‬بشهرين،‭ ‬وسأخصص‭ ‬لها‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬متتالية‭. ‬أما‭ ‬اللغة‭ ‬الانجليزية‭ ‬فلا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬مراجعة‭ ‬دروسها‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الامتحانات‭.. ‬أيهما‭ ‬أفضل‭ ‬أن‭ ‬أنام‭ ‬مبكراً‭ ‬أو‭ ‬أستيقظ‭ ‬مبكرا‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬أسهر‭ ‬وأذاكر‭ ‬وأصحو‭ ‬متأخراً؟‭ ‬ولديَّ‭ ‬شخصيا‭ ‬أسلوب‭ ‬ناجع‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الوقت‭ ‬وهو‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أرحب‭ ‬بأي‭ ‬زائر‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬العمل‭. ‬وبالمكشوف‭ ‬أقول‭ ‬لمن‭ ‬يعلن‭ ‬رغبته‭ ‬في‭ ‬زيارتي‭ ‬في‭ ‬المكتب‭ ‬إنني‭ ‬لا‭ ‬أحبذ‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬كنت‭ ‬لعدة‭ ‬أعوام‭ ‬أضع‭ ‬لوحة‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬مكتبي‭ ‬تقول‭: ‬أنا‭ ‬مشغول‭ ‬وأرجو‭ ‬عدم‭ ‬إطالة‭ ‬الزيارة‭ ‬الخاصة،‭ ‬واعتبرني‭ ‬الكثيرون‭ ‬شخصاً‭ ‬‮«‬بايخ‮»‬‭ ‬ولكنني‭ ‬ارتحت‭ ‬من‭ ‬مداهماتهم‭ ‬وصرت‭ ‬أنجز‭ ‬عملي‭ ‬أولا‭ ‬بأول،‭ ‬وبعدها‭ ‬أزوغ‭ ‬لأذهب‭ ‬إلى‭ ‬البنك‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬المدرسة‭ ‬لسداد‭ ‬مصاريف‭ ‬دراسة‭ ‬عيالي،‭ ‬واصطحاب‭ ‬زوجتي‭ ‬إلى‭ ‬العيادة‭ ‬لمرض‭ ‬لا‭ ‬دخل‭ ‬لعامل‭ ‬السنّ‭ ‬به‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا