العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

خاطرة

عبدالرحمن فلاح

المعالم.. الاتباع ثم الإبداع!

‮«‬العطاء‭ ‬في‭ ‬الاتباع‮»‬‭ ‬عبارة‭ ‬أحسبها‭ ‬تلخص‭ ‬منهج‭ ‬الإسلام‭ ‬في‭ ‬الطاعة‭ ‬والاتباع‭ ‬ينتج‭ ‬عنها‭ ‬حسن‭ ‬التدبر‭ ‬لكتاب‭ ‬لله‭ ‬تعالى،‭ ‬وسُنة‭ ‬رسوله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭ ‬يقول‭ ‬تعالى‭: (.. ‬وما‭ ‬آتاكم‭ ‬الرسول‭ ‬فخذوه‭ ‬وما‭ ‬نهاكم‭ ‬عنه‭ ‬فانتهوا‭ ‬واتقوا‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬شديد‭ ‬العقاب‭) ‬الحشر‭ / ‬7‭.‬

ونلاحظ‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬قال‭: (‬وما‭ ‬آتاكم‭ ‬الرسول‭..)‬،‭ ‬ولَم‭ ‬يقل‭: ‬‮«‬وما‭ ‬آتاكم‭ ‬النبي‭ ‬‮«‬لأن‭ ‬لفظة‮»‬‭ ‬الرسول‭ ‬‮«‬يعني‭ ‬المبلغ‭ ‬عن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬جميع‭ ‬التكاليف‭ ‬الشرعية،‭ ‬أما‭ ‬لفظة‭ ‬‮«‬النبي‮»‬،‭ ‬فهو‭ ‬الأسوة‭ ‬السلوكية‭ ‬مثل‭ ‬قوله‭ ‬تعالى،‭ ‬وهو‭ ‬يصف‭ ‬سلوكه‭ ‬مع‭ ‬أصحابه‭: (‬فبما‭ ‬رحمة‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬لنت‭ ‬لهم‭ ‬ولو‭ ‬كنت‭ ‬فظًا‭ ‬غليظ‭ ‬القلب‭ ‬لانفضوا‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬فاعف‭ ‬عنهم‭ ‬واستغفر‭ ‬لهم‭ ‬وشاورهم‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬فإذا‭ ‬عزمت‭ ‬فتوكل‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬إن‭ ‬الله‭ ‬يحب‭ ‬المتوكلين‭) ‬آل‭ ‬عمران‭ / ‬159‭. ‬

إذًا،‭ ‬فالرسول‭ (‬صلى‭ ‬اللًه‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬أولى‭ ‬في‭ ‬الاتباع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يبلغه‭ ‬عن‭ ‬ربه‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬وهذا‭ ‬الاتباع‭ ‬مظهر‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬الإيمان‭ ‬به‭ ‬كرسول،‭ ‬وخاتم‭ ‬للأنبياء‭ ‬والمرسلين‭.‬

ومن‭ ‬كمال‭ ‬خاتمية‭ ‬دينه‭ ‬أنه‭ ‬وصف‭ ‬بأنه‭ ‬كامل‭ ‬في‭ ‬قوله‭ ‬تعالى‭: (..‬اليوم‭ ‬أكملت‭ ‬لكم‭ ‬دينكم‭ ‬وأتممت‭ ‬عليكم‭ ‬نعمتي‭ ‬ورضيت‭ ‬لكم‭ ‬الإسلًام‭ ‬دينًا‭..) ‬المائدة‭ /‬3‭. ‬كما‭ ‬وصف‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أمته‭ ‬بأنها‭ ‬أمة‭ ‬وسط،‭ ‬وجعل‭ ‬معجزته‭ ‬هي‭ ‬المعجزة‭ ‬الوحيدة‭ ‬الباقية‭ ‬والخالدة،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وكذلك‭ ‬جعلناكم‭ ‬أمة‭ ‬وسطا‭ ‬لتكونوا‭ ‬شهداء‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬ويكون‭ ‬الرسول‭ ‬عليكم‭ ‬شهيدا‭) ‬البقرة‭ / ‬143‭.‬

ومن‭ ‬كمال‭ ‬الدين،‭ ‬ومن‭ ‬خاتمية‭ ‬الرسول‭ ‬أنه‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬جعل‭ ‬معجزته‭ ‬مخالفة‭ ‬لما‭ ‬ألفه‭ ‬الناس‭ ‬من‭ ‬معجزات‭ ‬مادية‭ ‬كانت‭ ‬حجة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬شاهدها،‭ ‬وانتهى‭ ‬أثرها‭ ‬بموت‭ ‬الأنبياء‭ ‬الذين‭ ‬ظهرت‭ ‬هذا‭ ‬المعجزات‭ ‬على‭ ‬أيديهم،‭ ‬ولولا‭ ‬أن‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬قد‭ ‬حفظها‭ ‬لنا‭ ‬لما‭ ‬علمت‭ ‬البشرية‭ ‬بأمرها،‭ ‬وكان‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬السابقة‭ ‬لأمة‭ ‬الإسلام‭ ‬أن‭ ‬يقدروا،‭ ‬ويوقروا‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬العجز،‭ ‬ويعرفون‭ ‬له‭ ‬منزلته‭ ‬بين‭ ‬معجزات‭ ‬الرسل‭ ‬الكرام‭. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬يوجب‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬الأمة‭ ‬الإسلامية‭ ‬وحدها‭ ‬توقير‭ ‬القرآن،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬الأمم‭ ‬الأخرى‭ ‬أن‭ ‬تنزله‭ ‬المنزلة‭ ‬التي‭ ‬يستحقها‭ ‬بين‭ ‬معجزات‭ ‬الرسل‭ (‬صلوات‭ ‬الله‭ ‬وسلامه‭ ‬عليهم‭).‬

وإذا‭ ‬كان‭ ‬الرسل‭ ‬قبل‭ ‬رسول‭ ‬الإسلام‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬توجب‭ ‬لهم‭ ‬الطاعة‭ ‬وحسن‭ ‬الاتباع،‭ ‬فإن‭ ‬رسول‭ ‬الإسلام‭ (‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭) ‬أولى‭ ‬بهذا،‭ ‬من‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الرسل‭ ‬الكرام،‭ ‬وأن‭ ‬يهتدوا‭ ‬بهديه،‭ ‬والعمل‭ ‬بشريعته‭ ‬لكمالها،‭ ‬وخاتمية‭ ‬الرسول‭ ‬المبعوث‭ ‬بها،‭ ‬وخاتمية‭ ‬المعجزة‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬على‭ ‬يديه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا