العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٣٧ - الأحد ٢٨ أبريل ٢٠٢٤ م، الموافق ١٩ شوّال ١٤٤٥هـ

خاطرة

عبدالرحمن فلاح

الأعلام.. الصِدِيقُون!

قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ومن‭ ‬يطع‭ ‬الله‭ ‬والرسول‭ ‬فأولئك‭ ‬مع‭ ‬الذين‭ ‬أنعم‭ ‬الله‭ ‬عليهم‭ ‬من‭ ‬النبيين‭ ‬والصديقين‭ ‬والشهداء‭ ‬والصالحين‭ ‬وحسن‭ ‬أولئك‭ ‬رفيقا‮»‬‭ ‬النساء‭ / ‬69‭.‬

ونلاحظ‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬الصديقين‭ ‬قد‭ ‬جاءوا‭ ‬بعد‭ ‬الرسل‭ ‬والأنبياء‭ ‬مباشرة‭ ‬وقبل‭ ‬الشهداء،‭ ‬وهم‭ ‬الذين‭ ‬اتخذوا‭ ‬من‭ ‬الصدق‭ ‬في‭ ‬القول‭ ‬والفعل‭ ‬عنوانًا‭ ‬يدل‭ ‬الناس‭ ‬عليهم،‭ ‬ومجيئ‭ ‬الصادقين‭ ‬بعد‭ ‬الأنبياء‭ ‬يدل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬عظمة‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأعلام،‭ ‬ورفعة‭ ‬شأنهم‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الشهداء‭ ‬قد‭ ‬مدحهم‭ ‬القرآن،‭ ‬ووصفهم‭ ‬بأنهم‭ ‬أحياء‭ ‬عند‭ ‬ربهم‭ ‬يرزقون،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬ولا‭ ‬تحسبن‭ ‬الذين‭ ‬قتلوا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬الله‭ ‬أمواتًا‭ ‬بل‭ ‬أحياء‭ ‬عند‭ ‬ربهم‭ ‬يرزقون‭ (‬163‭) ‬فرحين‭ ‬بما‭ ‬آتاهم‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬فضله‭ ‬ويستبشرون‭ ‬بالذين‭ ‬لم‭ ‬يلحقوا‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬خلفهم‭ ‬ألا‭ ‬خوف‭ ‬عليهم‭ ‬ولا‭ ‬هم‭ ‬يحزنون‭ (‬170‭)‬‮»‬‭ ‬آل‭ ‬عمران‭.‬

إن‭ ‬حياتهم‭ ‬لم‭ ‬تنته‭ ‬بموتهم،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬ممتدة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يرث‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الأرض‭ ‬ومن‭ ‬عليها،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬أحياء‭ ‬أنهم‭ ‬يرزقون،‭ ‬واستمرار‭ ‬الرزق‭ ‬لهم‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬الحياة،‭ ‬وهي‭ ‬حياة‭ ‬تناسب‭ ‬حياة‭ ‬البرزخ‭.‬

والحرص‭ ‬على‭ ‬الصدق،‭ ‬وتتبعه‭ ‬في‭ ‬مظانه‭ ‬أمر‭ ‬يحضنا‭ ‬الإسلام‭ ‬عليه،‭ ‬ويدعونا‭ ‬إلى‭ ‬الالتزام‭ ‬به‭ ‬لأنه‭ ‬الطريق‭ ‬السوي‭ ‬إلى‭ ‬الجنة،‭ ‬يقول‭ ‬الرسول‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭): ‬‮«‬عليكم‭ ‬بالصدق،‭ ‬فإن‭ ‬الصدق‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬البر،‭ ‬وإن‭ ‬البر‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬الجنة،‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬الرجل‭ ‬يصدق‭ ‬ويتحرى‭ ‬الصدق‭ ‬حتى‭ ‬يكتب‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬صديقًا،‭ ‬وإياكم‭ ‬والكذب،‭ ‬فإن‭ ‬الكذب‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬الفجور،‭ ‬وإن‭ ‬الفجور‭ ‬يهدي‭ ‬إلى‭ ‬النار،‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬الرجل‭ ‬يكذب‭ ‬ويتحرى‭ ‬الكذب‭ ‬حتى‭ ‬يكتب‭ ‬عند‭ ‬الله‭ ‬كذابًا‮»‬‭ ‬رواه‭ ‬الإمام‭ ‬البخاري‭.‬

والصدق‭ ‬والمداومة‭ ‬عليه،‭ ‬وتحريه‭ ‬في‭ ‬مظانه‭ ‬يقود‭ ‬صاحبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مرتبة‭ ‬عليا،‭ ‬وهي‭ ‬الصِدِّيقية،‭ ‬وهي‭ ‬صفة‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬الرسل‭ ‬الكرام،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬صفات‭ ‬أولي‭ ‬العزم‭ ‬منهم،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: ‬‮«‬واذكر‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬إبراهيم‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬صِدِّيقًا‭ ‬نبيا‮»‬‭ ‬مريم‭ / ‬41‭.‬

وقال‭ ‬سبحانه‭: ‬‮«‬واذكر‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬إدريس‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬صِدِّيقًا‭ ‬نبيًا‮»‬‭ ‬مريم‭ / ‬56‭. ‬

ولم‭ ‬ينل‭ ‬هذه‭ ‬الصفة‭ ‬العظيمة‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬إلا‭ ‬أبا‭ ‬بكر‭ ‬الصديق‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنه‭) ‬مع‭ ‬تفاوت‭ ‬في‭ ‬المنزلة‭ ‬بين‭ ‬صِديقية‭ ‬الأنبياء‭ ‬وصِديقية‭ ‬الصحابة،‭ ‬وأبو‭ ‬بكر‭ ‬الصديق‭ ‬قد‭ ‬نال‭ ‬هذه‭ ‬المنزلة‭ ‬عن‭ ‬استحقاق‭ ‬لأنه‭ ‬ما‭ ‬كذب‭ ‬قط،‭ ‬وكان‭ ‬يستقبل‭ ‬كل‭ ‬خبر‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وعنه‭ ‬بقوله‭: ‬لقد‭ ‬صدق‭! ‬ولما‭ ‬وصل‭ ‬إليه‭ ‬خبر‭ ‬الإسراء‭ ‬والمعراج،‭ ‬واستنكروا‭ ‬عليه‭ ‬تصديق‭ ‬الخبر‭ ‬دون‭ ‬تردد،‭ ‬قال‭ ‬لهم‭: ‬إني‭ ‬أصدقه‭ ‬بأمر‭ ‬السماء‭ ‬ألا‭ ‬أصدقه‭ ‬بهذا‭ ‬الخبر‭ ‬ولذلك‭ ‬سماه‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬الصِدِيق‭!‬

هؤلاء‭ ‬هم‭ ‬الصديقون‭ ‬الذين‭ ‬اصطفافهم‭ ‬ربهم‭ ‬ليكونوا‭ ‬نماذج‭ ‬يحتذى‭ ‬بها،‭ ‬وهداة‭ ‬يسير‭ ‬الناس‭ ‬على‭ ‬خطاهم،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬الصدق،‭ ‬والمتحرون‭ ‬له‭ ‬فيما‭ ‬يأخذون‭ ‬من‭ ‬قول‭ ‬وفعل،‭ ‬وفيما‭ ‬يدعون،‭ ‬ويكون‭ ‬غايتهم‭ ‬العظمى‭ ‬هي‭ ‬الصدق‭ ‬حتى‭ ‬يلقون‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وهم‭ ‬عليه،‭ ‬فينتهج‭ ‬الناس‭ ‬نهجهم،‭ ‬ويسيرون‭ ‬على‭ ‬دربهم،‭ ‬ويذوقون‭ ‬حلاوة‭ ‬أفعالهم‭ ‬وأقوالهم،‭ ‬ويكونون‭ ‬أسوة‭ ‬طيبة،‭ ‬وأحدوثة‭ ‬جميلة‭ ‬لمن‭ ‬يجيء‭ ‬بعدهم،‭ ‬ويرجو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬معيتهم‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا