العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٥٩ - الاثنين ٢٠ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ١٢ ذو القعدة ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عليك بالشوكولاتة

منذ‭ ‬الصبا‭ ‬الباكر‭ ‬وأنا‭ ‬أخاف‭ ‬من‭ ‬مدرسي‭ ‬الحساب‭ ‬أو‭ ‬الرياضيات‭ ‬وأطباء‭ ‬الأسنان،‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬مدرسي‭ ‬الحساب‭ ‬منشأه‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬عهدنا‭ ‬بالمرحلة‭ ‬الابتدائية‭ ‬يحسبون‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يعطون‭ ‬عقولنا‭ ‬الصغيرة‭ ‬الانطباع‭ ‬بأنهم‭ ‬يجرون‭ ‬بروفة‭ ‬دنيوية‭ ‬ليوم‭ ‬الحساب‭ ‬العسير،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬مسؤولون‭ ‬عن‭ ‬محاسبة‭ ‬العباد‭ ‬في‭ ‬الدنيا،‭ ‬واخترعوا‭ ‬جدول‭ ‬الضرب‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬اسمه‭ ‬يدل‭ ‬صراحة‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يسوغ‭ ‬ويبرر‭ ‬ضرب‭ ‬التلاميذ،‭ ‬أما‭ ‬خوفي‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬الأسنان‭ ‬فقد‭ ‬نشأ‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يتولى‭ ‬علاج‭ ‬أسنان‭ ‬أهل‭ ‬قريتنا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬طبيبا،‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬حداداً‭ ‬أمياً‭ ‬يصنع‭ ‬الأدوات‭ ‬الزراعية‭ ‬والسكاكين‭ ‬ويسنّها،‭ ‬ولكنه‭ ‬كان‭ ‬يقوم‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬بخلع‭ ‬أسنان‭ ‬خلق‭ ‬الله‭ ‬لوجه‭ ‬الله‭ ‬أي‭ ‬بلا‭ ‬مقابل‭ ‬بكماشة‭ ‬سوداء‭ ‬من‭ ‬صنعه‭:  ‬يصطف‭ ‬أمامه‭ ‬مرتين‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭ ‬ليعالجهم‭ ‬والعلاج‭ ‬الوحيد‭ ‬المتوافر‭ ‬لديه‭ ‬هو‭ ‬الخلع،‭ ‬يدخل‭ ‬الكماشة‭ ‬في‭ ‬فم‭ ‬هذا‭ ‬وينقلها‭ ‬إلى‭ ‬فم‭ ‬ذاك‭ ‬وهكذا‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬بلا‭ ‬تعقيم‭ ‬أو‭ ‬بطيخ،‭ ‬ولحسن‭ ‬حظنا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬العلماء‭ ‬قد‭ ‬‮«‬اخترعوا‮»‬‭ ‬المايكروبات‭ ‬والفيروسات‭ ‬وعربسات،‭ ‬وما‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬مهلكات،‭ ‬وتخيل‭ ‬حالك‭ ‬وانت‭ ‬طفل‭ ‬تنتظر‭ ‬دورك‭ ‬وتسمع‭ ‬رجلاً‭ ‬له‭ ‬شارب‭ ‬يرك‭ ‬على‭ ‬حوافه‭ ‬الصقر‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭ ‬بلا‭ ‬أدنى‭ ‬حياء‭ ‬وينزف‭: ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تنزف‭ ‬وتبتل‭ ‬ملابسك‭ ‬الداخلية‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬عليك‭ ‬الدور،‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬لديك‭ ‬ملابس‭ ‬داخلية‭ ‬أصلا‭.‬

وهكذا‭ ‬أصبح‭ ‬عندي‭ ‬خوف‭ ‬كامن‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬الأسنان‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬أسناني‭ ‬الافريقية‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تتميز‭ ‬بالقوة‭ ‬أصبحت‭ ‬لا‭ ‬تصلح‭ ‬حتى‭ ‬لمضغ‭ ‬التمر‭ ‬الرطب‭ ‬وعلك‭ ‬اللبان،‭ ‬وعزائي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الناس‭ ‬تخاف‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬الاسنان،‭ ‬ولكن‭ ‬لدي‭ ‬اليوم‭ ‬خبر‭ ‬طيب‭ ‬سيبعد‭ ‬عنا‭ ‬شبح‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اسرائيل‭ ‬مصدر‭ ‬رعب‭ ‬دائم‭ ‬لأمتنا‭ ‬الفتية،‭ ‬ومفاد‭ ‬الخبر‭ ‬أن‭ ‬الشوكولاته‭ ‬هي‭ ‬سبيل‭ ‬الخلاص‭ ‬من‭ ‬أطباء‭ ‬الأسنان‭! ‬هل‭ ‬فهمتم‭ ‬لماذا‭ ‬ظلوا‭ ‬يشنون‭ ‬حرباً‭ ‬ظالمة‭ ‬على‭ ‬الشوكولاتة‭ ‬ويتهمونها‭ ‬ظلماً‭ ‬بأنها‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬اتلاف‭ ‬اسناننا؟‭ ‬وأنها‭ ‬تعرض‭ ‬من‭ ‬يأكلها‭ ‬للإصابة‭ ‬بمرض‭ ‬السكر؟‭ ‬ما‭ ‬علينا‭ ‬فكل‭ ‬شيء‭ ‬انكشف‭ ‬وبان‭ ‬ولن‭ ‬يستطيعوا‭ ‬حرماننا‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬الحلوى‭ ‬الشهية‭ ‬بمزاعم‭ ‬وافتراءات،‭ ‬أثبت‭ ‬العلم‭ ‬خطلها‭.‬

المهم،‭ ‬خلاص،‭ ‬فقد‭ ‬اكتشف‭ ‬العلماء‭ ‬أن‭ ‬قشر‭ ‬ثمرة‭ ‬الكاكاو‭ ‬يحوي‭ ‬مضادات‭ ‬الباكتيريا‭ ‬التي‭ ‬تسبب‭ ‬تسوس‭ ‬الاسنان،‭ ‬والمعروف‭ ‬لدى‭ ‬أعداء‭ ‬طب‭ ‬الاسنان‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬‮«‬الباكتيريا‮»‬‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬‮«‬البلاك‮»‬‭ ‬تقوم‭ ‬بتحويل‭ ‬السكر‭ ‬إلى‭ ‬أحماض‭ ‬تقوم‭ ‬بنهش‭ ‬سطح‭ ‬الضرس،‭ ‬وقشر‭ ‬الكاكاو‭ ‬يتولى‭ ‬نهش‭ ‬تلك‭ ‬الباكتيريا‭ ‬وشل‭ ‬حركتها،‭ ‬وسيطرح‭ ‬في‭ ‬الاسواق‭ ‬قريباً‭ ‬غسول‭ ‬فم‭ ‬ومعجون‭ ‬أسنان‭ ‬بالكاكاو،‭ ‬وبإمكانك‭ ‬أن‭ ‬تأخذها‭ ‬من‭ ‬‮«‬قاصرها‮»‬‭ ‬وتبدأ‭ ‬يومك‭ ‬وتختمه‭ ‬بأكل‭ ‬الشوكولاته،‭ ‬ولكن‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ذلك‭ ‬عليك‭ ‬الانتظار‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬طرح‭ ‬شيكولاته‭ ‬بها‭ ‬قشرة‭ ‬الكاكاو،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬لبه‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬الآن،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬كفايتك‭ ‬من‭ ‬الشيكولاته‭ ‬دون‭ ‬خوف‭ ‬أو‭ ‬وجل،‭ ‬أدع‭ ‬بطول‭ ‬العمر‭ ‬لصاحب‭ ‬‮«‬الزاوية‭ ‬الغائمة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬دلّك‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬فيه‭ ‬عيادة‭ ‬أسنان‭ ‬وأتاح‭ ‬لك‭ ‬حرية‭ ‬تناول‭ ‬الشوكولاتة‭ ‬على‭ ‬الريق‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬وجبة‭.‬

وكتبت‭ ‬هنا‭ ‬قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أسابيع‭ ‬خلاصة‭ ‬تقارير‭ ‬طبية‭ ‬علمية‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬الكاكاو‭ ‬الأسود‭ ‬أفضل‭ ‬عقار‭ ‬عرفته‭ ‬البشرية‭ ‬لتعزيز‭ ‬وظائف‭ ‬القلب‭ ‬والدورة‭ ‬الدموية‭ (‬منشان‭ ‬تعرفوا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السواد‮»‬‭ ‬أيضا‭ ‬فيه‭ ‬خير‭ ‬وبركة‭)‬،‭ ‬وأن‭ ‬شراب‭ ‬الكاكاو‭ ‬الأسود‭ ‬يعطيك‭ ‬مزايا‭ ‬صحية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أكل‭ ‬الشوكولاتة‭ ‬السوداء،‭ ‬بس‭ ‬هذا‭ ‬مو‭ ‬معناه‭ ‬إنك‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬غيبوبة‭ ‬سكري‭ ‬وتدعو‭ ‬علي‭ ‬بالساحق‭ ‬والماحق‭ ‬والبلاء‭ ‬المتلاحق،‭ ‬فأنا‭ ‬أنصحك‭ ‬بالكاكاو‭ ‬الأسود‭ ‬والشوكولاتة‭ ‬السوداء،‭ ‬ولم‭ ‬أنصحك‭ ‬بأن‭ ‬تعطنها‭ ‬وتعجنها‭ ‬بالسكر‭ ‬الأبيض،‭ ‬وافترض‭ ‬أنك‭ ‬تعرف‭ ‬مضار‭ ‬الأبيضين‭: ‬السكر‭ ‬والملح،‭ ‬وإليك‭ ‬‮«‬أبيض‮»‬‭ ‬ثالثا‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬تلك‭ ‬الطينة‭ ‬وهو‭ ‬الطحين‭/ ‬الدقيق‭ ‬الأبيض‭ (‬منشان‭ ‬تعرفوا‭ ‬أن‭ ‬البياض‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬ضارا‭ ‬جدا‭ ‬بالصحة‭ ‬بينما‭ ‬سمرة‭ ‬البشرة‭ ‬وقاية‭ ‬من‭ ‬سرطان‭ ‬الجلد‭).‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا