زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عروس والمهر منها
بوصفي فاعل خير، لديّ اليوم عرض لا يقاوم أودّ أن أخصّ به عرب المهاجر الغربية والشتات، فبعكس ما يحسب الكثيرون فإن حال معظم العرب المقيمين في أوروبا ليس بأفضل من حال العرب المقيمين في غزة. صحيح أن في المكانين قططاً مترهلة ولكن الشاذ لا حكم له، فعرب أوروبا يعانون من القحط الاقتصادي والجدب العاطفي. بعضهم ذهب إلى هناك بحثاً عن الاستقرار الاقتصادي، والبعض الآخر بحثاً عن الأمن الشخصي، ومع ذلك فإن معظمهم يسبّون البلاد التي يقيمون فيها.. يا للجحود.. أعتقد أنه من قلة الحياء أن يشتم الانسان العربي البلدان الأخرى إذا كان بلده لا يعامله بالطريقة التي تعامل بها السلاحف في الغرب.
وإلى هؤلاء أقدم هذا العرض السخي: أعلن رجل هندي أنه على استعداده لدفع مهر يعادل 227 ألف دولار أمريكي لمن يتزوج بابنته. وكي لا تظنوا بالفتاة الظنون، أقول إن عمرها 20 سنة، وهي جميلة جداً. صحيح أنني لم أرها بالعين المجردة، ولكن فتاة يستطيع أبوها أن يدفع فيها مهراً أكثر من ربع مليون دولار لا بد أن تكون جميلة للغاية. والشروط المطلوب توافرها في العريس بسيطة للغاية، منها أن يكون جامعياً، والعرب بحمد الله جميعاً جامعيون ليس فقط بحكم انتمائهم إلى الجامعة العربية ولكن أيضاً لأن جامعاتهم تخرّج مئات الالاف من العباقرة سنوياً، ولأن للعرب علاقات حميمة مع جامعات غربية تبيع الدرجات بسعر التكلفة.
وهناك شرط آخر وهو أن يكون العريس طبيباً أو مهندساً، وهذا الشرط أكد لي أن والد العروس متخلف عقلياً، الأمر الذي يجعل الاقتران بابنته أكثر إغراء! فلو كان عاقلاً لما قبل لابنته أن تتزوج بطبيب. ربما لا يعرف صاحبنا أن الأطباء (راحت عليهم) وأن معظمهم أصبح من مستحقي الزكاة، وأن من يجد عملاً منهم يجده في غالب الأحوال بنظام السخرة فيعمل 36 ساعة متواصلة فيصبح من مستحقي العلاج الطبيعي. والأخطر من كل ذلك أن الطبيب يملك على الدوام عذراً شرعياً للبقاء بعيداً عن البيت: «عندي مناوبة.. استدعاء طارئ.. جراحة مستعجلة.. المدير مات.. المرضى أضربوا عن الشفاء».. وتتوالى الأعذار ولا تستطيع زوجة الطبيب أن تشكو وإن كانت تستطيع أن «تشُكّ».. وإذا لم يكن من الزواج من طبيب بدّ، فليكن أخصائي أمراض جلدية لأنه ليس عرضة للاستدعاء أو العمل الطارئ، وهو أكثر أجناس الأطباء هدوء أعصاب لأن مرضاه لا يموتون عادة بين يديه أثناء العلاج.
المهندسون في مختلف أنحاء العالم أفضل حالاً من غيرهم من المهنيين، ولكن صاحبنا الهندي يخطئ إذا اختار لابنته مهندساً عربياً لأنه سيلهف تلك الدولارات ثم يطعمها بقية العمر وعوداً لا يتحقق معظمها.. فنحن لا حاجة بنا إلى المهندسين، فلا شيء عندنا يحتاج إلى هندسة أو صيانة أو تخطيط.. كل شيء يسير بالبركة.. ومن ثم تجد المهندسين العرب منتشرين في الأرض يبتغون من فضل الله وترتبط أسماؤهم بمشاريع ضخمة في بلاد ضخمة لا يتحكم فيها الطفيليون.
شرط آخر وضعه والد العروس، ألا وهو القدرة على الانجاب، وعلى كل حال فالعقم الرجالي لم يعد مشكلة بعد أن تمكن الأطباء في مستشفى كريستي في مانشستر من إتقان جراحة نقل الخصية ونجحت العمليات التي أجريت لعشرات فقدوا خصوبتهم مثلا بسبب التداوي كيميائياً من السرطان، ولكن هناك مشكلة فمن يخضع لمثل تلك الجراحة ينجب أطفالاً لا يحملون كامل جيناته.
المهم: شرط الإنجاب الذي فرضه المليونير الهندي لا يمكن التحقق منه إلا بعد الزواج.. خذ المائتين وكذا ألف دولار.. ثم طلق ابنته بمعروف.. ثم لا تتزوج أبداً بعد ذلك، ففي زمن النعجة دوللي وقلوب الخنازير التي تزرع في صدور الآدميين فإن عواقب الزواج باتت غير مضمونة، ثم إنه في جميع الدول العربية تنتهي 30% من الزيجات بالطلاق و70% بالوفاة (لا تخف فالزيجات التي تنتهي بالوفاة هي الناجحة).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك