زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
فاصل غزل في الموز
أعشق الموز وأعلم أنه ولأن شكل الموز «بلدي» ويفتقر إلى القيافة والوجاهة، بالإضافة إلى رخص ثمنه، فإن الكثيرين يعتبرونه فاكهة الفقراء، وقل أن تجد بين الشباب ال«كول» في هذا الزمان من يحب الموز باعتبار أنه «بلدي»، بل إن أكل الفواكه بصفة عامة يعتبر عادة شيخوخية لا تليق بالشباب المتعولم الموتسب المفسفس اليوتيوبي (سمعت مصطلحا تكنولوجيا جديدا قبل يومين من شاب أعرفه: «سَتَّبت الآيفون»، فحسبته قد حطمه ورماه في سبت/ سلة المهملات والنفايات، ولكنه شرح لي أنه أخضع تلفونه لما يسمى بالإنجليزية ست أب set up).
وقد سبق لي أن كتبت أكثر من مقال في مدح الموز وهجاء الكوسا، وسأظل أفعل ذلك طالما أصابعي قادرة على نقر لوحة مفاتيح الكمبيوتر، ولو عرف الناس ما في الموز من فركتوز وسكروز وغلوكوز، وأن موزتين توفران للجسم الطاقة المطلوبة لممارسة الرياضة تسعين دقيقة، لزرعوه في غرف الجلوس والنوم، ومن ثم فالموز هو الفاكهة المفضلة لممارسي ألعاب القوى، وبما أنه يحتوي على التريبتوفان وهو بروتين يقوم الجسم بتحويله إلى سيروتونين فإنه يساعد على «تعديل المزاج» ويخفف من وطأة الاكتئاب والتوتر، ولهذا فإنني أبدأ يومي بموزة تقوم مقام وجبة الفطور، وفي نفس الوقت تحصنني ضد أي نرفزة قد أتعرض لها خلال ساعات العمل.
وقد سمحت هيئة الأدوية والأغذية الأمريكية مؤخراً لشركات توزيع الموز بالترويج له بوضع تنويه يؤكد أنه يسهم في خفض ضغط الدم ويقلل احتمالات السكتة الدماغية لأن الموز غني بالبوتاسيوم وفقير في «الملح»، وفي مدرسة تويكنهام بمقاطعة ميدلسيكس بإنجلترا لاحظت إدارة المدرسة أن قدرة الطلاب الاستيعابية ارتفعت بعد جعل الموز عنصراً أساسيا في وجبة الإفطار، في حين أن الألياف التي يحتويها الموز تغني الإنسان الذي يعاني الإمساك عن تعاطي الملينات الاصطناعية (التين أكثر فعالية من الموز في مكافحة الإمساك.. على مسؤوليتي).
كما أن الموز وبحكم أنه طري يريح من يعانون الاضطرابات في الأمعاء، والموز النيء (الأخضر غير المستوي يخرس القولون الهائج ويمنعه من إصدار أصوات منكرة وحركات مش كويسه) ومن ثقافتي السودانية وبحكم أن كبدي ومن دون فخر تحمل ملايين طفليات الملاريا (مما حرمني من التبرع بالدم للمحتاجين رغم أن الله حباني بفصيلة دم نادرة)، أستطيع أن أنصح القارئ بأنه إذا تعرض للسعة حشرة سببت له ألما وتورما بسيطا أن يحك موضع اللسعة بالجزء الداخلي من قشرة الموز. (وبالمناسبة فإن تلك القشرة أفضل من أي نوع من القماش في تلميع الأحذية).
وكما أن الموز يسهم في تهدئة الانفعالات النفسية فإنه يصلح أيضاً لخفض درجة حرارة الجسم في حالة الإصابة بالحمى (ولا يعني هذا أن تكتفي بأكل الموز لمعالجة الحمى)، وفي تايلاند النساء الحوامل يأكلن الموز بكميات تجارية لاعتقادهن أنه يجعل الأجنة أكثر هدوءاً قبل وبعد الولادة، ويحتوي الموز على تشكيلة كبيرة من فيتامين «ب» وإذا تعاطاه شخص يحاول التوقف عن التدخين فإن فيتاميني ب 6 وب 12 إلى جانب البوتاسيوم والمغنيسيوم المتوافر في الموز تساعد ذلك الشخص على التغلب على آثار «الانسحاب withdrawal» التي يعاني منها كل من يدمن التبغ بعد الانقطاع عنه.
An apple a day keeps the doctor away
هذا مثل إنجليزي شائع معناه أن تفاحة واحدة في اليوم تبعد عنك الطبيب، وهناك مثل جعفري يقابله يقول إن بصلة في اليوم تبعد عنك الطبيب والحبيب. المهم أن التفاح يلقى التدليل لمجرد أن شكله قيافة وحليوة في حين أن الموز يحوي أربعة أضعاف البروتين وثلاثة أضعاف الفوسفور وخمسة أضعاف فيتامين «أ» والحديد الذي في التفاح. وبالمناسبة فإن الغرب عرف الموز عن طريق العرب بل إن التسمية الإنجليزية للموز «بنانا» عربية المنشأ، فإلى عهد قريب كان الموز في حجم الإصبع وكان العرب يأتون به من شرق إفريقيا وبسبب شكله وحجمه أسموه «بنان» وهي الكلمة الفصيحة لـ«إصبع».. قال تعالى «بلى قادرين على أن نُسَوّي بنانه». سورة القيامة.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك