العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٤٥ - الجمعة ٢٢ نوفمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٠ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن الشاب الرقاصة!!

على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬ومتتابعة‭ ‬ظل‭ ‬أصدقائي‭ ‬القانونيون‭ ‬يحذرونني‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬للملاحقة‭ ‬القضائية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الراقصات‭ ‬والمذيعات‭ ‬المتشخلعات‭ ‬اللائي‭ ‬أغتابهن‭ ‬في‭ ‬مقالاتي،‭ ‬ولكنني‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬مقاومة‭ ‬‮«‬إغرائهن‮»‬‭. ‬أقصد‭ ‬أنهن‭ ‬يغرينني‭ ‬بشتمهن،‭ ‬فقد‭ ‬أبت‭ ‬الصحف‭ ‬والقنوات‭ ‬الفضائية‭ ‬العربية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬تستفزني‭ ‬بنقل‭ ‬أخبار‭ ‬ووقائع‭ ‬عن‭ ‬الراقصات‭. ‬وكان‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬أستجيب‭ ‬للاستفزاز‭ ‬واللي‭ ‬بدو‭ ‬يصير،‭ ‬يصير،‭ ‬وإذا‭ ‬قاضتني‭ ‬راقصة‭ ‬فسيكون‭ ‬دفاعي‭ ‬أنني‭ ‬شتمتها‭ ‬ورصيفاتها‭ ‬لأنهن‭ ‬دأبن‭ ‬على‭ ‬التحرش‭ ‬بي‭ ‬حتى‭ ‬وأنا‭ ‬في‭ ‬بيتي،‭ ‬مما‭ ‬عرض‭ ‬زواجي‭ ‬بل‭ ‬حياتي‭ ‬للخطر‭ ‬لأن‭ ‬أم‭ ‬المعارك‭ ‬اتهمتني‭ ‬بأنني‭ ‬أشتمهن‭ ‬للتغطية‭ ‬على‭ ‬أمور‭ ‬مريبة‭.‬

قبل‭ ‬أعوام‭ ‬قليلة‭ ‬تعالى‭ ‬النحيب‭ ‬من‭ ‬الجماهير‭ ‬الرجالية‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سمعوا‭ ‬بعزوف‭ ‬‮«‬دينا‮»‬‭ ‬عن‭ ‬الرقص‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة،‭ ‬وإعلانها‭ ‬الامتناع‭ ‬عن‭ ‬ارتداء‭ ‬بدلة‭ ‬الرقص‭ ‬المعتادة،‭ ‬واعتبروا‭ ‬ذلك‭ ‬كارثة‭ ‬مهولة،‭ ‬وشاركهم‭ ‬في‭ ‬العويل‭ ‬ولطم‭ ‬الخدود،‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬الصحفيين‭ ‬الذين‭ ‬تعوزهم‭ ‬الحصافة‭ ‬فامتهنوا‭ ‬السخافة،‭ ‬وربما‭ ‬كانت‭ ‬القيمة‭ ‬الأساسية‭ ‬لـ‮«‬دينا‮»‬‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬أول‭ ‬جامعية‭ ‬تنجح‭ ‬في‭ ‬احتراف‭ ‬الرقص،‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬أم‭ ‬جهل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬اختيرت‭ ‬أما‭ ‬مثالية‭ ‬قبل‭ ‬أعوام‭ ‬قليلة‭ ‬تسود‭ ‬الساحة‭ ‬رفسا‭ ‬وهزا‭ ‬وشخشخة‭ (‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تستبدل‭ ‬الشين‭ ‬والخاء‭ ‬الثانيتين‭ ‬باللام‭ ‬والعين‭ ‬على‭ ‬التوالي‭)‬،‭ ‬ولكن‭ ‬البديل‭ ‬جاهز‭. ‬فالشاب‭ ‬المغربي‭ ‬الأصل‭ ‬يودي‭ ‬تريجودي‭ ‬أصبح‭ ‬يمارس‭ ‬الرقص‭ ‬الشرقي‭ ‬ويلبس‭ ‬بدلة‭ ‬كلها‭ ‬هلاهيل‭ ‬وشخاليل‭ ‬وحسنة‭ ‬التهوية‭.‬

ويودي‭ ‬هذا‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬خمس‭ ‬سنوات،‭ ‬وهو‭ ‬ليس‭ ‬خريج‭ ‬جامعة‭ ‬أي‭ ‬كلام،‭ ‬فهو‭ ‬خريج‭ ‬جامعة‭ ‬السوربون،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يدخلها‭ ‬إلا‭ ‬ذو‭ ‬بأس‭ ‬أكاديمي‭ ‬شديد‭. ‬وله‭ ‬شنب‭ ‬معقوف‭ ‬مثل‭ ‬شوكتي‭ ‬العقرب،‭ ‬موديل‭ ‬باب‭ ‬الحارة‭. ‬وكيلا‭ ‬تظنوا‭ ‬به‭ ‬الظنون،‭ ‬وتحسبوا‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصنف‭ ‬اللي‭ ‬‮«‬نص،‭ ‬نص‮»‬‭!! ‬أبلغكم‭ ‬أنه‭ ‬متزوج‭.. ‬نعم‭ ‬متزوج‭.. ‬وزوجته‭ ‬أنثى‭!! ‬يعني‭ ‬هو‭ ‬راقص‭ ‬شرقي‭ ‬ومتزوج‭ ‬بامرأة‭ ‬أمريكية،‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬العربي‭ ‬شيئاً‭ ‬تتعلق‭ ‬به‭ ‬إلا‭ ‬هز‭ ‬الوسط‭ ‬فدخلت‭ ‬حلبة‭ ‬الرقص‭ ‬وشكلت‭ ‬ثنائيا‭ ‬مع‭ ‬بعلها‭ ‬يودي‭.‬

هذا‭ ‬الـ‮«‬يودي‮»‬‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬حلم‭ ‬حياته‭ ‬أن‭ ‬يرقص‭ ‬في‭ ‬مهرجان‭ ‬جرش‭ ‬في‭ ‬الأردن‭ ‬ليثبت‭ ‬للمرأة‭ ‬الشرقية‭ ‬أن‭ ‬الرجال‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الرقص‭ ‬كما‭ ‬تفوقوا‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الغزوات‭ ‬الصيفية‭ ‬وتهريب‭ ‬الفياغرا‭ (‬بالمناسبة‭ ‬فإن‭ ‬الرجال‭ ‬يتفوقون‭ ‬على‭ ‬النساء‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الميادين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تاريخيا‭ ‬وجغرافيا‭ ‬حكرا‭ ‬للنساء،‭ ‬فأفضل‭ ‬الطهاة‭ ‬رجال‭ ‬وأشهر‭ ‬من‭ ‬يمارس‭ ‬المكياج‭ ‬النسائي‭ ‬رجال،‭ ‬وأحسن‭ ‬من‭ ‬يصمم‭ ‬الأزياء‭ ‬النسائية‭ ‬رجال،‭ ‬ثم‭ ‬يؤلف‭ ‬الرجال‭ ‬الكتب‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المعرفية‭ ‬العظيمة‭ ‬ويصبح‭ ‬اسمها‭ ‬أمهات‭ ‬الكتب‭- ‬أين‭ ‬العدل؟‭).‬

ما‭ ‬لم‭ ‬يعجبني‭ ‬في‭ ‬الراقص‭ ‬يودي‭ ‬قوله‭ ‬إن‭ ‬فيفي‭ ‬عبده‭ ‬لا‭ ‬تجيد‭ ‬الرقص‭ (‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬وصفها‭ ‬بأنها‭ ‬إنسانة‭ ‬رائعة‭).. ‬لا‭ ‬يا‭ ‬‮«‬معلمة‮»‬‭ ‬يودي‭.. ‬كله‭ ‬إلا‭ ‬ست‭ ‬فيفي‭.. ‬فحتى‭ ‬إذا‭ ‬غفرت‭ ‬لك‭ ‬هي‭ ‬زلة‭ ‬لسانك‭ ‬تلك‭ ‬فإن‭ ‬الجماهير‭ ‬الفيفاوية‭ ‬ستعاملك‭ ‬معاملة‭ ‬المسلمين‭ ‬لسلمان‭ ‬رشدي‭. (‬وأستدرك‭ ‬وأقول‭ ‬إن‭ ‬الهوجة‭ ‬التي‭ ‬أعقبت‭ ‬إصدار‭ ‬رشدي‭ ‬لروايته‭ ‬‮«‬آيات‭ ‬شيطانية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تهكم‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬رسول‭ ‬الإسلام‭ ‬عليه‭ ‬السلام،‭ ‬والسيدة‭ ‬عائشة‭ ‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها،‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬الترويج‭ ‬للرواية‭ ‬على‭ ‬ركاكتها‭ ‬وضعفها‭ ‬الفني‭ ‬مقارنة‭ ‬بروايات‭ ‬رشدي‭ ‬الأخرى‭ ‬المتقنة،‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬لندن‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬الزعيم‭ ‬الإيراني‭ ‬آية‭ ‬الله‭ ‬الخميني‭ ‬عن‭ ‬جائزة‭ ‬قيمتها‭ ‬خمسة‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬لمن‭ ‬يقتل‭ ‬رشدي،‭ ‬وسال‭ ‬لعابي‭ ‬ولكن‭ ‬كنت‭ ‬بلا‭ ‬حيلة‭ ‬وحاولت‭ ‬إقناع‭ ‬السلطات‭ ‬الإيرانية‭ ‬برصد‭ ‬جائزة‭ ‬ولو‭ ‬مليونا‭ ‬دولار‭ ‬لمن‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬وجوده‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يقتلوه‭ ‬هم‭ ‬زي‭ ‬ما‭ ‬بِدهم‭).‬

وأقول‭ ‬ليودي‭: ‬لم‭ ‬لسانك‭ ‬إذا‭ ‬كنت‭ ‬حريصاً‭ ‬على‭ ‬الرقص‭ ‬في‭ ‬العواصم‭ ‬العربية‭. (‬لماذا‭ ‬يسمي‭ ‬المصريون‭ ‬الراقصة‭ ‬في‭ ‬الحفلات‭ ‬‮«‬عالمة»؟‭ ‬يعني‭ ‬أحمد‭ ‬زويل‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬لأنه‭ ‬اكتشف‭ ‬شيئا‭ ‬اسمه‭ ‬الفيمتو‭- ‬ثانية‭ - ‬لست‭ ‬متأكدا،‭ ‬ربما‭ ‬اكتشف‭ ‬البيبسي‭- ‬ثانية‭- ‬المهم‭: ‬زويل‭ ‬عالم،‭ ‬وفيفي‭ ‬عبدو‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكتشف‭ ‬شيئا‭ ‬أيضا‭ ‬عالمة؟‭ ‬هل‭ ‬لأنها‭ ‬تكشف‭ ‬ولا‭ ‬تكتشف؟

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا