خاطرة
عبدالرحمن فلاح
الهدية الأعظم !
ها هي نسمات شهر من أعظم الشهور عند الله تعالى تحمل إلينا العظيم من الهدايا النفيسة في وقت انشغل الناس بالحياة الدنيا.. بهرتهم بزخرفها، وبزينتها، يقول تعالى: (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلًا أو نهارًا فجعلناها حصيدًا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) يونس / 24.
إنها آيات يجب علينا أن نتدبرها، ونغوص في أعماقها لنستجلي ما فيها من دلالات ومن عطاء، وندرك أن هذه الدنيا ليست دار مقر، ولكنها دار ممر ومهما كان الممر طويلًا، فإن العمر قصير.. جدا قصير.. إنها فرص تتجدد وعلى العاقل أن ينتهزها ولا يضيعها، فهي إن ضاعت فلن تعود إليه مرة أخرى، وعندها سوف يعض على بنان الندم حين تمر به دون أن يتوقف حيالها، ويلتفت إلى وسائلها وغاياتها، يقول تعالى: (وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير) فاطر/37.
تنبه أيها العاقل، وراجع حساباتك واستدرك ما فاتك، فلا خير في عقل لا يعينك على الحق، ولا يهديك سبيل الرشد، واعلم أنك الآن في سعة من العمر، وفِي صحة وقدرة فاغتنم ذلك.
وها هو رمضان.. شهر جاء يحمل إليك الكثير من الهدايا النفيسة، والمنح الربانية العظيمة، واعلم أن أعظم الهدايا وأنفسها وأجلها هدية القرآن الذي أنزل في ليلة عظيمة الشأن، وهي ليلة مباركة لن يجود الزمان بمثلها، قال تعالى: (إنَّا أنزلناه في ليلة القدر(1) وما أدراك ما ليلة القدر(2) ليلة القدر خير من ألف شهر(3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر(4) سلام هي حتى مطلع الفجر(5)) سورة القدر.
إنها ليلة عظيمة الشأن والقدر التقت فيها السماء بالأرض، وتزاحمت فيها الملائكة كل يريد أن يكون له شرف في حمل أعظم هدية أنزلها الحق سبحانه وتعالى على أكرم رسله محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهي المعجزة الوحيدة الباقية من معجزات الرسل الكرام الذين انتهت معجزاتهم بموتهم، وانتهاء أزمنتهم لأنها معجزات مادية تنتهي بانتهاء آجالهم، وهي معجزات مرتبطة برسالات محدودة الزمان والمكان والغايات.. إنها معجزة قال الله تعالى عنها: (..اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا) (المائدة / 3) إذًا فهي رسالة باقية خالدة في الزمان والمكان، تنزلت على خاتم الرسل الكرام (صلى الله عليه وسلم).
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك