زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
دجالون خمس نجوم
للخرافات سوق رائج في جميع أنحاء العالم، يعني لسنا وحدنا من ننقاد إلى من يزعمون أنهم (أصحاب كرامات) يأتون الخوارق، بل إنهم في الغرب ينقادون إلى مشعوذين ودجالين (بس على مستوى)، بمعنى أن الدجالين في الغرب يلبسون البدلات الفاخرة ويستخدمون الكمبيوترات، ويقومون بعمليات تخدير واستعباط جماعية في قاعات الفنادق، وكثير من المشاهير في الغرب صاروا من أتباع هذا (القورو) أو ذاك، والقورو هو مبشر أو عراب يزعم أنه يدعو إلى «دين»، أو معتقد فيه خلاص البشرية، وفي عالمنا المعاصر نحو عشرة (قورو) من ذوي الوزن الثقيل بمعنى أن اتباع كل منهم بالملايين. والممثل الأمريكي المشهور توم كروز ينتمي إلى كنيسة الساينتولوجي التي تقدم السمك واللبن والتمر هندي في طبق واحد (لاحظ الذكاء في اختيار الاسم. لأن ساينس تعني العلوم بشقيها الطبيعي والتطبيقي ونسبة ما يبشر به القورو الكوري «مون» إلى العلوم يجعل منه «مسيحا» تكنولوجيا، وغاب عليه أن فيروسا إلكترونيا يمكن أن يقضي عليه).
المهم أن ذلك القورو يقدم كوكتيلا من الأفكار المسيحية والخرافات الكورية والتمارين الرياضية. وأصاب من وراء ذلك مالا وفيرا، والمغنية المشهورة مادونا انضمت إلى جماعة يهودية في جوهرها، تسمى «كبالا» ولكنها تعمل بهدي (تلمود) خاص بها، وهناك المهاريشي يوغي ذلك الهندي الذي لديه نحو عشرة ملايين تابع في الغرب وإمبراطورية مالية تدر المليارات، وكان يعتزم إنشاء ما أسماه قرية السلام في الجليل في فلسطين المحتلة ليتعايش فيها بنو إسرائيل والفلسطينيون، ولكن الفكرة ماتت في المهد، ربما لأنه لم يجد التمويل ولأن الإسرائيليين لا يريدون ذلك النوع من التعايش.
ومنذ الستينيات سطع نجم القورو سوامي رامديف الهندي واكتسب شهرة مدوية عندما سافر أعضاء فريق البيتلز (الخنافس) الموسيقي عبر القارات للتمسح ببركاته. سوامي هذا صار له من النفوذ والمال ما جعله يدير قناة فضائية خاصة به هو نجمها الأوحد، فهو مقدم البرامج وهو ضيف جميع البرامج الحوارية، ولديه شركة أدوية اسمها ديفيا يوغ فارماسي، تزعم أن لديها منتجات من جميع أنواع العلف والمواد الطبيعية، تعالج كل أنواع السرطان والصرع والعجز الجنسي والإمساك والاسهال والبواسير وضعف النظر والتهاب الجيوب الأنفية، وظل كل شيء على ما يرام إلى أن تصدت له بريندا كارات وهي نائبة في البرلمان عن الحزب الشيوعي الهندي. وأخذت كارات عينات من الأدوية التي ينتجها ذلك الدجال إلى مختبرات حكومية وكانت المفاجأة أن بعضها يحوي عظاماً بشرية. نعم قال المختبر أن بعض المساحيق عبارة عن عظام آدمية مطحونة ومخلوطة بأعضاء حيوانات أخرى مجففة (للتمويه أم للبركة؟ كلك نظر)، وبداهة فقد ثار سوامي رامديف وقال إن الأمر مؤامرة شيوعية! وبداهة أيضاً فإن الأحزاب الهندوسية اليمينية المتشددة رأت أن الشيوعيين يثيرون الشبهات حول ثقافة حزب بهاراتيا جناتا (الهندية الأصيلة)، وقادوا أعوانهم وحاصروا بيت النائبة الشيوعية حتى اضطرت إلى الاستعانة بالشرطة، وهذا الحزب الذي يحكم الهند اليوم بقيادة «مودي» هندوسي متطرف، ومودي نفسه متهم بقيادة حملة تقتيل المسلمين في ولاية غوجارات عندما كان حاكما عليها .
يجدر بالذكر أن تلك الأحزاب الهندوسية نجحت عبر السنين في الضغط على الحكومة بحيث باتت تسمح بإنتاج أدوية مستمدة من (التراث الهندي) وتستخدم فيها أدوية تدخل في مكوناتها دماء الحمام وخصي القطط وبول البقر (أعتذر لجماعتنا الذين يذهبون إلى الهند للتداوي بالطب الشعبي إذا أصبتهم بالقرف). ولعل بعضكم يذكر أن أول رئيس وزراء للهند المستقلة من حزب جناتا الهندوسي كان يدعى مواراجي ديساي، وكان ينصح المواطنين بشرب بولهم للتداوي من كل الأمراض، ولحسن حظ الهند فإنه لم يكمل في الحكم سنتين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك