العدد : ١٦٨٤٧ - الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٥هـ

العدد : ١٦٨٤٧ - الأربعاء ٠٨ مايو ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ شوّال ١٤٤٥هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

عن الرياضة والبوس والمرض

قبل‭ ‬بضعة‭ ‬أشهر‭ ‬قرأت‭ ‬في‭ ‬الصحف‭ ‬اليومية‭ ‬حكايات‭ ‬تثير‭ ‬العجب‭ ‬والقرف،‭ ‬والضحك‭ ‬الذي‭ ‬كالبكاء‭: ‬شاب‭ ‬يمني‭ ‬يقتل‭ ‬شقيقه‭ ‬الأصغر‭ ‬بسبب‭ ‬خلاف‭ ‬حول‭ ‬ضربة‭ ‬جزاء‭ ‬خلال‭ ‬مباراة‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬الأطلس‭. ‬يعني‭ ‬المباراة‭ ‬كانت‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬بهما‭ ‬أحد‭ ‬سوى‭ ‬أعضاء‭ ‬الفريقين،‭ ‬وتحريا‭ ‬للدقة‭ ‬فإنهما‭ ‬لم‭ ‬يكونا‭ ‬فريقين‭ ‬بالمعنى‭ ‬المتعارف‭ ‬عليه،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬شباب‭ ‬وصبية‭ ‬الحي‭ ‬انقسموا‭ ‬إلى‭ ‬مجموعتين،‭ ‬وشاءت‭ ‬الصدف‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬الشقيقان‭ ‬‮«‬ضد‮»‬‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض،‭ ‬وحدث‭ ‬الاختلاف،‭ ‬ولا‭ ‬يسلم‭ ‬الشرف‭ ‬الكروي‭ ‬من‭ ‬الأذى‭ ‬حتى‭ ‬يراق‭ ‬على‭ ‬جوانبه‭ ‬الدم،‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬الشاب‭ ‬القاتل‭ ‬أن‭ ‬وطنه‭ ‬بالكامل‭ ‬يتعرض‭ ‬للقتل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬أبنائه‭ ‬الأشاوس‭.‬

ويؤكد‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬ذهبت‭ ‬إليه‭ ‬مراراً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الأخلاق‭ ‬الرياضية‮»‬‭ ‬أكذوبة‭ ‬وإشاعة،‭ ‬فالملاكمة‭ ‬والمصارعة‭ ‬لا‭ ‬أخلاقية،‭ ‬ومباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬الركل‭ ‬والمكائد‭ ‬وشراء‭ ‬الذمم،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬حركة‭ ‬في‭ ‬منافسات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬اسمها‭ ‬الفاول‭ ‬التكنيكي‭ ‬technical foul،‭ ‬والفاول‭ ‬كما‭ ‬نعلم‭ ‬هو‭ ‬الخطأ‭ ‬المتعمد‭ ‬خلال‭ ‬اللعب،‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬استخدام‭ ‬الخشونة‭ ‬ضد‭ ‬لاعب‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الفريق‭ ‬المنافس،‭ ‬والفاول‭ ‬التكنيكي‭ (‬من‭ ‬التكنيك‭) ‬يكون‭ ‬عادة‭ ‬متعمدا‭ ‬وليس‭ ‬شديد‭ ‬الفظاظة،‭ ‬بقصد‭ -‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحوال‭- ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬‮«‬تهدئة‭ ‬اللعب‮»‬،‭ ‬ومباريات‭ ‬التنس‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشارك‭ ‬فيها‭ ‬الروسية‭ ‬آنا‭ ‬كورنيكوفا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تختلف‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬فيديوهات‭ ‬كليبات‭ ‬روبي‭! (‬كورنيكوفا‭ ‬تفرغت‭ ‬لعرض‭ ‬جسمها‭ ‬على‭ ‬أغلفة‭ ‬المجلات‭ ‬وشاشات‭ ‬التلفزة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬إعلانات‭ ‬تجارية‭ ‬وصارت‭ ‬مليونيرة،‭ ‬ولم‭ ‬أسمع‭ ‬بروبي‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬طويل‭ ‬وربما‭ ‬انتهت‭ ‬‮«‬موضتها‮»‬‭).‬

أما‭ ‬الخبر‭ ‬الذي‭ ‬أطربني‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬إندونيسيا‭ ‬ويفيد‭ ‬بأن‭ ‬أي‭ ‬شخصين‭ ‬يضبطان‭ ‬وهما‭ ‬يتبادلان‭ ‬القبلات‭ ‬في‭ ‬الطريق‭ ‬العام‭ ‬يواجهان‭ ‬الحكم‭ ‬بالسجن‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬تفوق‭ ‬22‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬معدلات‭ ‬دخل‭ ‬الفرد‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬البلاد‭ ‬فإن‭ ‬كثيرين‭ ‬من‭ ‬مواطنيها‭ ‬قالوا‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الغرامة‭ ‬‮«‬خير‭ ‬منها‭ ‬الإعدام‮»‬‭. ‬ونحن‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬انتقالية‭ ‬من‭ ‬الشتاء‭ ‬الى‭ ‬الصيف‭ ‬وهي‭ ‬عادة‭ ‬موسم‭ ‬الإنفلونزا،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تتخفى‭ ‬كورونا‭ ‬بها،‭ ‬ومن‭ ‬أبجديات‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬المرض‭ ‬عدم‭ ‬الاحتكاك‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الخير‭ ‬للعرب‭ ‬أن‭ ‬يكفوا‭ ‬عن‭ ‬التباوس‭ ‬بغرض‭ ‬‮«‬التحية‮»‬،‭ ‬وما‭ ‬لم‭ ‬تصدر‭ ‬السلطات‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬قرارات‭ ‬صارمة‭ ‬بتحريم‭ ‬وتجريم‭ ‬البوس‭ ‬مع‭ ‬تفشي‭ ‬أمراض‭ ‬البرد،‭ ‬فإن‭ ‬البوسات‭ ‬على‭ ‬الخدود‭ ‬ستبطل‭ ‬مفعول‭ ‬كل‭ ‬الاحتياطات‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬التي‭ ‬سيتم‭ ‬اتخاذها،‭ ‬أما‭ ‬البوس‭ ‬على‭ ‬الأنوف‭ ‬فيجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عقوبته‭ ‬مثل‭ ‬عقوبة‭ ‬الشروع‭ ‬في‭ ‬القتل‭! ‬

وأزيدكم‭ ‬من‭ ‬الشعر‭ ‬بيتا‭: ‬الإنفلونزا‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬دجاجية‭ ‬أو‭ ‬ضفدعية‭ ‬تنتقل‭ ‬أيضاً‭ ‬عبر‭ ‬الملامسة‭ ‬باليد،‭ ‬فإذا‭ ‬حط‭ ‬فيروسها‭ ‬في‭ ‬يدك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عطس‭ ‬أو‭ ‬كح‭ ‬بالقرب‭ ‬منك‭ ‬شخص‭ ‬مصاب‭ ‬بالمرض،‭ ‬فلا‭ ‬تلمس‭ ‬وجهك‭ ‬بيدك‭ ‬حتى‭ ‬تغسلها‭ ‬جيداً‭ ‬بالصابون،‭ ‬وإذا‭ ‬ظهر‭ ‬الوباء‭ ‬‮«‬جيبها‭ ‬من‭ ‬قاصرها‮»‬‭ ‬وعليك‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالتحية‭ ‬‮«‬الشفهية‮»‬،‭ ‬يعني‭ ‬إذا‭ ‬مد‭ ‬أحدهم‭ ‬يده‭ ‬إليك‭ ‬مصافحاً‭ ‬أدخل‭ ‬إصبعا‭ ‬من‭ ‬يدك‭ ‬اليمنى‭ ‬في‭ ‬منخارك‭ ‬فيحس‭ ‬صاحبك‭ ‬بالقرف‭ ‬ويسحب‭ ‬يده‭ ‬الممدودة‭.‬

دعوني‭ ‬أنتقل‭ ‬إلى‭ ‬الحكاية‭ ‬الثالثة‭ ‬وهي‭ ‬عن‭ ‬العربي‭ (‬من‭ ‬شرق‭ ‬المتوسط‭) ‬الذي‭ ‬طلق‭ ‬زوجته‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬اكتشف‭ ‬أنها‭ ‬‮«‬خائنة‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬ظل‭ ‬الرجل‭ ‬يتبادل‭ ‬رسائل‭ ‬الغزل‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬مع‭ ‬امرأة‭ ‬قالت‭ ‬له‭ ‬إنها‭ ‬مطلقة‭ ‬ومثقفة‭ ‬ومتدينة‭ ‬وتهوى‭ ‬المطالعة‭. ‬واستمرت‭ ‬الرسائل‭ ‬بينهما‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬فكان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تصعيد‭ ‬العلاقة‭ ‬باللقاء،‭ ‬وهكذا‭ ‬بذل‭ ‬ع‭. ‬جهداً‭ ‬كبيراً‭ ‬لإقناع‭ ‬الحبيبة‭ ‬الالكترونية‭ ‬بلقائه‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬حدده،‭ ‬وارتدى‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬ملابس‭ ‬متفقا‭ ‬على‭ ‬تصاميمها‭ ‬وألوانها‭ ‬ليسهل‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬الآخر،‭ ‬وتكتك‭ ‬قلب‭ ‬ع‭. ‬وطقطق‭ ‬عندما‭ ‬رأى‭ ‬المرأة‭ ‬جالسة‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬مرتدية‭ ‬الملابس‭ ‬المتفق‭ ‬عليها،‭ ‬ووقف‭ ‬أمامها‭ ‬ليقول‭ ‬لها‭ ‬الكلمات‭ ‬التي‭ ‬ظل‭ ‬يرددها‭ ‬طوال‭ ‬أيام،‭ ‬لترك‭ ‬انطباع‭ ‬جميل‭ ‬في‭ ‬نفسها،‭ ‬ولكنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬يقول‭: ‬أنت‭ ‬طالق‭ ‬بالثلاثة‭.. ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬العزباء‭ ‬المتدينة‭ ‬‮«‬زوجته‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقيم‭ ‬لدى‭ ‬ذويها‭ ‬بعد‭ ‬نشوب‭ ‬خلافات‭ ‬مع‭ ‬زوجها‭ ‬قبل‭ ‬أشهر‭ ‬ثلاثة،‭ ‬أصيبت‭ ‬الزوجة‭ ‬بانهيار‭ ‬عصبي‭ ‬ونقلت‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬ومازال‭ ‬ع‭. ‬يشتم‭ ‬‮«‬الخاينة‮»‬،‭ ‬وهو‭ -‬اسم‭ ‬الله‭ ‬عليه‭- ‬رمز‭ ‬الوفاء‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا