زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
روماني ذكي وآخر غبي
اشتهرت رومانيا بأنها بلد مصاصي الدماء، من أمثال الكونت دراكيولا وفرنكنشتاين، والدكتاتور الراحل ليو تشاوتشيسكو، وصارت في السنوات الأخيرة تصدر الأطفال لمن يرغب في تبنِّيهم في أوروبا وأمريكا، ولعل بعضكم يذكر ما كتبته هنا قبل نحو عامين عن رجل الأعمال الروماني الذي ابتكر طريقة عبقرية لشراء راحة باله، وهي أنه اتفق مع زوجته على تسليمها 500 دولار أمريكي شهرياً مقابل ألا تطنطن أو تنقنق عندما يعود إلى البيت، وكانت الزوجة كلما عاد الزوج إلى البيت تفتح حنفية حلاقيمها: يللا نزور خالتي.. نسيت أنها كانت تسلفك فلوس أيام الفقر.. الله يرحم.. ومن هناك نروح الخياط... حسرة على شبابي.. النسوان لابسات أشكال وألوان وأنا حي الله أربعين فستان من عهد عاد وإرم ذات العماد.. وراجلي مسوي حاله رجل أعمال (الترجمة قد لا تكون دقيقة لأنني لا أجيد اللغة الرومانية). المهم أن الخطة نجحت وصارت الزوجة صماء بكماء لا تكلم زوجها إلا إذا بادرها بالكلام.
وكنتُ قد طبقت خطة مشابهة مع زوجتي في مجال الهواتف، ففي السنوات الأولى من اغترابنا في الخليج، كانت تمسك بسماعة الهاتف أحياناً لتكلم أمها، وتمضي عشر دقائق في النهنهة والبكاء: مش.. مش.. مشت.. مشتا.. مشتاقة لكم كتير يا أمي، ثم «تستعدل» وتبدأ بالسؤال عن ميمي وكيمو وسوسو ونونو وتاتا وتوتة، وحمودي وسعودي ودودي وكودي وجقودي، ويعقب ذلك تقارير مفصلة من الطرف الآخر، عمن تزوج وطلق وسافر ونام وقام وأكل وصام!! وبداهة فقد صار الكلام يكلفنا أكثر من الطعام، فعرضت على المدام راتباً شهرياً أسميته «بدل تلفون»، أعطيها مبلغاً معيناً شهرياً نظير المكالمات الهاتفية وكل ما توفره من المبلغ حلال عليها، بمعنى أنني سأخصم من المبلغ/ بدل التلفون قيمة المكالمات التي تجريها، وإذا استمرت في المكالمات بطريقة المعلقات «مفيش فلوس»، وكانت النتيجة مدهشة، ترفع سماعة التلفون مرة في الأسبوع: ألو، كيف حالك يا أمي.. أنت كويسة؟ (ويعقب ذلك الفيلم الهندي والتذرع برداءة الخط: ألو، ألو.. وتكون أمها تصيح: انا معك يا بنتي.. ولكن بنتها المُدبِّرة الاقتصادية تجعل الهاتف يصيح بدوره: بيب بيب بيب)، وخلال أشهر قليلة أصبحت زوجتي ثرية مادياً وفقيرة «ثرثرياً»، بعد أن صارت مكالماتها الهاتفية تلغرافية، ولم تعد فاتورة الهاتف تكلفنا شيئاً، وبذلك جمعت مالاً كثيراً، وصارت مكالمتها من شاكلة: إزيِّك يا أمي.. باي!! وإمعاناً في الاقتصاد اشترت فاكساً وصارت ترسل إلى أهلها رسائل مكتوبة لا تكلف الواحدة الصفحة منها أكثر من قيمة دقيقتين من المكالمات الهاتفية الصوتية! وأنصح الرجال المتزوجين مثلي بنساء مستهلكات وغير منتجات لرواتب من جهة عمل أو «ورثة»، أن يطبقوا معهن فكرة بدل التلفون، وسيكتشفون أنهم وفروا مبالغ طائلة وخاصة في عصر الموبايل الذي يسوي الهوايل، وبالتالي سيدعون لي بكل ما هو طيب.
ثم طالعتنا صحف قبل أيام قليلة بإبداع روماني جديد: عانى فيوريل ليهو طويلاً من الأكلات الركيكة التي كانت زوجته تعدّها، حتى صار الأكل في البيت ضرباً من العقاب، فقرر نسف زوجته، نعم نسفها بالطريقة الداعشية، وتلاعب بتمديدات الغاز حتى تسرب وملأ المطبخ، ومن فرط ذكائه فقد انتظر حتى دخلت زوجته المطبخ وأشعل ولاعة السجائر لتسبب حريقا، فشبت النار في يده وانتقلت الى ملابسه وامتدت إلى المطبخ حتى قضت عليه تماماً، ونجح «ليهو» في دخول الحمام وفتح الماء على جسمه متخلصا من الحريق، بينما لم يلحق بالزوجة أيّ أذى، وحكموا على الزوج بالسجن ثلاث سنوات، فقال وهو في طريقه إلى زنزانته: السجن أحب إليّ من أكل ما تطبخه زوجتي!! طبعاً الحمار لا يعرف أنه فقد حريته وفقد زوجته وفقد وظيفته!! وسيكتشف أن طعام السجن خير منه التبن، ولن يجد بعد خروجه من السجن من يطبخ له طعاماً ركيكاً أو بليغاً.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك