زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
العباس والرومانس
كما بات معلوما خلال ربع القرن الأخير فقد قامت النساء بالتكويش الأشهر الأولى من كل عام، وهكذا شهدنا خلال الأسابيع الماضية يوم المرأة العالمي وعيد الأم ثم كان عيد الحب وفيه تشكو النساء من أنهن يعانين من الحب من طرف واحد، وأن الرجال يفتقرون الى الرومانسية، فتذكرت عمنا المغربي «العباس اليوسفي» الذي تزوج الآنسة لطيفة مستنير، وعند الزواج كان العم أبو العبس يبلغ من العمر 105 سنوات، بينما العروس في الثانية والأربعين. (وعلى القراء في المشرق العربي مراعاة فروق الوقت)، وتمت مراسيم الزواج في حفل في مدينة فاس المغربية لم يحضره غير عدد محدود من الناس، لسبب وجيه هو أن كل زملاء وأصدقاء العباس في رحلة الحياة ماتوا، ولم يحضر الحفل سوى عدد محدود من أقارب الطرفين من جيل عيال الأحفاد، قال بعضهم للعريس أبو 105 سنوات: منك المال ومنها العيال.
العجيب في هذه الحكاية هو أن العباس اليوسفي ليس أرملا أو مطلقاً، أي لم يسبق له الزواج قط، وكان يتعلل دائماً بأنه لا يريد أن يدخل في بيته امرأة يمكن أن تغضب والدته التي كان يحبها كثيراً ويعيش معها، ثم توفيت والدته قبل 31 سنة، أي عندما كان عمره 74 سنة، غير أن العباس وجد حججا مختلفة لتفادي الزواج!! كثيرون سيقولون إنه لم يكن هناك ما يبرر زواج رجل في مثل عمره من امرأة في سن أحفاده؟ ومن يقولون مثل هذا الكلام لا يفهمون أن الزواج سواء كان مبكرا أو متأخرا إنما يعرف الإنسان فائدته بعد أن يتقدم به العمر، فكلما كبر الإنسان –امرأة كان أم رجلا– كان بحاجة إلى رفيق دائم، فحتى لو كان عندك جيش كامل من العيال فإن سنة الحياة هي أن يذهب كل واحد منهم إلى حال سبيله وتصبح له أسرة صغيرة، وتشغله أمور الحياة عن إيلائك الاهتمام اللائق.
بعبارة أخرى يحتاج الإنسان إلى شخص يكون معه ويشاركه تفاصيل حياته بالكامل عندما يصير كهلا أكثر من حاجته إليه وهو شاب، وبعبارة ثانية فإن الزواج ليس مجرد (متعة وعلاقة فراش) تنتهي بانتهاء سنوات الشباب والفحولة بل فيه متعة غير حسية تأتي بعد أن يصير الزوجان أجدادا وجدات. وفي مرحلة الكهولة يحتاج الإنسان إلى عكاز يتكئ عليه لتجنب العثرات صحية كانت أو مادية أو اجتماعية، وأفضل عكاز هو شخص عاشرته وعايشته سنوات طويلة.. ولهذا يتزوج أناس في سن السبعين والتسعين.. يحسون بالوحشة ويريدون من يؤانسهم، والأنيس (المضمون) والدائم مادامت الحياة هو الزوج أو الزوجة. ومن المؤكد أن عمنا العبسي أبو 105 سنوات رجل حبوب ووفي فقد كان يحب أمه التي كانت تملأ حياته، ولم يكن يحس في وجوده معها بحاجة الى امرأة أخرى، ولكن لما تجاوز المائة أحس بأنه بحاجة إلى رفيقة محبة فكان قرار الزواج.
هذه حقيقة يعرفها ويعيها الكثيرون ولكن يا ويلي من ام الجعافر التي ستقرأ هذا الكلام وتسألني: يعني مبيت نية الزواج لو أنا مت قبلك؟ ويقال إن امرأة سألت زوجها إذا كان سيتزوج لو سبقته إلى القبر فقال: لا.. لا يمكن.. هذا غير وارد.. لا توجد امرأة يمكن أن تحل مكانك، فقالت له إنها تريد منه أن يتزوج إذا ترمل، فقال لها: لا مانع –لا قدر الله– إذا كان هذا رأيك.. فسألته: وهل ستسمح للزوجة الجديدة بالنوم على نفس فراشنا فقال لها: لا أعرف.. رجاء لا داعي للكلام في هذا الموضوع الافتراضي المحزن، ولكن الزوجة اللحوحة سألته: هل ستسمح لها بارتداء ملابسي؟ فقال لا طبعاً، فصاحت الزوجة: فهمت.. ستشتري للزوجة الجديدة ملابس غالية. مالها ملابسي؟ هنا رد الزوج بعفوية: مقاسك اكس لارج ومقاسها اسمول. ويقال إن ذلك الزوج يقيم حاليا قرب جدار مول وهو يصيح على المارة: اسمول.. يا للهول.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك