تطرقت في المقال السابق إلى أهمية استخدام الطاقة المتجددة في القطاع الزراعي، الأمر الذي يمكن أن يساعد في الحد من تكاليف الإنتاج عن طريق خفض المبلغ الذي يتم إنفاقه على الوقود الأحفوري، وتحسين كفاءة الإنتاج من خلال تشغيل أنظمة الري وزيادة كفاءتها والحد من هدر المياه وتشغيل أنظمة التبريد، ورفع المعدل الذي يتم فيه إنتاج المواد الغذائية بكفاءة عالية. بالإضافة إلى ذلك، خفض غازات الاحتباس الحراري وخفض تأثيرها على البيئة وعنصر الاستدامة التي تتميز بها الطاقة المتجددة عن غيرها. وفي هذا المقال، سوف نسلط الضوء على الحالات التي نجح فيها استخدام الطاقة المتجددة في بعض من دول العالم.
هناك عديد من الحالات التي توضح كيف يمكن لمصادر الطاقة المتجددة أن تحسن الأمن الغذائي، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك:
أولاً، استخدام الطاقة الشمسية في تشغيل نظام الري في الهند: يقوم رواد الأعمال في الهند بتنفيذ نظام ري يعمل بالطاقة الشمسية ساعد المزارعين على زيادة المحاصيل مع تقليل اعتمادهم على مضخات الري باهظة الثمن التي تعمل بالديزل. وتستخدم الألواح الشمسية لتشغيل مضخات المياه، والتي توفر مصدرًا موثوقًا للطاقة للمزارعين. ونتيجة لذلك، يمكن للمزارعين ري محاصيلهم بشكل أكثر كفاءة، ما أدى إلى زيادة النسبة التي تنمو فيها محاصيلهم وزيادة الأمن الغذائي كنتيجة لذلك.
ثانياً، تشغيل نظام التخزين البارد عن طريق الطاقة الشمسية في كينيا: استخدمت كينيا نظام التخزين البارد الذي يعمل بالطاقة الشمسية وساعد في تقليل هدر الطعام وتحسين الأمن الغذائي. تستخدم نظام الألواح الشمسية في تشغيل وحدات التبريد التي تخزن الأطعمة القابلة للتلف مثل الفواكه والخضروات من خلال توفير مصدر موثوق للطاقة، وساعد هذا النظام المزارعين على الحفاظ على محاصيلهم فترات طويلة والحد من التكاليف الناتجة عن استخدام الطاقة من الوقود الأحفوري.
ثالثاً، محطة تحلية المياه التي تعمل بطاقة الرياح في المغرب: قامت المغرب ببناء محطة تحلية تعمل بالرياح وتوفر المياه العذبة للمزارعين في المناطق القاحلة. تستخدم المحطة توربينات الرياح لتوليد الكهرباء، والتي تستخدم لتشغيل محطة تحلية المياه التي تحول مياه البحر المالحة إلى مياه عذبة صالحة للشرب والاستخدام. كما ساعدت المحطة المزارعين على زراعة المحاصيل في المناطق التي كانت في السابق غير مناسبة للزراعة، ما أدى إلى زيادة الأمن الغذائي في تلك المناطق.
ثالثاً، تشغيل نظام الري بالطاقة الشمسية في كاليفورنيا: طبقت كاليفورنيا نظام ري يعمل بالطاقة الشمسية ساعد المزارعين على تقليل اعتمادهم على الوقود الأحفوري وتحسين أمن الطاقة لديهم، علماً أن أسعار الطاقة في كاليفورنيا كانت في ازدياد مضطرد. وتساعد الألواح الشمسية في تشغيل مضخات الري وخفض تكاليف الإنتاج، كما ساعد هذا النظام المزارعين على إنتاج المزيد من الغذاء بتكلفة أقل مما ساعد على زيادة الأرباح الناتجة عن المواد الغذائية التي يتم بيعها وزيادة الأمن الغذائي لديهم.
وعلى الرغم من أن المزارع العمودية تنتج المزيد من المحاصيل لكل فدان من التربة، وتستخدم أقل بكثير من موارد الأراضي والمياه وقدرتها على إنتاج المحاصيل على مدار العام. إلا أنه وفقًا لتقرير تعداد CEA العالمي لعام 2021، فإن المزارع العمودية تستهلك في المتوسط طاقة أكبر 38.8 كيلوواط /ساعة لكل كيلوغرام من المنتجات مقارنة بالزراعة التقليدية، والتي يبلغ متوسط استهلاكها للطاقة 5.4 كيلوواطات/ الساعة لكل كيلوغرام. ومن هنا، لعل هذا التحدي يمكن أن يشجع أصحاب المصلحة من الأكاديميين ورواد الأعمال وصناع القرار على دراسة استخدام الطاقة المتجددة في الزراعة العمودية لإنتاج محاصيل زراعية أسرع ثلاث مرات من الزراعة التقليدية وبكفاءة أكبر وباستخدام طاقة مجانية، ما سيعمل على زيادة الأرباح المحصلة عند إنتاج المحاصيل على مدار السنة.
{ مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك