زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
يا رب اخسف بهن الأرض والفضاء
لأنني كتبت عشرات المقالات عن فتيات الفياغرا اللائي تستخدمهن الفضائيات العربية طُعما لاستدراج المشاهدين، يحسب البعض أنني ضليع في شؤون الرقص والغناء العربي وأنني انتقل من فضائية عربية إلى أخرى!! هذا أبعد ما يكون عن الحقيقية، حيث إنني لم أر طوال حياتي مثلا فيفي عبده وهي ترقص: لا في ناد ليلي أو في فيلم سينمائي أو تلفزيوني، وأستطيع أن أقول بكل ثقة إنني لا أشاهد فيلماً بأي لغة ما لم يشهد بصلاحيته وجودته أربعة أشخاص من الذين أثق في رجاحة عقلهم، وبما أن ذلك العدد من راجحي العقل لا يتوافر بين أصدقائي ومعارفي فإنني قل أن أشاهد أكثر من أربعة أفلام في السنة، ولم أتابع مسلسلاً عربيا في حياتي سوى «ليالي الحلمية»، وكان ذلك لأنني أحب الممثل يحيى الفخراني وأحترم كاتب قصة المسلسل أسامة أنور عكاشة رحمه الله.
يحلو لنا نحن السودانيين القول إننا قوم شديدو الاستقامة والأمانة والاعتداد بالشرف، ومن ثم فإن ظاهرة السودانيات المتشخلعات باسم الفن والطرب تسبب لنا انكساراً نفسياً ومعنوياً شديداً، صحيح أن المجتمع السوداني لم يخل طوال تاريخه من الجانحين والجانحات ولكن غسيلنا القذر ظل مستوراً إلى أن جاءت الفضائيات فأحسسنا أنها تفض بكارة بلدنا العظيم، لدينا والله مطربات يحرك صوتهن الصخور الجلاميد: حنان النيل فتاة ضريرة ولكن لها حنجرة تصدر طبقات صوتية متنوعة ولا تتعاطى إلا الشعر العذب والنظيف في مصاحبة الموسيقى الهادئة المدروسة. ثم قررت اعتزال الغناء نهائيا.
ولكن كيف لمطربات السودان ذوات الحس الفني الراقي واللاتي يغنين حلو الكلام أن يجدن القبول، والجمهور العربي لا يريد إلا من يغني للتريلا والأسمريكا وشيكا بيكا؟ كيف ينافسن –مثلا- سمارة؟ وكان حال الغناء في السودان مستورا حتى جاءت الفضائيات ويوتيوب وفيسبوك، فكثر النهيق والزعيق، وظهرت في التسعينيات بنات سودانيات ذوات أصوات منكرة ووجوه منفرة، عليها غبرة، في بعض الفضائيات التافهة، فأصبح المشاهد العربي يعتقد أن هؤلاء «التريلات» هن ممثلات الفن الغنائي في السودان (سبق أن شرحت هنا في أخبار الخليج أن أغنية التريلا فاضحة لأن الكلمة تعني الأرداف التي تجرها المرأة الممتلئة وراءها كما التريلا التي هي التريلر التي هي المقطورة التي تجرها عربة «قندران»).
ومؤخراً اتصل بي أحد الأصدقاء ليقول لي إنه رأى مغنية سمراء تسمي نفسها «سمارة توست» وتزعم أنها «نوبية». ما هذه المصائب التي تتوالى على رؤوسنا؟ صبرنا على الكثير من البلاوي والرزايا على مضض بعد أن أصبحت «مقررات» ثابتة في الفضائيات العربية، ثم خرجت إذاعة «بي. بي. سي» العربية عن وقارها قبل وفاتها بقليل وبثت لسمارة هذه أكثر من أغنية، فإذا بها تزعم أنها نوبية! ألا يكفينا نحن النوبيين ما نحن فيه سلفاً من «تريقة» وبهدلة؟ المصريون والسودانيون وهم أهلنا وسندنا جعلوا منا مادة للنكات، ثم ينتقلون منا إلى الصعايدة! مع أن النوبيين والصعايدة هم عماد مصر والسودان! يقولون في السودان إن النوبي إذا نجح يصبح بواباً أو طباخاً! ولكن يكفينا فخراً أننا علمنا باقي أهل وادي النيل كيف يطبخون وكيف يأكلون!
المهم أنني لم أر سمارة توست هذه بالعين المجردة إلى يومنا هذا، وأسأل الله أن يجعل يومها قبل يومي حتى لا أراها أو أسمعها! اللهم إن فتيات الفياغرا الفضائيات يتسببن في افساد الذوق فأرسل شهابا رصداً على الأقمار الصناعية التي تنقل برامج تلك الفضائيات، اللهم إن الابقار المتنكرة على هيئات النساء ويمارسن الغناء الركيك مع هز الأرداف والصدور جرحن كبرياءنا وعبثن بذوقنا واستهترن بقيمنا، فأنزل على حناجرهن خلايا سرطانية وعلى مفاصلهن روماتيزما يجعل تلك المفاصل متصلبة كما وجه فلاديمير بوتين! سود الله وجوه أولئك الفتيات اللائي يمارسن العهر الموسيقي في الدنيا والآخرة! اللهم أصبهن بنزلات معوية لا تجعلهن يقوين على الوقوف أمام الجمهور، وإذا وقفن نزلت مصارينهن مع كلامهن الغث!
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك