العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٠٥٤ - الأحد ٠١ ديسمبر ٢٠٢٤ م، الموافق ٢٩ جمادى الاول ١٤٤٦هـ

خاطرة

عبدالرحمن فلاح

هدية الرحمة!

من‭ ‬هدايا‭ ‬رمضان‭ ‬وعطاياه‭ ‬الخيِّرة‭ ‬إشاعة‭ ‬خلق‭ ‬الرحمة‭ ‬بين‭ ‬الناس،‭ ‬ولا‭ ‬عجب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬القدسي‭: -‬سبقت‭ ‬رحمتي‭ ‬غضبي‭- ‬رواه‭ ‬الإمام‭ ‬مسلم‭.‬

وقال‭ ‬صلوات‭ ‬ربي‭ ‬وسلامه‭ ‬عليه‭: ‬‮«‬من‭ ‬لا‭ ‬يرحم‭ ‬الناس‭ ‬لا‭ ‬يرحمه‭ ‬الله‮»‬‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭.‬

والراحمون‭ ‬يرحمهم‭ ‬الرحمن،‭ ‬ورسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬صاحب‭ ‬لواء‭ ‬الرحمة‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة،‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭: (‬وما‭ ‬أرسلناك‭ ‬إلا‭ ‬رحمة‭ ‬للعالمين‭) ‬الأنبياء‭ / ‬107‭.‬

إذًا،‭ ‬فالرحمة‭ ‬هدية‭ ‬غالية‭ ‬من‭ ‬هدايا‭ ‬رمضان‭ ‬جاء‭ ‬بها‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬العظيم‭ ‬لأمة‭ ‬اختارها‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬لتكون‭ ‬صاحبة‭ ‬الرسالًة‭ ‬الخاتمة،‭ ‬والمعجزة‭ ‬الخاتمة‭ ‬والخالدة‭.‬

وكثير‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬قد‭ ‬يظنون‭ ‬أن‭ ‬الرحمة‭ ‬خلق‭ ‬الضعفاء‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬حيلة‭ ‬لهم،‭ ‬ويظنون‭ ‬كذلك‭ ‬أن‭ ‬الغضب‭ ‬والمبالغة‭ ‬في‭ ‬الانفعالات‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬الأقوياء،‭ ‬وهذا‭ ‬ظن‭ ‬خاطئ،‭ ‬والحق‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬قد‭ ‬صحح‭ ‬لنا‭ ‬هذا‭ ‬الظن‭ ‬حين‭ ‬جعل‭ ‬رحمته‭ ‬تسبق‭ ‬غضبه‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬القدسي‭ ‬الذي‭ ‬أشرنا‭ ‬إليه‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حديثنا‭ ‬عن‭ ‬الرحمة،‭ ‬إذًا‭ ‬فالرحمة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬خلق‭ ‬الأقوياء،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬ينتصر‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬مسببات‭ ‬الغضب،‭ ‬ولقد‭ ‬ناديت‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬مقالاتي‭ ‬بإيقاف‭ ‬برنامج‭ ‬‮«‬الكاميرا‭ ‬الخفية‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬يخرج‭ ‬أسوأ‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أخلاق‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يخفيها‭ ‬عن‭ ‬الناس،‭ ‬ولَم‭ ‬ينج‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬حتى‭ ‬الممثلين‭ ‬الذين‭ ‬اشتهروا‭ ‬بأداء‭ ‬أدوار‭ ‬المرح‭ ‬في‭ ‬المسرح‭.‬

إذًا،‭ ‬فمن‭ ‬هدايا‭ ‬رمضان‭ ‬الغالية،‭ ‬ومن‭ ‬عطاياه‭ ‬النفيسة‭ ‬خلق‭ ‬الرحمة‭ ‬التي‭ ‬يشيعه‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬نفوسنا‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬ويمنح‭ ‬جوانحنا‭ ‬الرضا‭ ‬والصبر‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬إثارة‭ ‬مشاعرنا،‭ ‬والتلاعب‭ ‬بأفكارنا‭.‬

ومن‭ ‬الدروس‭ ‬البليغة‭ ‬التي‭ ‬نتعلمها‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬ما‭ ‬روته‭ ‬أم‭ ‬المؤمنين‭ ‬عائشة‭ (‬رضي‭ ‬الله‭ ‬عنها‭) ‬قالت‭: [‬قدم‭ ‬ناس‭ ‬من‭ ‬الأعراب‭ ‬على‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭) ‬فقالوا‭: ‬‮«‬أتقبلون‭ ‬صبيانكم؟‭ ‬فقال‭: ‬نعم،‭ ‬قالوا‭: ‬لكنا‭ ‬والله‭ ‬ما‭ ‬نقبل‭! ‬فقال‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭): ‬‮«‬أو‭ ‬أملك‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الله‭ ‬نزع‭ ‬من‭ ‬قلوبكم‭ ‬الرحمة‮»‬‭ ‬متفق‭ ‬عليه‭.‬

درس‭ ‬بليغ‭ ‬نتعلمه‭ ‬من‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ (‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭)‬،‭ ‬وهو‭ ‬المعلم‭ ‬الأعظم‭ ‬للبشرية،‭ ‬وهو‭ ‬أسوتنا‭ ‬العظيمة‭.. ‬ومعلمنا‭ ‬الذي‭ ‬أوتي‭ ‬جوامع‭ ‬الكلم،‭ ‬فنحن‭ ‬نستن‭ ‬بسنته،‭ ‬ونسير‭ ‬على‭ ‬هديه،‭ ‬ولا‭ ‬ندع‭ ‬سبيلًا‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬الخير‭ ‬دلنا‭ ‬عليه‭ ‬إلا‭ ‬اتبعناه،‭ ‬ولا‭ ‬سبيلًا‭ ‬نهانا‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬سبل‭ ‬الشر‭ ‬إلا‭ ‬نبذناه،‭ ‬وسألنا‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬لنا‭ ‬النجاة‭ ‬منه‭.‬

إقرأ أيضا لـ"عبدالرحمن فلاح"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا