قَالَ ليَ الشَّجَرُ المُعَمِّرُ شامِخًا:
هَأنَذا، منَ الأرضِ، على الأرضِ يَمْـتَـدُّ ظِلّي
وَعنْدَ الفُصُولْ:
مَرَّةً، أتَعَـرّى.. مَرَّةً أسْتَقبِلُ مَا تَسِحُّ بهِ
في الدُّهُورِ الغُيُومْ
مَرَّةً، تَزهُو بيَ الأغْصانُ فِي عَـرْضٍ خَجُولْ
أُعَمِّرُ منْ عَهْدٍ لعَهْدٍ،
وَيَضْربُ في الأرضِ جَذْريَ عَـرْضاً وَطُولْ
وَأنْتَ، أنْتَ، مُجَرَّدَ حَرْفٍ عَلى الرَّمْلِ يَبْقى لحِينْ
وَتَذْرُوهُ يوماً ريَاحُ السَّمُومْ.
***
مَرَّ بيَ النَّهْرُ شَفِيفاً حَالِـماً في اتّزانْ
وَقَد أيْنعَ الوَقْتُ منْ حَولِهِ،
واسْتَطابَتْ عَـلى ضِفَّـتَـيْهِ الحَياةْ،
رَافَـقَـتْهُ إلى البَحْرِ يَجْري الـطُّيُـورْ
وَرَقَّ منْ حَوْلهِ رَهِـيفُ النَّسِيمْ
قُلْتُ للنَّهر: أهْلاً،
تَحَدَّرَ مَاؤُكَ يَجْري.. ويَجْري لِحِـينْ
ولكنَّهُ لِلْجَفَافِ يَؤُولْ!
قَالَ ليَ النَّهْرُ: خُذْنِي إليْكَ صَـديقاً إِذا مَا جَفَـفْـتُ
فَكلُّ الحَياةِ تُغادرُ في وحْشَةٍ، قَدْ تَطُولْ
ولكنّني للحَيَاةِ جَديداً أعُودْ
وَتَتْركُـنِي أَنْـتَ، وَلا أمَلٌ لَكَ لي أنْ تعُودْ!!
***
قَالَ ليَ البَحْرُ في عُنْفُوانِ التَّجَلّي:
تَأَمَّلَ مَوْجيَ الأرْعَنَ، وَهْوَ يَطِيشُ.. يَطِيشُ،
وَيَعْلُو، ليَجْلُو بَيَاضاً عَلى صَفْحَتي،
وَمنْ ثَمَّ يَهْدَأُ مَوجِـي، وَفـي بُرْهَةٍ
يَتَلاشَى، وَيَــــنْـــــتَـــهــي عِنْدَ مَاءْ..
كَــمَا أَنْتَ تَطِيشُ.. تَطِيشُ، تَشِفُّ
وَيَجْلُو بَياضُكَ مِلْحاً في التُّرابِ يَذُوبْ
وثَمَّةَ لا شيء يَـبْــقَـى عَلى الأرضِ مِنْـكَ
سِوَى حَفْنَةٍ منْ تُرابْ.
akhalifa44@hotmail.com

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك