الرأي الثالث
محميد المحميد
malmahmeed7@gmail.com
حكم البحرين.. والأسس الراسخة
في الدول العريقة وعبر التاريخ، ثمة مرتكزات ثابتة وقيم ومبادئ راسخة، هي أساس الحكم والنهضة والبناء، وقاعدة العلاقة الوثيقة بين الحاكم وشعبه.. كنا نقرأ ذلك في تاريخ الدول، ونطالع صفحاته، وننبهر كيف قامت تلك الدول، وكيف كانت أصول الحكم فيها، وما حققته من إنجازات كبيرة ونجاحات عظيمة.
والكتاب الصادر مؤخرا بعنوان «مبادئ وقيم نظام الحكم في مملكة البحرين»، أعاد إلى الأذهان التاريخ العريق الذي تأسست عليه الدول في التاريخ الإسلامي إلى يومنا هذا، والذي يقدّم قراءة موثّقة في مرتكزات الدولة ووصايا الحكّام لأولياء عهودهم.
مملكة البحرين، وكما أشار إليها الكتاب «تُعد مركزًا حضاريًا منذ القدم، وقد نتج عن ذلك مجتمع حضاري متقدّم تُضرب به الأمثال، من ناحية التفاني والتآخي والتعايش بين مختلف مكوّناته، وهذا كله ما كان ليكون لولا تمسّك قيادته بمبادئ وقيم نظام الحكم التي مهّدت لميثاق العمل الوطني وما ورد في دستور مملكة البحرين».
أذكر خلال تفضل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، وبحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، افتتاح دور الانعقاد الرابع من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، في أكتوبر الماضي، قد أشار إلى أن هذه التجربة المتميزة التي تعود جذورها إلى عهد أجدادنا قادة مملكة البحرين، الذين عملوا على إرساء مبادئ وقيم نظام الحكم المبنية على الشريعة الإسلامية الغراء، والشورى، والعدل والإحسان، والتضحية في سبيل الوطن، ومراعاة العادات والتقاليد الأصيلة.. ولقد كانت هذه المبادئ والقيم وصايا قادة مملكة البحرين لأولياء عهودهم طبقة بعد طبقة، حيث وضعت القواعد التي بُني عليها ميثاق العمل الوطني، وما ترتب عليه من تعديلات دستورية في عهدنا هذا، كان أهمها نظام المجلسين، وتحقيق مبدأ الفصل بين السلطات، وعودة الحقوق السياسية إلى المرأة، واستكمال بناء المؤسسات الدستورية. وتظل هذه المبادئ الأصيلة منهاجًا لحياتنا، وجزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا الحامية للسيادة.
وكنت قد توقفت في مقال سابق بعنوان «وصايا قادة مملكة البحرين»، تعليقا على مضامين الخطاب الملكي السامي، وذكرت بأن تلك الفقرة تحديدا، تحمل إشارة تاريخية عميقة، وقاعدة راسخة لمسيرة الوطن ونهضته.. وحينما قرأت الكتاب الصادر مؤخرا، وجدت الجواب الرصين، حيث يرصد الكتاب وصايا حكام البحرين لأولياء عهودهم جيلاً بعد جيل، بوصفها مدوّنة أخلاقية وسياسية متصلة النهج، ويستعرض كلماتهم عند تولّي الحكم.
كل المرتكزات التي ذُكرت، والوصايا التي عُرضت، والكلمات التي نُشرت، تعكس طبيعة تاريخ واستدامة الحكم الرشيد في مملكة البحرين، وكيف أن بناء الوطن ونهجه وسياسته، وتكوين الشخصية البحرينية، وتعزيز الوحدة الوطنية، هي قيمة متوارثة وأصيلة في الحكم البحريني.
من يطالع الكتاب، سيتوقف بكل الإجلال والتقدير عند خطابات قادة مملكة البحرين بمناسبة توليهم مقاليد الحكم، وكيف أن تلك الخطابات كانت قولا وفعلا، وتمت ترجمتها على أرض الواقع، وكيف أن المواطن يأتي على رأس أولويات الحكم.. إنها مملكة البحرين يا سادة.. وإنها أصول الحكم الراسخة والمتوارثة لدى آل خليفة الكرام.. فكل التهاني والتبريكات لمملكة البحرين في أعيادها الوطنية.. وكل الشكر والتقدير لمن قام وأسهم وأمر بنشر الكتاب باعتباره وثيقة تاريخية مضيئة لحكم يعتز ويفتخر به الجميع وتتوارثه الأجيال.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك