إسرائيل وإيران تصدران أزماتهما الداخلية إلى الجوار
كتبت: ياسمين العقيدات
تصوير: عبدالله المحسن
أقام نادي الخريجين، ضمن البرنامج الثقافي للنادي لعامي 2025-2026، محاضرة للدكتور محمد غانم الرميحي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت، بعنوان «أمن الخليج في عالم متغير»، بحضور نبيل بن يعقوب الحمر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام، وهالة الأنصاري مستشارة جلالة الملك للشؤون الثقافية والعلمية، وعدد من أعضاء مجلسي الشورى والنواب ومختصين في الشؤون السياسية.
وتناول الدكتور محمد الرميحي المتغيرات الإقليمية والدولية، مشيرا الى أن هناك لاعبين أساسيين في الفضاء الشرق أوسطي يؤثران مباشرة على استقرار دول الخليج، وهما إسرائيل وإيران، وأن التهديد اليوم يأتي من الدول بحد ذاتها وليس من جماعات ما قبل الدولة، مضيفا أن دول الخليج تقع بين سرديتين تعتمد كل منهما على الأساطير وشهوة التوسع في النفوذ السياسي، موضحًا أن إسرائيل تستند إلى «الميثولوجيا الإسرائيلية» التوسعية، فيما ترتكز إيران على «الميثولوجيا الفارسية» القائمة على أمجاد تاريخية وطموحات توسعية في الحاضر، مع تخطي الأعراف الدولية المتعلقة بسيادة الدولة الوطنية.
وأشار إلى أن هاتين القوتين تمثلان التحدي المباشر لأمن الخليج اليوم، فإسرائيل في صراع مستمر مع الفلسطينيين وجوارها، بينما تؤثر إيران سلبًا على الأمن الخليجي تحت شعار الحرب مع إسرائيل، وتساءل عن استمرار المجازر في غزة رغم المواقف الشعبية الدولية الرافضة، مجيبًا بأن إسرائيل مطمئنة لوقوف العواصم العالمية المؤثرة معها، وشدد على ضرورة فهم «المسألة اليهودية» فهمًا علميًا، مبينًا أن أوروبا تحولت من نفور تاريخي تجاه اليهود إلى احتضان كامل لما تقوم به إسرائيل اليوم، وهو تحول يستحق الدراسة.

وعن «المسألة الإيرانية» أوضح أن القيادة الإيرانية تعيش في أزمنة مختلفة داخل نفس الجغرافيا، وأن الصراعات تجعل المجتمع الإيراني يعود إلى الماضي، وقال: إن إيران أنفقت ما يقارب 30 مليار دولار بين 2011 و2023 لتمويل «الأذرع الإيرانية»، تحت مبرر الدفاع خارج الحدود، لكن اشتباك مايو الماضي كشف محدودية تأثير تلك الأذرع وعجزها عن حماية إيران نفسها.
وأكد الرميحي أن إسرائيل وإيران تصدران أزماتهما الداخلية إلى الجوار، وأن استراتيجية الهروب إلى الأمام تعرض أمن الخليج للخطر، قائلاً: من الخطأ المبالغة في تضخيم قوة الخصم، ولكن من الخطأ أيضًا التقليل من أخطاره المحتملة.
وشدد الدكتور محمد الرميحي خلال المحاضرة على أن أمن الخليج لم يعد قضية محصورة في التحديات العسكرية فحسب، بل بات مرتبطًا بتطورات المشهد الدولي وتقلباته، مؤكدًا أن اعتماد دول الخليج على قدراتها الذاتية وتعزيز العمل المشترك يمثلان الخيار الأكثر واقعية في مرحلة وصفها بـ«زمن التوحش»، حيث تتقدم المصالح الدولية على مبادئ القانون الدولي.
وأكد أن التنمية المستمرة في دول الخليج وما حققته من قفزات اقتصادية وبشرية تعد عنصر قوة يجب صيانته وتطويره، داعيًا إلى الانتقال من الاعتماد على العوائد الريعية إلى الاستثمار في المعرفة والعقول وتعزيز التكامل الاقتصادي، بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في المدى البعيد.
وفي ختام الندوة صرح الدكتور محمد غانم الرميحي للصحف، بأن العوامل الاجتماعية والسياسية التي تهدد أمن الخليج وكيفية مواجهة هذه التهديدات بالسياسات الإقليمية كانت محور حديثه، موضحًا أن الاهتمام يجب أن يكون في أمرين، الأول هو التعليم ونوعيته، مشيرًا إلى أن لدينا كمية من التعليم، لكن نوعية التعليم تحتاج إلى عمل، أما الثانية فهي الاقتصاد، داعيًا إلى أن يكون لدينا سوق خليجية مشتركة بحيث يكون هناك سوق كبير قادر على احتواء الابتكارات الجديدة، والتوجه نحو التقنية، لأن رافعات التنمية اختلفت عن السابق، وبالتالي نحن نحتاج إلى هذا النوع من الرافعات.
فيما أكد النائب عبدالنبي سلمان، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، في تصريح له على هامش المحاضرة أن المطلوب حاليًا هو اتخاذ قرارات على مستوى الدول الخليجية وعلى مستوى الدولة الواحدة، مشيرًا إلى الحاجة إلى تشريعات تقوم على أساس تعزيز الوحدة الوطنية وتمتين الوحدة الداخلية في البلدان، وتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي والتنموي بين هذه الدول كمعيار ومؤشر مهم لتعزيز الأمن السياسي لا يبنى إلا على أساس الأمن الاقتصادي والاجتماعي، ووحدة المجتمعات الخليجية هي أساس الأمن الاجتماعي والسياسي للحفاظ على كينونة هذه المنطقة.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك