كتبت لمياء إبراهيم:
بمناسبةِ اليوم العالمي للقلب أكَّد الدكتور راشد البناء استشاري أمراض القلب أهميةَ إقامةِ الفعاليات التوعويَّة المختلفة التي تناقشُ آخر المستجدات والأبحاث التي تؤدي إلى تحسين صحة القلب، مبينا أن الفدرالية اتخذت شعارَ هذا العام 2025 «لا تفوِّت أي نبضة» (Don›t miss any beat) دلالة على أهمية الوعي المستمر بصحة القلب والرعاية الاستباقية وإعطاء الأولوية لصحة القلب.. وهذا نص اللقاء:
*ما وضع البحرين بالنسبة إلى أمراض القلب؟
تعدُّ البحرين من الدول الرائدة في مقاربتها المتكاملة لأمراض القلب على مختلف الأصعدة، فمنظومة الصحة الأولية وأخص بذلك على سبيل المثال لا الحصر برنامج عيادة الأمراض المزمنة والذي يتم خلاله تقييم وعلاج المرضى من ذوي الخطورة المرتفعة الإصابة بأمراض القلب وحين الاشتباه في وجود مشكلة متعلقة بالقلب يتم توجيه المريض وتحويله إلى خدمات القلب المتخصصة سواء إلى الرعاية القلبية العاجلة أو العيادات التخصصية حسب معطيات كل مريض على حدة. إضافة إلى ذلك فإن الأدوية المتوفرة لعلاج هذه الأمراض المزمنة والبروتوكولات العلاجية المتبعة من شأنها التقليل والوقاية إلى حد كبير من التعرض للأمراض القلبية الوعائية. أما في حال احتياج المريض إلى رعاية قلبية متخصصة فإن مملكة البحرين تمتلك منظومة رعاية قلبية متكاملة متخصصة في الرعاية الصحية الثانوية والثالثية التخصصية. ما يستحق التنويه انحسار كثير من الأمراض المتعلقة بالقلب كالحمى الرثوية والتي تؤدي الى اعتلال صمامات القلب المختلفة فأصبحت هذه الأمراض نادرة الحدوث بسبب توافر وتقدم الرعاية الصحية والتحسن في المستوى الاجتماعي والاقتصادي. كما يتوفر إجراء فحص سونار(الايكو) القلب للجنين بواسطة أطباء القلب للأطفال في حال الاشتباه في وجود عيوب خلقية لاكتشافها والتعامل معها مبكرا. كل ذلك يدل على توافر الموارد البشرية والبنية التحتية لعلاج أمراض القلب والوقاية منها من قبل الولادة وامتدادا إلى أطوار الأعمار المختلفة.
عن مسببات أمراض القلب أوضح الدكتور راشد أن السمنة والسكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول بالإضافة إلى التدخين والتاريخ العائلي لأمراض القلب مع التوتر والضغوط النفسية من الأسباب الأكثر شيوعا وعوامل الخطورة التقليدية. وهناك أيضا بعض الأسباب غير التقليدية منها مضاعفات بعض الأدوية خصوصا بعض عقارات علاج الأورام والتعرض لبعض الفيروسات ولا ننسى كذلك بعض العيوب الخلقية والوراثية.
وأضاف: «تعدُّ أمراض الشرايين التاجية والذبحات الصدرية، ضعف عضلات القلب بأنواعها، اضطراب النظم القلبية كالرجفان الأذيني، اعتلال صمامات القلب بالإضافة إلى عيوب القلب الخلقية والالتهابات للصمامات القلبية أو عضلة أو غشاء القلب من أمراض القلب الأكثر شيوعا ولا نغفل كذلك مضاعفات ضغط الدم المرتفع الذي قد يفضي إلى تضخم وفشل عضلة القلب والاحتشاءات القلبية بالإضافة إلى الرجفان الأذيني.
*النساء أو الرجال أيهما أكثر عرضة لأمراض القلب؟
-كلا الجنسين معرضان للإصابة بأمراض القلب ولكن توجد هناك فروقات بما يتعلق بنوعية الأمراض وأعراضها. هذا لا يعني اقتصار هذه الأمراض على الإناث أو الذكور دون سواهم بينما تكون أكثر شيوعا في أحدهما.
كدلالة على ذلك مرض الشرايين التاجية الدقيقة (الأوعية الصغيرة) هو غالبا لا يكتشف بالفحوصات التقليدية هو أكثر شيوعا عند النساء. التمزق التلقائي للشريان التاجي بالأخص في فترة الحمل، متلازمة القلب المكسور، تشنج وانقباضات الشرايين التاجية وأمراض الطب المرتبطة بالمناعة كالذئبة الحمراء أكثر شيوعا لدى الإناث أيضا. هناك كذلك مرض ارتفاع ضغط الشريان الرئوي والذي شهد ازديادا مضطردا في عدد الحالات المشخصة بسبب زيادة الوعي لدى المرضى والأطباء عن هذا المرض والذي يصيب النساء أكثر من الرجال.
أما بالنسبة لأمراض القلبية الوعائية فتأخذ منحنى آخر لدى الرجال، مرض انسداد الشرايين التاجية الانسدادية، النوبات القلبية في السن المبكرة، ومرض الشرايين الطرفية.
الاختلافات الأخرى تتعلق بكيفية الشكوى والأعراض المصاحبة فالنساء عادة ما تكون شكواهم غير واضحة المعالم كانزعاج في الصدر مع تعب وغثيان وخفقان في القلب مع ضيق في التنفس على عكس الرجال الذين يشكون من ألم أو ضغط في الصدر وهي الأعراض التقليدية المصاحبة لقصور الشرايين التاجية أو الذبحة الصدرية. ومن الأهمية بمكان أخذ الاعتبار والدراية بهذه الفروقات لدى الجنسين لتفادي تأخير التشخيص والقيام بالفحوصات الصحيحة للوصول إلى التشخيص بسرعة.
*هل أمراض القلب وراثية؟
-هناك بعض الأمراض المرتبطة مباشرة بالوراثة، أمثلة ذلك مرض فرط كولسترول الدم العائلي متماثل الازدواج، وبعض (إحدى موجات تخطيط القلب) وبعض أمراض عضلة القلب كتضخم أو فشل عضلة القلب.
*ما فرص النجاة مع الفحوصات الدورية والكشف المبكر؟
-فرص العلاج والنجاة كبيرة جدا خصوصا عند المقاربة المتكاملة وأقصد بذلك الاستماع والإنصات لشكوى المريض مع التركيز على الأعراض الرئيسية والتاريخ العائلي. يتبع ذلك الفحص السريري الدقيق ومن ثم القيام بالفحوصات القلبية والتحاليل المخبرية. عند اكتشاف أحد هذه الأمراض يتم علاجها بشكل دقيق. قد يقوم الطبيب بإجراء فحص جيني جزئي في بعض الحالات إذا استدعت الضرورة الطبية لذلك.
من ضمن هذه الأمراض التي يمكن علاجها بإجراء الفحوصات الدورية والكشف المبكر انسداد الشرايين التاجية، اضطراب نظم وكهربائية القلب، مرض كولسترول الدم العائلي، اعتلال صمامات القلب والعيوب الخلقية للقلب. بعض هذه الأمراض قد تكون مميتة لا سمح الله والكشف المبكر وعلاجها يجنب المرء المخاطر العالية.
*ما أهم النصائح لتجنب أمراض القلب؟
-قبل الإجابة عن هذا السؤال المهم أجد نفسي ملزما بالتوجه للقارئ الكريم بضرورة استقصاء المعلومات الصحيحة من المصدر الموثوق أقصد بذلك طبيبهم المعالج الموثوق أو المراجع الطبية المحكمة كإصدارات المنظمات الطبية والصحية التخصصية وعدم الاعتماد على ما يثار في مواقع التواصل الاجتماعي التي قد تحتوي أحيانا على معلومات مضللة طالما كلفت كثيرا من المرضى المضاعفات التي تهدد حياتهم بسبب مخالفتهم تعليمات خطتهم العلاجية وتناولهم بعض العلاجات غير الموثوقة.
أما بخصوص أهم النصائح لتجنب أمراض القلب فهي تتمثل أولا في التغذية الصحية بتقليل الدهون المشبعة والمتحررة كالتي توجد في المقليات والوجبات السريعة مع تقليل الملح والسكر والأكارم الخضار والفواكه والأسماك. المحافظة على النشاط البدني له أهمية كبيرة كذلك، تجنب العادات الضارة كالتدخين، تجنب السمنة والسهر. من المهم جدا إدارة التوتر وتجنب الغضب قدر الإمكان لما له من تأثير سلبي في صحة القلب بصورة مباشرة. كذلك الفحص الدوري والمتابعة الطبية مع الالتزام بتعليمات الطبيب المعالج.
أخيرا وليس آخرا إحاطة الإنسان نفسه بالروابط الاجتماعية الدافئة والإيجابية من أفراد العائلة والأصدقاء. فالعلاقات الدافئة ومخالطة ذوي الإنجازات والمتفائلين يحسس المرء بقيمته ويقلل من التوتر ويحسن من استجابة البدن للضغوطات وإدارتها بصورة إيجابية تنعكس على صحة الذهن والقلب.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك