العدد : ١٧٣٢٠ - الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٠ - الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

أخبار البحرين

«أخبار الخليج» تفتح الملف
«النواب» و«الشورى».. تجانس أم تنافس؟!

تحقيق: محمد الساعي

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

نواب: أحيانا نشعر أن كل طرف يعمل بشكل منفصل.. واختلاف المنطلقات هو السبب


غياب التنسيق كفيل بتأخير التشريع وضعف الرقابة وإحباط الرأي العام


ليس من المقبول الاعتراض على تشريعات تعالج مشكلات المواطنين.. وهذا ما يحدث


وآخرون: عدم التجانس موجود داخل النواب أنفسهم


رفض الشوريين أي مقترح لا يعني نهاية المطاف


 

في‭ ‬مقابلة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬أخبار‭ ‬الخليج‮»‬،‭ ‬تحدث‭ ‬النائب‭ ‬الثاني‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬أحمد‭ ‬قراطة‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أداء‭ ‬المجلس‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬أكد‭ ‬قراطة‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يتمتع‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬بخبرات‭ ‬أكبر،‭ ‬فإن‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬يمتلك‭ ‬أدوات‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬التشريع‭ ‬والرقابة،‭ ‬كما‭ ‬ان‭ ‬حجم‭ ‬العمل‭ ‬النيابي‭ ‬يفوق‭ ‬الشورى،‭ ‬ولكن‭ ‬التجار‭ ‬السابقة‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬لم‭ ‬تعبر‭ ‬عن‭ ‬تنسيق‭ ‬وانسجام‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬بل‭ ‬أحيانا‭ ‬يكون‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬عائقا‭ ‬أمام‭ ‬طموحات‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭!‬

ملاحظة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬غرفتي‭ ‬المجلس‭ ‬التشريعي‭. ‬فما‭ ‬مظاهر‭ ‬عدم‭ ‬الانسجام‭ ‬وما‭ ‬أسبابها‭ ‬ومن‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬ذلك؟‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يسبب‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬في‭ ‬إعاقة‭ ‬العمل‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬في‭ ‬المجلسين؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬23‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المشترك؟

تساؤلات‭ ‬ناقشناها‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النواب‭. ‬ولا‭ ‬نبوح‭ ‬سرا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬خلاصة‭ ‬القول‭ ‬هي‭ ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬أكدوا‭ ‬فعلا‭ ‬ما‭ ‬ذهب‭ ‬اليه‭ ‬النائب‭ ‬الثاني،‭ ‬وإن‭ ‬حمّل‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم‭ ‬مسؤولية‭ ‬مشتركة‭. ‬

‭ ‬الغريب‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬الذين‭ ‬طلبوا‭ ‬عدم‭ ‬ذكر‭ ‬أسمائهم،‭ ‬أكدوا‭ ‬أن‭ ‬الامر‭ ‬أحيانا‭ ‬يتجاوز‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الانسجام‭ ‬الى‭ ‬التصريح‭ ‬بأن‭ ‬طرفا‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الاخر‭ ‬وأكثر‭ ‬خبرة‭. ‬وأحيانا‭ ‬يشعرون‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬أشبه‭ ‬بالخصام‭ ‬أو‭ ‬الجدال‭ ‬بين‭ ‬الطرفين،‭ ‬بل‭ ‬قال‭ ‬البعض‭ ‬انهم‭ ‬خلال‭ ‬اجتماعاتهم‭ ‬المشتركة‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬والشوريين،‭ ‬يلمسون‭ ‬أن‭ ‬الشوريين‭ ‬حكوميون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭.‬

وقال‭ ‬نواب‭ ‬إنه‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬بمكان‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬مصالح‭ ‬الوطن‭ ‬والموطن،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬ان‭ ‬يظهر‭ ‬الشوريون‭ ‬بصورة‭ ‬أنهم‭ ‬يهتمون‭ ‬للوطن‭ ‬قبل‭ ‬المواطن،‭ ‬والنواب‭ ‬يهتمون‭ ‬للمواطن‭ ‬قبل‭ ‬الوطن‭!‬

وذهب‭ ‬البعض‭ ‬الى‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬وهو‭ ‬التخوف‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬تخلق‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬العلاقة‭ ‬غير‭ ‬السلمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المعاملة‭ ‬بالمثل‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البعض‭. ‬بمعنى‭ ‬ان‭ ‬يفكر‭ ‬البعض‭ ‬طالما‭ ‬تم‭ ‬رفض‭ ‬مقترحي‭ ‬من‭ ‬الشورى،‭ ‬سأرفض‭ ‬انا‭ ‬مقترحهم‭ ‬في‭ ‬النواب‭.. ‬والعكس‭! ‬

التنسيق‭ ‬موجود‭.. ‬ولكن

هل‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الانسجام‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب؟‭ ‬

سؤال‭ ‬طرحناه‭ ‬بداية‭ ‬على‭ ‬النائب‭ ‬الأول‭ ‬لرئيس‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬عبدالنبي‭ ‬سلمان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أجاب‭ ‬عنه‭ ‬بقوله‭: ‬

ربما‭ ‬لدي‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬مختلفة‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الطرح،‭ ‬حيث‭ ‬أرى‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬تنسيقا‭ ‬موجودا‭ ‬فعلا‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬العليا‭ ‬ومستوى‭ ‬اللجان‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬مناقشة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬المشتركة‭ ‬كالميزانية‭ ‬وغيرها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬مستمر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الرئيسين‭ ‬ونوابهما‭. ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬الاختلاف‭ ‬الموجود‭ ‬هو‭ ‬طبيعة‭ ‬عمل‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭. ‬فمثلا‭ ‬يضطلع‭ ‬المجلس‭ ‬النيابي‭ ‬بمسؤوليات‭ ‬هامة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالرقابة‭ ‬ولجان‭ ‬التحقيق‭ ‬والاسئلة‭ ‬البرلمانية‭ ‬والمناقشات‭ ‬العامة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التشريع‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭. ‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬تنسيق‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمواقف‭ ‬والمشاركة‭ ‬بالفعاليات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية‭ ‬والمؤتمرات‭ ‬والشعبة‭ ‬البرلمانية‭ ‬وغيرها،‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬طالما‭ ‬هناك‭ ‬لجان‭ ‬مشتركة‭ ‬فهناك‭ ‬تنسيق‭. ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬اليه‭ ‬هو‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬تنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات،‭ ‬والأهم‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬تفّهم‭ ‬المجلسان‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬والبلد‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬الحالية‭ ‬والقادمة‭.‬

فالقضايا‭ ‬التي‭ ‬يطرحها‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬لا‭ ‬تبتعد‭ ‬عن‭ ‬اهتمامات‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالجوانب‭ ‬المعيشية‭ ‬والعمل‭ ‬والبطالة‭ ‬والبحرنة‭ ‬والأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياسية،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يتطلب‭ ‬تنسيقا‭ ‬مستمرا‭ ‬وانسجاما‭ ‬وتعاونا‭ ‬كبيرا‭. ‬وهناك‭ ‬حاجة‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬تحديدا‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬القضايا‭ ‬الأساسية‭. ‬فمثلا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬ان‭ ‬يعترض‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬على‭ ‬تشريعات‭ ‬تعزز‭ ‬من‭ ‬البحرنة‭ ‬أو‭ ‬تتعلق‭ ‬بالبطالة‭ ‬أو‭ ‬الإسكان‭ ‬او‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وغيرها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬أحيانا‭ ‬عند‭ ‬الاخوان‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭. ‬وهذا‭ ‬ربما‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬قناعتهم‭ ‬ونظرتهم‭ ‬للجوانب‭ ‬والإمكانيات‭ ‬الاقتصادي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬اننا‭ ‬ننطلق‭ ‬من‭ ‬هاجس‭ ‬المجتمع‭ ‬والجانب‭ ‬الاجتماعي‭ ‬واولويات‭ ‬المواطن‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬تقارب‭ ‬وانسجام‭ ‬كامل‭ ‬وتعاون‭ ‬وتفهم‭ ‬لطبيعة‭ ‬المقترحات،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يعيق‭ ‬العمل‭ ‬وأداء‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬الحيوية‭ ‬الهامة‭. ‬

وأعيد‭ ‬التأكيد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬اهتمامات‭ ‬الشوريين‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬اهتمامات‭ ‬النواب،‭ ‬ولكنهم‭ ‬ربما‭ ‬ينطلقون‭ ‬من‭ ‬منطلقات‭ ‬مختلفة‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬تجعلهم‭ ‬يترددون‭ ‬في‭ ‬تمرير‭ ‬بعض‭ ‬المقترحات‭ ‬والمشاريع‭. ‬ثم‭ ‬ان‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يتميز‭ ‬بتنوع‭ ‬في‭ ‬التخصصات‭ ‬والكفاءات،‭ ‬ويضم‭ ‬اقتصاديين‭ ‬ورجال‭ ‬اعمال‭ ‬وقانون‭ ‬ومهندسين‭ ‬وغيرهم‭. ‬وهذا‭ ‬جانب‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬وتثري‭ ‬العمل،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التنويع‭ ‬بنفس‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬يعيق‭ ‬العمل‭ ‬أحيانا‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬نفسه‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬انسجام‭ ‬وتنسيق‭. ‬وذات‭ ‬الامر‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬انسجاما‭ ‬تاما‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬تباين‭ ‬أيضا‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المواقف‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬ووجهات‭ ‬النظر‭ ‬والخلفيات‭. ‬والتنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬هو‭ ‬منطلق‭ ‬النجاح‭.‬

*‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الطويلة‭ ‬للبرلمان،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين؟

**‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مدة‭ ‬التجربة‭ ‬فإننا‭ ‬نبقى‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬بناء‭. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مرحلة‭ ‬ان‭ ‬تجربتنا‭ ‬مكتملة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬تجربة‭ ‬طموحة‭ ‬تركز‭ ‬على‭ ‬المستقبل‭. ‬

لذلك‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬ينقص‭ ‬تجربتنا‭ ‬البرلمانية‭ ‬الكثير،‭ ‬ولكنها‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬تنضج‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬الوقت،‭ ‬وأن‭ ‬ينهض‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر‭ ‬وأكثر‭ ‬تنسيقا‭ ‬في‭ ‬أداء‭ ‬مهامهم‭ ‬الوطنية‭. ‬فما‭ ‬نبنيه‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬للأجيال‭ ‬القادمة‭ ‬وللمستقبل‭ ‬وللأبناء‭. ‬وما‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نركز‭ ‬عليه‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬كيف‭ ‬سيعيش‭ ‬أبناؤنا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬وكيف‭ ‬نجعل‭ ‬من‭ ‬الوضع‭ ‬المعيشي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والسياسي‭ ‬أفضل‭ ‬لهم‭. ‬وهذه‭ ‬منطلقات‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬عليها‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬المجلسين،‭ ‬ولكننا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تعاون‭ ‬وتنسيق‭ ‬بناء،‭ ‬وإرساء‭ ‬قواعد‭ ‬أساسية‭ ‬للعمل‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬المجلسين‭ ‬وإنضاج‭ ‬التجربة‭.‬

التكامل‭ ‬بالاختلاف

ننتقل‭ ‬بتساؤلاتنا‭ ‬الى‭ ‬النائبة‭ ‬جليلة‭ ‬علوي‭ ‬السيد‭ ‬حسن،‭ ‬لنستفهم‭: ‬هل‭ ‬فعلا‭ ‬هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬تتعلق‭ ‬بالتنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬بين‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب؟

تجيبنا‭ ‬السيد‭: ‬أولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أريد‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتكامل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاختلاف‭ ‬وعدم‭ ‬التطابق‭ ‬التام‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬التكوين‭ ‬الذي‭ ‬يضم‭ ‬غرفتين‭. ‬فعدم‭ ‬الاتفاق‭ ‬التام‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يقود‭ ‬الى‭ ‬التكامل‭ ‬بين‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭. ‬ومن‭ ‬الصعب‭ ‬تصور‭ ‬ان‭ ‬نرى‭ ‬مثلا‭ ‬ثمانين‭ ‬عضوا‭ ‬كلهم‭ ‬من‭ ‬خلفيات‭ ‬ومنطلقات‭ ‬متشابهة‭. ‬فمثلا‭ ‬الأربعين‭ ‬النائب‭ ‬القادمين‭ ‬من‭ ‬نبض‭ ‬وصوت‭ ‬الشارع،‭ ‬يختلفون‭ ‬في‭ ‬منطلقات‭ ‬عملهم‭ ‬وأولوياتهم‭ ‬عن‭ ‬الأربعين‭ ‬المعينين‭ ‬والمتخصصين‭. ‬وهذا‭ ‬المزيج‭ ‬يخلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬المتكامل‭ ‬في‭ ‬الرؤى‭.‬

أضف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاركات‭ ‬المشتركة‭ ‬الناجحة‭ ‬بين‭ ‬الشوريين‭ ‬والنواب‭ ‬في‭ ‬الفعاليات‭ ‬والمناسبات‭ ‬المختلفة‭ ‬والمحافل‭ ‬الدولية‭ ‬كصوت‭ ‬واحد‭ ‬وجهة‭ ‬تشريعية‭ ‬واحدة‭. ‬كما‭ ‬تخضع‭ ‬بعض‭ ‬الملفات‭ ‬للتواصل‭ ‬المباشر‭ ‬والتنسيق‭ ‬والاجتماعات‭ ‬والنقاشات‭ ‬المشتركة‭ ‬مثل‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة،‭ ‬وكذلك‭ ‬الملفات‭ ‬الوطنية‭ ‬العامة‭ ‬مثل‭ ‬تمكين‭ ‬المرأة‭ ‬والشباب‭ ‬والمعاقين‭ ‬وتكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وغيرها‭. ‬

ولكن‭ ‬ربما‭ ‬الإشكالية‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التكامل‭ ‬يفتقر‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬التنسيق،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يصل‭ ‬الى‭ ‬المستوى‭ ‬المطلوب‭ ‬من‭ ‬التوافق‭ ‬والانسجام‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬أو‭ ‬الفصول‭ ‬السابقة‭. ‬ونضطر‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬إلى‭ ‬التواصل‭ ‬بجهود‭ ‬شخصية‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أركز‭ ‬عليه‭ ‬شخصيا‭ ‬كرئيسة‭ ‬لجنة،‭ ‬للتغلب‭ ‬على‭ ‬إشكالية‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التواصل‭ (‬غير‭ ‬المستمر‭) ‬مع‭ ‬الشوريين‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اللقاءات‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا‭ ‬بالمصادفة‭ ‬بحسب‭ ‬طبيعة‭ ‬الملفات،‭ ‬وأحرص‭ ‬على‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬الشوريين‭ ‬بشأن‭ ‬بعض‭ ‬مقترحاتهم‭ ‬لمناقشة‭ ‬جوانب‭ ‬معينة‭ ‬قبل‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرار‭ ‬بشأنها‭. ‬ولكنها‭ ‬كما‭ ‬ذكرت،‭ ‬تبقى‭ ‬جهودا‭ ‬شخصية،‭ ‬ولا‭ ‬أنكر‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬دائما‭ ‬سلس‭ ‬وخال‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭. ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬مثلا‭ ‬الاجتماع‭ ‬مع‭ ‬صاحب‭ ‬المقترح‭ ‬ومناقشته‭ ‬واستيضاح‭ ‬رؤيته‭ ‬وتطوير‭ ‬مقترحه‭. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬للأسف‭. ‬علما‭ ‬بان‭ ‬الأمر‭ ‬يعتمد‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬اللجان‭. ‬فمثلا‭ ‬في‭ ‬اللجان‭ ‬المالية‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬وتواصل‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬اللجان‭ ‬الأخرى‭.‬

والأمر‭ ‬الآخر،‭ ‬نسمع‭ ‬أحيانا‭ ‬تعليقات‭ ‬مفاجئة‭ ‬من‭ ‬البعض‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬الشوريين‭ ‬أفضل‭ ‬وأكثر‭ ‬كفاءة‭ ‬من‭ ‬النواب‭. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬صحيحا‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الجوانب‭ ‬كونهم‭ ‬معيين‭ ‬ومنتقين‭ ‬بعناية‭ ‬من‭ ‬نخبة‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬انتقاص‭ ‬دور‭ ‬النواب‭ ‬ومكانتهم‭ ‬كونهم‭ ‬يمثلون‭ ‬الشارع‭ ‬البحريني،‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يحرص‭ ‬الجانبان‭ ‬على‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬حالة‭ ‬شبه‭ ‬خصام‭ ‬أو‭ ‬جدال‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬وتتابع‭ ‬جليلة‭ ‬السيد‭: ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬طبيعة‭ ‬الأدوار‭ ‬والمسؤوليات‭ ‬قد‭ ‬تختلف‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭. ‬فمثلا‭ ‬عند‭ ‬وصول‭ ‬المقترح‭ ‬الى‭ ‬اللجنة‭ ‬المعنية‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الشورى‭ ‬أو‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬تبدأ‭ ‬اللجنة‭ ‬بأخذ‭ ‬مرئيات‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬بالمقترح‭ ‬مثل‭ ‬الجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬المختصة،‭ ‬وكذلك‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأهلية‭ ‬المعنية‭ ‬والاختصاصيين‭ ‬وغيرهم،‭ ‬ويتم‭ ‬تسليمه‭ ‬جاهزا‭ ‬ومتكاملا‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭.‬

كما‭ ‬تعمد‭ ‬اللجنة‭ ‬الى‭ ‬إجراء‭ ‬دراسات‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬خاصة‭ ‬الخليجية،‭ ‬وتأخذ‭ ‬بجميع‭ ‬الملاحظات‭ ‬لتقدمها‭ ‬جاهزة‭ ‬ومنسقة‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭. ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إليهم‭ ‬يكون‭ ‬متكاملا‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان‭ ‬ومستندا‭ ‬إلى‭ ‬مجهود‭ ‬كبير‭ ‬ووقت‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬والتمحيص‭. ‬

لذلك،‭ ‬بعد‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الطويلة،‭ ‬نحتاج‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬المعلن‭ ‬وتعاون‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬معا،‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬دائرة‭ ‬اللجان‭ ‬الداخلية‭ ‬فقط‭ ‬الى‭ ‬تنسيق‭ ‬شامل‭ ‬ومتكامل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المقترحات‭ ‬والملفات‭. ‬فما‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تواصل‭ ‬مستمر‭ ‬لتلاقح‭ ‬الأفكار‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬طالما‭ ‬ان‭ ‬هدفنا‭ ‬واحد؟‭ ‬وما‭ ‬الضير‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬اجتماعات‭ ‬متواصلة‭ ‬بخصوص‭ ‬أي‭ ‬ملف‭ ‬او‭ ‬مقترح‭ ‬يقدم‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬النواب‭ ‬او‭ ‬الشوريين؟

التكامل‭ ‬لا‭ ‬التنافس

موضوعنا‭ ‬هذا‭ ‬ناقشناه‭ ‬أيضا‭ ‬مع‭ ‬النائب‭ ‬جلال‭ ‬كاظم،‭ ‬الذي‭ ‬أوضح‭ ‬أن‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نسلم‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬اختلافا‭ ‬في‭ ‬الأولويات‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭. ‬وأضاف‭: ‬

مجلس‭ ‬الشورى‭ (‬المعين‭)‬،‭ ‬غالبًا‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬التشريعات‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والبعيد‭ ‬المدى،‭ ‬كالتنمية‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الإدارية،‭ ‬والسياسات‭ ‬العامة‭. ‬ولكونه‭ ‬غير‭ ‬منتخب،‭ ‬فإن‭ ‬أعضاءه‭ ‬أقل‭ ‬عرضة‭ ‬للضغوط‭ ‬الشعبية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬يميلون‭ ‬الى‭ ‬طرح‭ ‬رؤى‭ ‬فنية‭ ‬أو‭ ‬نخبوية‭.‬

اما‭ ‬بالنسبة‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ (‬المنتخب‭)‬،‭ ‬فإنه‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬يتأثر‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬بضغط‭ ‬الناخبين،‭ ‬فيميل‭ ‬الى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬القضايا‭ ‬اليومية‭ ‬والمعيشية‭ ‬كالبطالة،‭ ‬الرواتب،‭ ‬الدعم‭ ‬الحكومي،‭ ‬والخدمات‭. ‬لذلك‭ ‬الأولويات‭ ‬لديهم‭ ‬غالبًا‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭ ‬وتستجيب‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭. ‬

وبالتالي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬التفاوت‭ ‬الى‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬التجانس‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تنسيق،‭ ‬ومن‭ ‬مظاهر‭ ‬ذلك‭:‬

‭- ‬تباين‭ ‬التوجهات‭. ‬فالنواب‭ ‬يسعون‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬رضا‭ ‬الجمهور،‭ ‬فيما‭ ‬يركز‭ ‬الشورى‭ ‬على‭ ‬صياغة‭ ‬متوازنة‭ ‬وهادئة‭ ‬للتشريعات‭.‬

‭- ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬القوانين‭. ‬فمشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬يقرها‭ ‬النواب‭ ‬قد‭ ‬تُبطئ‭ ‬أو‭ ‬تُعدَّل‭ ‬جذريًا‭ ‬في‭ ‬الشورى‭ ‬وغالباً‭ ‬ترفض‭.‬

‭- ‬ضعف‭ ‬قنوات‭ ‬التواصل‭ ‬المؤسسية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬التنسيق‭ ‬غالبًا‭ ‬يتم‭ ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬اللجان‭ ‬المشتركة،‭ ‬لكنه‭ ‬محدود‭ ‬خارج‭ ‬ذلك‭.‬

‭- ‬ازدواجية‭ ‬الجهود‭. ‬فأحيانًا‭ ‬يعمل‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬على‭ ‬ملفات‭ ‬متقاربة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬توحيد‭ ‬الموقف‭.‬

*‭ ‬وإلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬ينعكس‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأهداف؟

**‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬لهذا‭ ‬الامر‭ ‬انعكاساته‭ ‬المباشرة‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬والعمل‭ ‬بين‭ ‬المجلسين،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭:‬

‭- ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تأخير‭ ‬صدور‭ ‬التشريعات‭ ‬نتيجة‭ ‬إعادة‭ ‬النقاشات‭ ‬والأخذ‭ ‬والرد‭.‬

‭- ‬يضعف‭ ‬فاعلية‭ ‬الرقابة‭ ‬والتشريع‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬يتحرك‭ ‬بمنطق‭ ‬مختلف‭.‬

‭- ‬يسبب‭ ‬إحباطًا‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭ ‬حين‭ ‬تتأخر‭ ‬القوانين‭ ‬أو‭ ‬تُفرغ‭ ‬من‭ ‬مضمونها‭.‬

‭- ‬يحد‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬بلورة‭ ‬رؤية‭ ‬تشريعية‭ ‬موحدة‭ ‬تدعم‭ ‬الخطط‭ ‬الوطنية‭.‬

*‭ ‬في‭ ‬اعتقادك‭.. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬بعد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية؟

**‭ ‬بعد‭ ‬23‭ ‬سنة‭ ‬من‭ ‬التجربة‭ ‬البرلمانية،‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬مازالت‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬التركيز‭ ‬عليها،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭:‬

‭- ‬غياب‭ ‬آليات‭ ‬دائمة‭ ‬للتنسيق‭ ‬المسبق‭ ‬قبل‭ ‬طرح‭ ‬القوانين‭.‬

‭- ‬ضعف‭ ‬التكامل‭ ‬في‭ ‬الأدوار‭ (‬التشريعية،‭ ‬الرقابية،‭ ‬الاستشارية‭).‬

‭- ‬عدم‭ ‬وضوح‭ ‬الأولويات‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬مصلحة‭ ‬المواطن‭ ‬والاستراتيجيات‭ ‬الوطنية‭.‬

وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬المطلوب‭ ‬للمرحلة‭ ‬القادمة‭: ‬

‭- ‬إنشاء‭ ‬لجان‭ ‬تنسيقية‭ ‬مشتركة‭ ‬دائمة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬للتوافق‭ ‬على‭ ‬الأولويات‭.‬

‭- ‬وضع‭ ‬أجندة‭ ‬تشريعية‭ ‬موحدة‭ ‬ترتبط‭ ‬بالخطط‭ ‬الوطنية‭ (‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‭ ‬مثلًا‭).‬

‭- ‬تعزيز‭ ‬التواصل‭ ‬المؤسسي‭ ‬والإعلامي‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬لشرح‭ ‬مبررات‭ ‬القرارات‭ ‬للرأي‭ ‬العام‭.‬

‭- ‬تطوير‭ ‬آليات‭ ‬التكامل‭ ‬لا‭ ‬التنافس،‭ ‬بحيث‭ ‬يركز‭ ‬النواب‭ ‬على‭ ‬هموم‭ ‬الناس‭ ‬المباشرة،‭ ‬والشورى‭ ‬على‭ ‬البعد‭ ‬الاستراتيجي،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬خطة‭ ‬واحدة‭.‬

ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الطموح

محطتنا‭ ‬التالية‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬النائب‭ ‬هشام‭ ‬العشيري،‭ ‬الذي‭ ‬اتفق‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬طرحه‭ ‬النائب‭ ‬أحمد‭ ‬قراطة‭ ‬بشأن‭ ‬غياب‭ ‬التنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭. ‬وأوضح‭ ‬ذلك‭ ‬بقوله‭: ‬نعم،‭ ‬أتفق‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬طرحه‭ ‬الزميل‭ ‬النائب‭ ‬أحمد‭ ‬قراطة،‭ ‬فالتجارب‭ ‬السابقة‭ ‬أظهرت‭ ‬أن‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ومجلس‭ ‬الشورى‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الطموح‭. ‬والسبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬غياب‭ ‬إطار‭ ‬تنظيمي‭ ‬واضح‭ ‬يفرض‭ ‬آلية‭ ‬تنسيق‭ ‬ثابتة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬لجنة‭ ‬إعداد‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للدولة‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬الحالات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬النص‭ ‬على‭ ‬التنسيق،‭ ‬بينما‭ ‬تظل‭ ‬بقية‭ ‬الملفات‭ ‬رهينة‭ ‬لاجتهادات‭ ‬فردية‭ ‬أو‭ ‬مواقف‭ ‬مرحلية‭.‬

*‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬اختلاف‭ ‬في‭ ‬الأولويات‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين‭ ‬نتيجة‭ ‬اختلاف‭ ‬طبيعتهم‭ (‬معينون‭/‬منتخبون‭)‬؟

**‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬التباين‭ ‬في‭ ‬الأولويات‭ ‬يعود‭ ‬بالفعل‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬التشكيل‭. ‬فالنائب‭ ‬المنتخب‭ ‬يواجه‭ ‬ضغطًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬والناخبين،‭ ‬ما‭ ‬يدفعه‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬بشكل‭ ‬عاجل‭ ‬وملموس‭. ‬أما‭ ‬العضو‭ ‬المعيَّن‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬فغالبًا‭ ‬ما‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬الخبرة‭ ‬الفنية‭ ‬والقانونية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬أحيانًا‭ ‬تباينًا‭ ‬في‭ ‬زاوية‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬القضايا،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬مشتركًا‭ ‬وهو‭ ‬خدمة‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭.‬

*‭ ‬وما‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهر‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق؟

**‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬الأمثلة،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تظهر‭ ‬عند‭ ‬مناقشة‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬الكبرى‭ ‬مثل‭ ‬قانون‭ ‬المحاماة‭ ‬أو‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة،‭ ‬حيث‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬التشريعات‭ ‬يتم‭ ‬إقرارها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬لكن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬يرفضها‭ ‬أو‭ ‬يعدلها‭ ‬بشكل‭ ‬جوهري‭. ‬هذا‭ ‬بدوره‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بقاء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬عالقة‭ ‬لفترات‭ ‬طويلة‭ ‬نتيجة‭ ‬اختلاف‭ ‬التصويتات‭ ‬بين‭ ‬المجلسين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬آليات‭ ‬أكثر‭ ‬فعالية‭ ‬للتنسيق‭ ‬المسبق‭.‬

*‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬مدى‭ ‬يعيق‭ ‬ذلك‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف؟

**‭ ‬غياب‭ ‬التنسيق‭ ‬يؤدي‭ ‬عمليًا‭ ‬إلى‭ ‬تأخير‭ ‬وتعطيل‭ ‬إقرار‭ ‬بعض‭ ‬التشريعات‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬تمس‭ ‬حياة‭ ‬المواطنين‭ ‬مباشرة‭. ‬وهذا‭ ‬التأخير‭ ‬لا‭ ‬يؤثر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬التشريعي،‭ ‬بل‭ ‬يضعف‭ ‬أيضًا‭ ‬ثقة‭ ‬الشارع‭ ‬في‭ ‬سرعة‭ ‬استجابة‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬لمطالبه‭ ‬وتطلعاته‭.‬

لذلك،‭ ‬في‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ينقصنا‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬تأسيس‭ ‬قنوات‭ ‬مؤسسية‭ ‬للتنسيق،‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬المبادرات‭ ‬الفردية‭. ‬فالمطلوب‭ ‬هو‭:‬

‭- ‬تنسيق‭ ‬منتظم‭ ‬بين‭ ‬رؤساء‭ ‬اللجان‭ ‬في‭ ‬المجلسين‭ ‬عند‭ ‬بحث‭ ‬القوانين‭ ‬ذات‭ ‬الأهمية‭ ‬المشتركة‭.‬

‭- ‬عقد‭ ‬اجتماعات‭ ‬مشتركة‭ ‬بين‭ ‬أعضاء‭ ‬اللجان‭ ‬المعنية‭ ‬قبل‭ ‬رفع‭ ‬القوانين‭ ‬إلى‭ ‬الجلسات‭ ‬العامة‭.‬

‭- ‬تعزيز‭ ‬دور‭ ‬رئيسي‭ ‬المجلسين‭ ‬في‭ ‬الدفع‭ ‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬جسور‭ ‬التعاون،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬ينعكس‭ ‬إيجابًا‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬التشريع‭ ‬وسرعة‭ ‬إنجازه‭.‬

المنطلقات‭.. ‬هي‭ ‬المعيار

لقاؤنا‭ ‬التالي‭ ‬كان‭ ‬مع‭ ‬النائب‭ ‬محمد‭ ‬المعرفي،‭ ‬لنقف‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يؤيد‭ ‬رأي‭ ‬غياب‭ ‬التنسيق‭.. ‬أم‭ ‬له‭ ‬رأي‭ ‬مختلف؟

يجيبنا‭ ‬المعرفي‭ ‬مباشرة‭: ‬أولا‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬صحي‭ ‬ويصب‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية‭. ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬كثيرة‭ ‬هناك‭ ‬غياب‭ ‬في‭ ‬التجانس‭ ‬بين‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب،‭ ‬مرتبط‭ ‬بأمر‭ ‬مهم‭ ‬وهو‭ ‬طبيعة‭ ‬المنطلقات‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬طرف‭. ‬فالنواب‭ ‬ينطلقون‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬المواطنين‭ ‬واحتياجاتهم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يخلق‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬النواب‭ ‬ويدفعهم‭ ‬إلى‭ ‬تقديم‭ ‬مقترحات‭ ‬متزايدة‭ ‬ومتسارعة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬شق‭ ‬الخدمات‭. ‬وهذا‭ ‬يمتد‭ ‬حتى‭ ‬إلى‭ ‬ارباك‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬أيضا‭ ‬وليس‭ ‬مع‭ ‬الشورى‭ ‬فقط‭. ‬

ومن‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬حقيقي‭ ‬عدا‭ ‬جوانب‭ ‬محددة‭ ‬ضبطها‭ ‬القانون‭ ‬والنظام‭ ‬الداخلي‭ ‬في‭ ‬المجلسين‭ ‬وهي‭ ‬اللجان‭ ‬المشتركة‭ ‬مثل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭. ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الإشكاليات‭ ‬الموجودة‭ ‬فعلا،‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬النواب‭ ‬مقترحات‭ ‬في‭ ‬نظرهم‭ ‬مستعجلة‭ ‬وتنبع‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬المواطنين،‭ ‬ولكن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬المعين‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬تواصل‭ ‬مباشر‭ ‬مع‭ ‬الناخبين،‭ ‬وهنا‭ ‬قد‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المقترحات‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تؤخذ‭ ‬بنفس‭ ‬الجدية‭ ‬أو‭ ‬الاستعجال‭. ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬التعليق‭ ‬بان‭ ‬هناك‭ ‬اتفاقا‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬عمل‭ ‬واضح،‭ ‬ومثل‭ ‬هذه‭ ‬المقترحات‭ ‬المستحدثة‭ ‬ترهق‭ ‬الميزانية‭ ‬والعمل‭ ‬الحكومي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬الشورى‭ ‬ينطلق‭ ‬في‭ ‬نظرته‭ ‬من‭ ‬الميزانية‭ ‬وبرنامج‭ ‬العمل‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬بما‭ ‬يحقق‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭ ‬أيضا،‭ ‬بشكل‭ ‬مختلف‭ ‬عن‭ ‬نظرة‭ ‬النواب‭.‬

ونحن‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نلوم‭ ‬الشورى،‭ ‬بل‭ ‬نبدأ‭ ‬بلوم‭ ‬أنفسنا،‭ ‬حيث‭ ‬تقدمنا‭ ‬بعدة‭ ‬مقترحات‭ ‬لتعديل‭ ‬اللوائح‭ ‬بما‭ ‬يعزز‭ ‬هذا‭ ‬التنسيق،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬عدم‭ ‬بقاء‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬انعقاد،‭ ‬وللأسف‭ ‬لم‭ ‬تر‭ ‬هذه‭ ‬المقترحات‭ ‬النور‭. ‬ولكني‭ ‬بالمقابل‭ ‬ألوم‭ ‬الشورى‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬واحد‭ ‬وهو‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬استبعاد‭ ‬المقترحات‭ ‬الخدمية‭ ‬المهمة‭. ‬هنا‭ ‬يبرز‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬أو‭ ‬التوافق،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬كثيرا‭ ‬في‭ ‬المقترحات‭ ‬بقانون،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرجعنا‭ ‬الى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر‭. ‬وكلما‭ ‬نتقدم‭ ‬للهدف‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬تمرير‭ ‬المقترحات‭ ‬بقانون‭ ‬والمشاريع‭ ‬الحكومية‭ ‬نعود‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬الى‭ ‬نقطة‭ ‬البداية‭. ‬لذلك‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬بقانون‭ ‬التي‭ ‬مررها‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬ترتبط‭ ‬بحاجات‭ ‬ملحة‭ ‬من‭ ‬المواطن،‭ ‬تجدها‭ ‬مجمدة‭ ‬ومخزنة‭ ‬ومعطلة‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬الشورى‭. ‬ونحن‭ ‬كما‭ ‬اكدت‭ ‬لا‭ ‬نشكك‭ ‬في‭ ‬خدماتهم‭ ‬واهتمامهم،‭ ‬ولكن‭ ‬نطلب‭ ‬منهم‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬أولويات‭ ‬المواطن‭ ‬والمقترحات‭ ‬التي‭ ‬نقدمها‭. ‬وهذه‭ ‬المشكلة‭ ‬موجودة‭ ‬منذ‭ ‬البداية‭. ‬فشخصيا‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬التشريعي‭ ‬الرابع‭. ‬وكنا‭ ‬نلمس‭ ‬مشكلة‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬والتجانس‭. ‬وعدت‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬السادس،‭ ‬وذات‭ ‬المشكلة‭ ‬قائمة‭. ‬فليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬إيقاف‭ ‬مشروع‭ ‬متكامل‭ ‬بسبب‭ ‬فقرة‭ ‬واحدة‭ ‬أو‭ ‬بند‭ ‬واحد‭! ‬وقد‭ ‬تأتينا‭ ‬المشاريع‭ ‬بتغييرات‭ ‬جذرية‭ ‬لا‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬رأينا‭ ‬الهدف‭ ‬الموضوعة‭ ‬من‭ ‬أجله‭.‬

وأعيد‭ ‬التأكيد‭ ‬بأننا‭ ‬لا‭ ‬ننتقص‭ ‬أو‭ ‬نشكك‭ ‬في‭ ‬قرارات‭ ‬الشوريين‭ ‬ومنطلقاتهم‭ ‬الوطنية،‭ ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬الشورى‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬رؤية‭ ‬أكثر‭ ‬اتزانا،‭ ‬ونؤمن‭ ‬بقدراتهم‭ ‬وتخصصاتهم‭ ‬وكفاءتهم‭ ‬التي‭ ‬أهلتهم‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬كونهم‭ ‬من‭ ‬صفوة‭ ‬المجتمع،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جهود‭ ‬أكبر‭ ‬للتنسيق‭ ‬مثل‭ ‬تكثيف‭ ‬اللجان‭ ‬المشتركة‭ ‬والتواصل‭ ‬المباشر‭. ‬فالتواصل‭ ‬مع‭ ‬النواب‭ ‬ليس‭ ‬صعبا‭. ‬ولدينا‭ ‬مكاتب‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬مكاتب‭ ‬الشوريين،‭ ‬ولدينا‭ ‬أمانة‭ ‬عامة‭ ‬وهواتف‭ ‬متاحة‭ ‬وسكرتارية‭. ‬ثم‭ ‬اننا‭ ‬نمثل‭ ‬سلطة‭ ‬واحدة،‭ ‬ولدينا‭ ‬قاسم‭ ‬وهدف‭ ‬مشترك‭ ‬وهو‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطن‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يلقى‭ ‬قبولا‭ ‬مبدئيا‭ ‬من‭ ‬الشوريين،‭ ‬بالإمكان‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬مقدميه‭ ‬ومناقشتهم‭ ‬وإقناعهم‭ ‬بالأمر‭ ‬أو‭ ‬الاقتناع‭ ‬برأيهم،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬طرف،‭ ‬ويمكن‭ ‬تعديل‭ ‬أو‭ ‬تطوير‭ ‬المقترح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التنسيق‭ ‬والتعاون‭ ‬والتجانس‭. ‬أما‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬منفصلين‭ ‬عن‭ ‬بعضنا‭ ‬البعض‭ ‬وغير‭ ‬متجانسين‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬محمود،‭ ‬وينعكس‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬العمل‭. ‬تصور‭ ‬مثلا‭ ‬ألا‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬بين‭ ‬الوزارات‭ ‬الحكومية‭ ‬المختلفة‭! ‬كيف‭ ‬سيكون‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬الحكومي؟‭ ‬ذات‭ ‬الأمر‭ ‬ينسحب‭ ‬هنا‭ ‬بين‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭. ‬فالاختلاف‭ ‬والنقاش‭ ‬صحي‭ ‬ومطلوب،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يستند‭ ‬على‭ ‬التجانس‭ ‬والتعاون‭ ‬كما‭ ‬أرادها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭. ‬

مسؤولية‭ ‬مشتركة

النائب‭ ‬خالد‭ ‬بوعنق،‭ ‬يتناول‭ ‬الموضوع‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬أخرى‭. ‬فكما‭ ‬يؤكد،‭ ‬يعتمد‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬الموضوعات‭ ‬والملفات‭. ‬ولكن‭ ‬اجمالا،‭ ‬هناك‭ ‬إشكالية‭ ‬سببها‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬التصويت‭ ‬على‭ ‬ميزانية‭ ‬وإقرارها،‭ ‬وبعدها‭ ‬تقدم‭ ‬مقترحات‭ ‬متعددة‭ ‬مثل‭ ‬كسوة‭ ‬العيد‭ ‬ورفع‭ ‬مساعدات‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬الى‭ ‬استعطاف‭ ‬الشارع‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬يرفضه‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭. ‬لذلك‭ ‬شخصيا‭ ‬اتفق‭ ‬مع‭ ‬الشورى‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب،‭ ‬لأن‭ ‬النائب‭ ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬يقدم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الطلبات‭ ‬والمقترحات‭ ‬قبل‭ ‬إقرار‭ ‬الميزانية‭. ‬

بالمقابل،‭ ‬هناك‭ ‬أمور‭ ‬ربما‭ ‬تتطلب‭ ‬تنسيقا‭ ‬أكبر،‭ ‬وبعضها‭ ‬يتحفظ‭ ‬عليه‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬بشكل‭ ‬يدعو‭ ‬الى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الانسجام‭. ‬فمثلا،‭ ‬قانون‭ ‬الصحافة‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬الى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬13‭ ‬سنة،‭ ‬طرح‭ ‬بشكل‭ ‬مستعجل‭ ‬وبذلت‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬جهود‭ ‬كبيرة‭ ‬ومناقشات‭ ‬واسعة‭ ‬وعدلت‭ ‬مواد،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يحال‭ ‬الى‭ ‬الشورى‭. ‬والسؤال‭ ‬أين‭ ‬هو‭ ‬حتى‭ ‬الآن؟‭ ‬مازال‭ ‬في‭ ‬الادراج‭. ‬وبالتالي‭ ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬تحتاج‭ ‬بالفعل‭ ‬الى‭ ‬تنسيق‭ ‬وتعاون‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬فعلا‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي،‭ ‬فعندما‭ ‬يتقدمون‭ ‬بمقترحات‭ ‬قوانين‭ ‬يقومون‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬الشورى‭ ‬ومع‭ ‬الحكومة،‭ ‬وتكون‭ ‬النتائج‭ ‬بالفعل‭ ‬أفضل‭. ‬ولكن‭ ‬كما‭ ‬ذكرت‭ ‬يتم‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬شخصي‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النائب‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭. ‬والمفترض‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬جميع‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلسين‭ ‬بهذا‭ ‬الدور،‭ ‬لأنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬والتنسيق‭ ‬ستتجمد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المقترحات‭ ‬والقوانين،‭ ‬وتخضع‭ ‬للشد‭ ‬والجذب‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬نتائج‭. ‬ولعل‭ ‬المشكلة‭ ‬الأساسية‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬بالشكل‭ ‬الكافي،‭ ‬وانما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬شخصي‭. ‬وأحيانا‭ ‬نشعر‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬يعمل‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل،‭ ‬هم‭ ‬يغردون‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬ونحن‭ ‬نغرد‭ ‬في‭ ‬جانب‭. ‬وهناك‭ ‬ملفات‭ ‬ندرسها‭ ‬ونمررها‭ ‬ولكنها‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬الشورى‭. ‬وبالمقابل‭ ‬هناك‭ ‬ملفات‭ ‬تمرر‭ ‬من‭ ‬الشورى‭ ‬بشكل‭ ‬سريع‭ ‬فعلا،‭ ‬ولكن‭ ‬إجمالا‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬الكامل‭ ‬كفيل‭ ‬بأن‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬ويكون‭ ‬سببا‭ ‬في‭ ‬تأخر‭ ‬المشاريع‭ ‬والقوانين‭. ‬فمثلا‭ ‬اللوائح‭ ‬تسمح‭ ‬ببقاء‭ ‬المشاريع‭ ‬لدى‭ ‬الشورى‭ ‬مددا‭ ‬طويلا‭. ‬وبالتالي‭ ‬عندما‭ ‬نتقدم‭ ‬بمشروع‭ ‬قانون‭ ‬ويبقى‭ ‬عند‭ ‬الشورى‭ ‬أشهرا‭ ‬طويلة،‭ ‬ثم‭ ‬ينتهي‭ ‬دور‭ ‬الانعقاد،‭ ‬هنا‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الحكومة‭ ‬ان‭ ‬تلغي‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬2018،‭ ‬حيث‭ ‬ألغي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬360‭ ‬قانونا،‭ ‬من‭ ‬ضمنها‭ ‬قوانين‭ ‬مهمة‭ ‬مثل‭ ‬قانون‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬وغيرها‭. ‬وهذا‭ ‬التأخير‭ ‬كان‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬أو‭ ‬تفاوت‭ ‬الأولويات‭ ‬أحد‭ ‬الأسباب‭. ‬

وكما‭ ‬أسفلت،‭ ‬المسؤولية‭ ‬لا‭ ‬يتحملها‭ ‬الشورى‭ ‬فقط،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نجعله‭ ‬شماعة‭ ‬لأخطائنا‭. ‬وانما‭ ‬حتى‭ ‬النواب‭. ‬فهناك‭ ‬فعلا‭ ‬مشاريع‭ ‬ومقترحات‭ ‬قوانين‭ ‬يتقدم‭ ‬بها‭ ‬البعض‭ ‬تسبب‭ ‬لنا‭ ‬الاحراج‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬التصويت‭ ‬عليها‭. ‬أضف‭ ‬الى‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬عدم‭ ‬تنسيق‭ ‬حتى‭ ‬بين‭ ‬النواب‭ ‬أنفسهم،‭ ‬فمثلا‭ ‬هناك‭ ‬مقترحات‭ ‬تقدمنا‭ ‬بها‭ ‬ومر‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬ثم‭ ‬الى‭ ‬الشورى،‭ ‬وعادت‭ ‬الى‭ ‬مجلس‭ ‬النواب،‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2023‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الأدراج‭. ‬وقد‭ ‬قدمنا‭ ‬مقترحا‭ ‬بألا‭ ‬يبقى‭ ‬أي‭ ‬مقترح‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شهرين‭. ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نلقي‭ ‬باللوم‭ ‬على‭ ‬الشورى‭ ‬وننسى‭ ‬أنفسنا‭.‬

ما‭ ‬أود‭ ‬تأكيده،‭ ‬أن‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬أعطانا‭ ‬صلاحيات‭ ‬واسعة،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬النواب‭ ‬يضعفون‭ ‬هذه‭ ‬الصلاحيات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ضعف‭ ‬الأداء‭ ‬وغياب‭ ‬التنسيق‭ ‬وعدم‭ ‬وجود‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة‭. ‬

التنسيق‭ ‬قائم

قد‭ ‬يختلف‭ ‬النائب‭ ‬الدكتور‭ ‬علي‭ ‬النعيمي‭ ‬برأيه،‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما،‭ ‬عما‭ ‬طرح‭ ‬في‭ ‬الآراء‭ ‬السابقة،‭ ‬حيث‭ ‬يتساءل‭: ‬بداية‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬ننظر؛‭ ‬هل‭ ‬المطلوب‭ ‬هو‭ ‬التجانس‭ ‬المطلق‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الجوانب؟‭ ‬أم‭ ‬بشكل‭ ‬نسبي؟‭ ‬

ويضيف‭ ‬معلقا‭: ‬فالنظام‭ ‬الأساسي‭ ‬المتعلق‭ ‬بتشكيل‭ ‬المجلسين،‭ ‬أكد‭ ‬ذات‭ ‬المركز‭ ‬القانوني‭ ‬مع‭ ‬اختلاف‭ ‬اختصاصات‭ ‬كل‭ ‬مجلس،‭ ‬حيث‭ ‬ينفرد‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بصلاحيات‭ ‬أعلى‭ ‬وهي‭ ‬الرقابة،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬اختلاف‭ ‬المجلسين‭ ‬في‭ ‬تشريع‭ ‬ما،‭ ‬ولم‭ ‬يؤيده‭ ‬الآخر‭ ‬في‭ ‬رأيه،‭ ‬توجد‭ ‬آلية‭ ‬لفض‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف‭ ‬وهو‭ ‬التصويت‭ ‬عند‭ ‬انعقاد‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭. ‬

الأمر‭ ‬الآخر،‭ ‬هل‭ ‬جميع‭ ‬الملفات‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬نتيجة‭ ‬تنسيق‭ ‬وتواصل‭ ‬وتعاون‭ ‬بين‭ ‬الجانبين؟‭ ‬بالتأكيد‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الملفات‭ ‬كانت‭ ‬ثمرة‭ ‬للتعاون‭ ‬مثل‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬والقوانين‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالعدالة‭ ‬الناجزة‭ ‬وتمويل‭ ‬القطاعات‭ ‬المتضررة‭ ‬خلال‭ ‬ازمة‭ ‬كورنا‭ ‬وغيرها‭. ‬وبالتالي‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬التعاون‭ ‬موجود‭ ‬وقائم‭ ‬فعلا،‭ ‬لكنه‭ ‬ليس‭ ‬مطلقا‭ ‬أو‭ ‬شاملا‭ ‬لجميع‭ ‬المواضيع‭ ‬والملفات‭ ‬والجوانب‭. ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬للنواب‭ ‬رأي،‭ ‬والشوريون‭ ‬لديهم‭ ‬آراء‭ ‬ليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬متوافقة‭ ‬تماما‭ ‬مع‭ ‬النواب،‭ ‬وكل‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬المجلسين‭ ‬له‭ ‬الحرية‭ ‬المطلقة‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه‭ ‬وقناعاته‭. ‬

*‭ ‬نعم‭ ‬الاختلاف‭ ‬امر‭ ‬وارد‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بحد‭ ‬ذاته،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬وتعاون‭ ‬بين‭ ‬الجانبين‭ ‬لإدارة‭ ‬هذا‭ ‬الاختلاف؟‭ ‬

**‭ ‬نعم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات‭ ‬والملفات‭ ‬الأساسية‭ ‬والمهمة‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬كبير،‭ ‬مثل‭ ‬الميزانية‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬الدعم‭ ‬وغيرها‭. ‬ولكن‭ ‬بعض‭ ‬القطاعات‭ ‬الأخرى‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬تنسيق‭ ‬بين‭ ‬الجانبين،‭ ‬وإنما‭ ‬طبيعة‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬تتطلب‭ ‬أن‭ ‬تقدم‭ ‬كل‭ ‬جهة‭ ‬رأيها‭ ‬بشأنها‭. ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬هو‭ ‬أكثر‭ ‬ديمقراطية‭. ‬فكل‭ ‬جهة‭ ‬تقدم‭ ‬رأيها‭ ‬بحرية،‭ ‬وكما‭ ‬ذكرت‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬التوافق‭ ‬هناك‭ ‬الآلية‭ ‬التي‭ ‬رسمها‭ ‬القانون‭.‬

*‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬هو‭ ‬تقديمهم‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظرهم‭ ‬مقترحات‭ ‬مستعجلة‭ ‬وتنطلق‭ ‬من‭ ‬مطالب‭ ‬المواطنين،‭ ‬ولكنها‭ ‬تبقى‭ ‬حبسية‭ ‬ادراج‭ ‬الشوريين‭ ‬لمدد‭ ‬طويلة‭ ‬كونها‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬ليست‭ ‬أولوية‭ ‬ولا‭ ‬يتعرضون‭ ‬لضغوط‭ ‬الناخبين،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬النواب‭. ‬

**‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬التوضيح‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬المقترحات‭ ‬المستعجلة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مقترحات‭ ‬برغبة‭ ‬تعرض‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬مباشرة،‭ ‬اما‭ ‬التشريعات‭ ‬فلها‭ ‬آلية‭ ‬قانونية‭ ‬تتطلب‭ ‬موافقة‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬والتي‭ ‬هي‭ ‬كذلك‭ ‬أحيانا‭ ‬لا‭ ‬يكتب‭ ‬لها‭ ‬النجاح‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬التصويت‭ ‬غير‭ ‬مؤيد‭ ‬لهذا‭ ‬التشريع‭. ‬

ثم‭ ‬انه‭ ‬عندما‭ ‬يقدم‭ ‬النائب‭ ‬مقترحا‭ ‬ما،‭ ‬ويرفض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى،‭ ‬هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬نهاية‭ ‬الامر؟‭ ‬بالطبع‭ ‬كلا‭. ‬فمن‭ ‬حق‭ ‬النائب‭ ‬مثلا‭ ‬ان‭ ‬يناقش‭ ‬مبررات‭ ‬الرفض‭ ‬في‭ ‬الجلسة‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬إما‭ ‬بتأييد‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬أو‭ ‬الشورى‭ ‬والعكس‭. ‬أما‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بالتعذر‭ ‬لا‭ ‬أراه‭ ‬مفيدا‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الأمر‭ ‬يحسم‭ ‬القرار‭ ‬بالتصويت‭ ‬وبإمكان‭ ‬أي‭ ‬عضو‭ ‬ممارسة‭ ‬دوره‭ ‬وإقناع‭ ‬زملائه‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬النواب‭ ‬أم‭ ‬الشورى‭. ‬

*‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المجلسين‭ ‬حاليا‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬فصول‭ ‬تشريعية؟‭ ‬

**‭ ‬ربما‭ ‬ما‭ ‬نحتاج‭ ‬إليه‭ ‬هو‭ ‬تطوير‭ ‬العلاقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مضاعفة‭ ‬التواصل‭ ‬بين‭ ‬اللجان‭ ‬خاصة‭ ‬المشتركة،‭ ‬وفتح‭ ‬قنوات‭ ‬أكبر‭ ‬للتحاور‭ ‬ومناقشة‭ ‬المقترحات‭. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننكر‭ ‬أن‭ ‬النائب‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬يواجه‭ ‬ضغطا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الناخبين‭ ‬بمجرد‭ ‬دخوله‭ ‬قبة‭ ‬البرلمان‭. ‬وكلما‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬تنسيق‭ ‬وتواصل‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬النائب‭ ‬من‭ ‬مقترحات‭ ‬أنجز‭ ‬العمل‭ ‬بشكل‭ ‬أكثر‭ ‬تكاملا‭ ‬وتوازنا‭. ‬

ولا‭ ‬بد‭ ‬ان‭ ‬نؤكد‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نجاح‭ ‬النواب‭ ‬هو‭ ‬نجاح‭ ‬للشورى،‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح‭. ‬وكل‭ ‬مجلس‭ ‬يكمل‭ ‬الآخر‭. ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬ضروريا‭ ‬لتحقيق‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬للمواطن‭ ‬والوطن‭.‬

الاختلاف‭ ‬طبيعي‭..‬

محطتنا‭ ‬الأخير‭ ‬كانت‭ ‬مع‭ ‬النائب‭ ‬منير‭ ‬سرور،‭ ‬وانطلاقة‭ ‬الحديث‭ ‬معه‭ ‬كان‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬خلال‭ ‬عمله‭ ‬يلمس‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬التنسيق‭ ‬أو‭ ‬الانسجام‭ ‬بين‭ ‬الشوريين‭ ‬والنواب؟

يجيبنا‭ ‬سرور‭: ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الملفات‭ ‬والمقترحات‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬المجلسين‭. ‬فالنواب‭ ‬يتحرك‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭ ‬والمطالب‭ ‬والقضايا‭ ‬والمشاكل‭ ‬الشعبية‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الشورى‭ ‬المكون‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الخبرات‭ ‬والتخصصات،‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬تخصصية‭ ‬وخبرات‭ ‬مختلفة‭. ‬وبالتالي‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬التجانس‭.‬

ولكن‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬صحي‭ ‬أو‭ ‬يخدم‭ ‬العملية‭ ‬التشريعية‭. ‬فمثلا‭ ‬عندما‭ ‬يقدم‭ ‬النائب‭ ‬مقترحا‭ ‬نابعا‭ ‬من‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين،‭ ‬ويخضع‭ ‬المقترح‭ ‬للدراسة‭ ‬والتمحيص،‭ ‬فإن‭ ‬اختلاف‭ ‬الرؤية‭ ‬والاولويات‭ ‬لدى‭ ‬الشورى‭ ‬قد‭ ‬يوقف‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭. ‬مع‭ ‬التأكيد‭ ‬ان‭ ‬توجهات‭ ‬الجميع‭ ‬وطنية‭ ‬وهدفها‭ ‬خدمة‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطية‭. ‬ولكن‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التنسيق‭ ‬والتفاهمات‭ ‬والرؤى‭ ‬المشتركة‭. ‬

ومن‭ ‬خلال‭ ‬لقاءاتي‭ ‬وسفراتي‭ ‬مع‭ ‬إخوة‭ ‬شوريين،‭ ‬ألمس‭ ‬تقاربا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬الأفكار،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬اختلافا‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬وأسلوب‭ ‬الطرح‭ ‬والأولويات،‭ ‬وفي‭ ‬حين‭ ‬يركز‭ ‬النائب‭ ‬على‭ ‬الاحتياجات‭ ‬والمشاكل‭ ‬والمطالب،‭ ‬ينظر‭ ‬الشورى‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬ملف‭ ‬بشكل‭ ‬ربما‭ ‬أكاديمي‭ ‬أو‭ ‬تخصصي‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬أيضا‭ ‬وجود‭ ‬تنسيق‭ ‬وتعاون‭ ‬وعمل‭ ‬مشترك‭ ‬للوصول‭ ‬الى‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ ‬وحلول‭ ‬وسطى،‭ ‬والا‭ ‬انعكس‭ ‬ذلك‭ ‬سلبا‭ ‬على‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬ويتسبب‭ ‬في‭ ‬تأخر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مهمة‭ ‬بدرجة‭ ‬كبيرة‭. ‬لذلك‭ ‬نجد‭ ‬جهودا‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬النواب‭ ‬للتواصل‭ ‬مع‭ ‬الشورى،‭ ‬لكنها‭ ‬تبقى‭ ‬جهودا‭ ‬فردية‭ ‬وشخصية،‭ ‬ويبقى‭ ‬التنسيق‭ ‬محدودا،‭ ‬ونشعر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬ان‭ ‬العلاقات‭ ‬ضعيفة‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭. ‬لذلك‭ ‬نتمنى‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬المقبلة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬خطط‭ ‬وآليات‭ ‬لتعزيز‭ ‬التنسيق‭ ‬والانسجام‭ ‬بين‭ ‬مجلسي‭ ‬الشورى‭ ‬والنواب‭ ‬طالما‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬المشترك‭ ‬هو‭ ‬مصلحة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭. ‬وغياب‭ ‬هذا‭ ‬التنسيق‭ ‬كفيل‭ ‬بعرقلة‭ ‬الأهداف‭ ‬المنشودة‭.‬

في‭ ‬الجزء‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬الموضوع،‭ ‬نتناول‭ ‬رأي‭ ‬الشوريين‭ ‬فيما‭ ‬طرحه‭ ‬النواب‭ ‬حول‭ ‬التنسيق‭ ‬والتجانس‭ ‬بين‭ ‬المجلسين،‭ ‬ونعرف‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الشورية‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬سابقتها‭ ‬النيابية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا