العدد : ١٧٣٠٩ - الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٩ - الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٧هـ

الرأي الثالث

محميد المحميد

malmahmeed7@gmail.com

لبنان.. «لن أعيش في جلباب إيران»

في‭ ‬رواية‭ ‬الكاتب‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس‭ ‬الشهيرة‭ ‬‮«‬لن‭ ‬أعيش‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬أبي‮»‬‭.. ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬مسلسل‭ ‬تلفزيوني‭ ‬بطولة‭ ‬الفنان‭ ‬المثقف‭ ‬الراحل‭ ‬نور‭ ‬الشريف،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬دائم‭ ‬بين‭ ‬الأب‭ ‬وابنه،‭ ‬الذي‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬أسلوبه‭ ‬الخاص،‭ ‬ليشق‭ ‬طريقه،‭ ‬ويبنى‭ ‬حياته،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وصاية‭ ‬من‭ ‬أحد‭.‬

وفي‭ ‬ضوء‭ ‬التطورات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والتحولات‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭.. ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬جمهورية‭ ‬لبنان‭ ‬بدأت‭ ‬تتحرك‭ ‬وتؤكد‭ ‬حرصها‭ ‬ووجودها‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬العربي،‭ ‬وتعلن‭ ‬رفضها‭ ‬لأي‭ ‬انتماء‭ ‬أجنبي،‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬واحترام‭ ‬الشأن‭ ‬الداخلي‭ ‬والخصوصية‭ ‬اللبنانية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تدخلات‭ ‬خارجية‭.‬

في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الماضي‭ ‬وافقت‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬جماعة‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬الإرهابية‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬العام،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إنهاء‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وانسحاب‭ ‬القوات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬من‭ ‬لبنان‭.. ‬وأعلن‭ ‬وزير‭ ‬الإعلام‭ ‬اللبناني‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وافق‭ ‬على‭ ‬‮«‬إنهاء‭ ‬الوجود‭ ‬المسلح‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬الأراضي‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭.‬

الموقف‭ ‬اللبناني‭ ‬الشجاع،‭ ‬لم‭ ‬يعجب‭ ‬الإدارة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وقال‭ ‬مستشار‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني،‭ ‬علي‭ ‬أكبر‭ ‬ولايتي،‭ ‬إن‭ ‬بلاده‭ ‬تعارض‭ ‬قرار‭ ‬الحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بنزع‭ ‬سلاح‭ ‬حزب‭ ‬الله‭.. ‬متسائلًا‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬تخلّى‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬عن‭ ‬سلاحه،‭ ‬فمن‭ ‬سيدافع‭ ‬عن‭ ‬اللبنانيين‭ ‬وأرضهم‭ ‬وعرضهم؟‮»‬‭.. ‬واعتبر‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬‮«‬تخدم‭ ‬أمريكا‭ ‬وتل‭ ‬أبيب‭ ‬اللتين‭ ‬تسعيان‭ ‬لتكرار‭ ‬سيناريو‭ ‬الجولان‭ ‬في‭ ‬لبنان‮»‬،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬‮«‬ترفض‭ ‬نزع‭ ‬سلاح‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬وستواصل‭ ‬دعمها‭ ‬للمقاومة‭ ‬اللبنانية‮»‬‭.‬

الجمهورية‭ ‬اللبنانية‭ ‬كان‭ ‬ردها‭ ‬حاسما‭ ‬وحازما‭ ‬حيال‭ ‬التصريح‭ ‬الإيراني،‭ ‬حيث‭ ‬نددت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬اللبنانية،‭ ‬بتصريحات‭ ‬مستشار‭ ‬المرشد‭ ‬الإيراني،‭ ‬ووصفتها‭ ‬بأنها‭ ‬تدخّل‭ ‬سافر‭ ‬وغير‭ ‬مقبول‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬اللبنانية‭.‬

وأضافت‭ ‬الخارجية‭ ‬اللبنانية‭: ‬‮«‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬نوعه،‭ ‬إذ‭ ‬دأب‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬الرفيعين‭ ‬على‭ ‬التمادي‭ ‬في‭ ‬إطلاق‭ ‬مواقف‭ ‬مشبوهة‭ ‬على‭ ‬قرارات‭ ‬داخلية‭ ‬لبنانية‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬الجمهورية‭ ‬الإيرانية‭ ‬بشيء‭. ‬وإنّ‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬المرفوضة‭ ‬لن‭ ‬تقبل‭ ‬بها‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬ظرف،‭ ‬وهي‭ ‬لن‭ ‬تسمح‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭ ‬خارجي،‭ ‬صديقًا‭ ‬كان‭ ‬أو‭ ‬عدواً،‭ ‬بأن‭ ‬يتحدث‭ ‬باسم‭ ‬شعبها‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يدّعي‭ ‬حق‭ ‬الوصاية‭ ‬على‭ ‬قراراتها‭ ‬السيادية‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬رسالة‭ ‬واضحة‭ ‬وصريحة‭ ‬أكدت‭ ‬الخارجية‭ ‬اللبنانية‭: ‬‮«‬نذكر‭ ‬القيادة‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬بأنّ‭ ‬الأجدر‭ ‬بإيران‭ ‬أن‭ ‬تلتفت‭ ‬إلى‭ ‬قضايا‭ ‬شعبها‭ ‬وتركزّ‭ ‬على‭ ‬تأمين‭ ‬احتياجاته‭ ‬وتطلعاته،‭ ‬بدل‭ ‬التدخّل‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬تخصّها‭.. ‬وإن‭ ‬مستقبل‭ ‬لبنان‭ ‬وسياساته‭ ‬ونظامه‭ ‬السياسي‭ ‬هي‭ ‬قرارات‭ ‬يتخذها‭ ‬اللبنانيون‭ ‬وحدهم،‭ ‬عبر‭ ‬مؤسساتهم‭ ‬الدستورية‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تدخلات‭ ‬أو‭ ‬إملاءات‭ ‬أو‭ ‬ضغوط‭ ‬أو‭ ‬تطاول،‭ ‬وإنّ‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬ستبقى‭ ‬ثابتة‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬سيادتها،‭ ‬وستردّ‭ ‬بما‭ ‬تقتضيه‭ ‬الأعراف‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬محاولة‭ ‬للنيل‭ ‬من‭ ‬هيبة‭ ‬قراراتها‭ ‬أو‭ ‬التحريض‭ ‬عليها‮»‬‭.‬

ما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬السابق،‭ ‬لن‭ ‬يتكرر‭.. ‬هناك‭ ‬قيادة‭ ‬تؤمن‭ ‬بالانتماء‭ ‬العربي،‭ ‬وتؤمن‭ ‬بالسلام‭ ‬العادل،‭ ‬وتؤمن‭ ‬بأن‭ ‬الدولة‭ ‬والوطن‭ ‬فوق‭ ‬الجميع‭.. ‬وهناك‭ ‬شعب‭ ‬لبناني‭ ‬عربي‭ ‬بمختلف‭ ‬مكوناته،‭ ‬يؤمن‭ ‬بأن‭ ‬لبنان‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة،‭ ‬وهي‭ ‬لجميع‭ ‬اللبنانيين،‭ ‬وأن‭ ‬الدولة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬البلاد،‭ ‬وأن‭ ‬السلاح‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تحت‭ ‬سلطتها‭ ‬فقط‭ ‬لا‭ ‬غير‭.‬

ما‭ ‬يحصل‭ ‬اليوم‭ ‬وما‭ ‬سيحصل‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬المقبلة‭.. ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬لبنان‭ ‬لن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬جلباب‭ ‬إيران‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭.‬

إقرأ أيضا لـ"محميد المحميد"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا