ربما تكون الظروف المثالية الخالية من العثرات والتحديات في الاستثمار العقاري، مع استقرار السوق العقاري وتحقيق عوائد وأرباح تراكمية متضاعفة تسهم في مضاعفة عدد العقارات التي تمتلكها وتنمية المحفظة العقارية، أمرا أقرب الى الخيال، بل قد تعتبر فرضية مستحيلة.
وهذا ما يطرح سؤالا مهما: كيف يحقق المستثمرون العقاريون ثروة كبيرة ويبنون محفظة عقارية ضخمة في وقت قصير نسبيا على الرغم من التحديات والتقلبات.
تساؤل يجيب عنه الخبير في الاستثمار العقاري عدنان الشهابي، لافتا الى أن نجاح أي مستثمر عقاري يعتمد على وجود استراتيجية واضحة وناجحة، حتى يحقق نموا آمنا وسريعا مع عائد مرتفع ونمو كبير في رأس المال، وبنفس الوقت يحقق تدفقا نقديا مستمرا وبمخاطر منخفضة.
وهناك استراتيجيات متعددة للاستثمار العقاري؛ منها استراتيجيات إبداعية يمكن تطبيقها لتحقيق ارتفاع كمي ونوعي في العقارات. ومن أهم هذه الاستراتيجيات هي ما يعرف باستراتيجية الاستثمار العقاري (BRRRR)، التي ظهرت كتطور للاستراتيجيات التقليدية مع دمج عدد منها.
وأول من طبق وروج لهذه الاستراتيجية هو المؤلف العقاري براندون تيرنر في كتابه إدارة العقارات الإيجارية عام 2015، حيث تناول الكتاب إدارة هذا النوع من العقارات بطرق فنية وتمويلية وقانونية، وكانت هي المرة الأولى التي يتم فيها الحديث بشكل موثق عن استراتيجية (BRRRR) التي تعني (Buy, Rehab, Rent, Refinance, Repeat).
باختصار، هذه الاستراتيجية مكونة من خمس مراحل متسلسلة، تهدف الى تحقيق ربح في كل مرحلة، وهي: (اشتري، جدد العقار، أجر، أعد التمويل، كرر الاستراتيجية).
وفي شرح ذلك يقول الشهابي:
المرحلة الأولى هي مرحلة الشراء، وهي المرحلة الأكثر حساسية لأن الربح في العقار يكون وقت الشراء وليس وقت البيع؛ ما يعني أن تبحث عن أفضل الفرص مثل المستثمرين المتعثرين الذين لديهم عقارات يسعون الى التخلص منها بسعر منخفض نتيجة مشاكل التمويل، وفي الوقت نفسه تكون هذه العقارات بمناطق تتميز بطلب مرتفع على الايجار. وهنا يجب حساب تكاليف التمويل والقدرة على السداد مع تحليل وضع السوق وإمكانية النمو المستقبلي، وفحص حالة العقار للتحقق من عدم حاجته الى صيانة مكلفة. وهنا تكون قد حققت أول ربح في الاستثمار وهو شراء عقار أقل من قيمته السوقية. لتأتي بعدها المرحلة الثانية وهي تجديد العقار.
بعد الحصول على عقار مناسب قم بصيانته وتجديده بشكل ذكي بحيث لا تكون مكلفة وفي الوقت نفسه ترفع من قيمة العقار، مثل تغيير البلاط أو الألوان وتحسين المظهر الخارجي، فهذه التحسينات البسيطة ترفع من قيمة العقار بشكل فوري، وهنا تكون قد ضمنت تحقيق ثاني زيادة على رأس المال. وبمجرد ان يجهز العقار تكون قيمته أكثر بكثير من تكاليف الصيانة التي دفعتها.
وبعدها تأتي المرحلة الثالثة وهي التأجير بدل البيع، وذلك لتحقيق ما يعرف بالدخل السلبي الذي يجب أن يغطي على الأقل التمويل العقاري الذي حصلت عليه لشراء العقار، وهذا ما يعني ضرورة أن تدرس الموضوع منذ البداية بشكل صحيح. وهذا التأجير يحقق عائدا على الايجار أعلى من العقارات المجاورة بسبب السعر المنخفض الذي اشتريت به وأعمال التجديد التي قمت بها.
لتصل إلى المرحلة الرابعة وهي إعادة التمويل؛ فقد حصلت على عقار بسعر منخفض، وقمت بالتجديد، وحصلت على مستأجر يدفع بشكل مستمر، مع تحقيق عوائد ايجارية مجزية، ما يعني أنك استفدت من العقار في كل مرحلة وبكل الطرق الفرص والممكنة، وهنا يمكنك الحصول على تمويل بضمان العقار نفسه لشراء عقار آخر، وهنا يمكن الحصول على تمويل اعلى وشروط أفضل بسبب ارتفاع قيمته.
وأخيرا، تصل إلى المرحلة الخامسة بعد الحصول على التمويل، وهي تكرار الاستراتيجية، حيث تبدأ بالبحث عن عقار بنفس مواصفات السوق الأول، مثل أن يكون عقارا جاهزا في سوق ايجار نشط، وبسعر اقل من القيمة السوقية، فتشتريه وتقوم بصيانته وتؤجره وتحصل مقابله على تمويل، لتكرر مرة أخرى ذات الاستراتيجية مع عقار ثالث وهكذا حتى تتوسع بعقاراتك بشكل مستمر.
ويستدرك الشهابي: على الرغم من إيجابيات هذه الاستراتيجية طويلة الأمد في بناء ثروة عقارية موسعة ذات عوائد مرتفعة على الاستثمار وتدفق نقدي جيد واستثمار رأس المال بكفاءة، واستغلال أفضل الفرص، مع امتيازات ضريبية كبيرة، وبنفس الوقت محدودية المخاطر مقارنة بغيرها من الاستراتيجيات، فإن هناك مساوئ أو سلبيات لهذه الاستراتيجية من الضروري عدم تجاهلها، ومن ذلك عدم إمكانية تطبيقها في جميع الأوضاع، فمثلا لا يمكن تطبيقها إلا في أسواق عقارية تشهد نموا على الطلب مع توافر استقرار اقتصادي. كما أن هذه الاستراتيجية لا تجدي إذا لم تكن هناك تسهيلات وانخفاض في تكاليف التمويل. ولا يمكن تطبيقها إلا إذا كان قانون الايجار والاخلاء منصفا للمستثمر. كذلك يجب الحذر في كل مرحلة من المراحل الخمس، لأن أي خطأ يمكن ان يؤثر مباشرة وبشكل كبير على باقي المراحل، مثل عدم احتساب الأرقام بشكل واقعي أو اختيار العقار الخطأ أو سوء أعمال التجديد، أو التأجير لمستأجر سيئ يستهلك العقار، أو استخدام التمويل بطريقة خاطئة.
ولكن في النهاية، تبقى استراتيجية (BRRRR) من انجح الاستراتيجيات في الاستثمار العقاري.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك