جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها السيد علي بن صالح الصالح، رئيس مجلس الشورى، والوفد المرافق، للعاصمة الروسية موسكو، لتجسد نهجًا مؤسسيًا واضحًا في دعم السياسة الخارجية لمملكة البحرين، ومدّ جسور التعاون البرلماني الدولي، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية كأحد أذرع القوة الناعمة للدولة.
وقد حظيت هذه الزيارة بأهمية خاصة، ليس فقط لما تضمنته من لقاءات مثمرة وتوقيع اتفاقيات، وإنما لما عكسته من نُضج في التجربة البرلمانية البحرينية، وقدرتها على تمثيل المملكة في المحافل الدولية بكفاءة واقتدار.
لقد لمسنا خلال الزيارة حرص القيادة الروسية على تعزيز علاقاتها مع مملكة البحرين، وتقديرها للدور الذي تلعبه المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وثنائها الكبير على الجهود المثمرة التي تقوم بها المملكة في نشر وتعزيز قيم ومبادئ السلام والتعايش الإنساني، والحوار بين الدول والشعوب.
ومن أبرز ثمار هذه الزيارة توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس الشورى ومجلس الاتحاد في الجمعية الفيدرالية لروسيا الاتحادية، وهي خطوة نوعية تهدف إلى توسيع دائرة التعاون في المجالات التشريعية، وتفعيل برامج تبادل الخبرات وتنسيق المواقف في المحافل البرلمانية الدولية، فلقد جاء توقيع هذه المذكرة تتويجًا لمسار طويل من التواصل البنّاء والتفاهم المشترك بين المؤسستين التشريعيتين.
وقد جاءت كلمة رئيس مجلس الشورى أمام رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، وأعضاء المجلس، في انطلاق الجلسة العامة، لتعبّر عن مواقف البحرين الثابتة، وتبرز رؤيتها القائمة على احترام سيادة الدول، والتمسك بمبادئ الحوار والتعاون، والتأكيد على أهمية التعددية والعمل المشترك من أجل الأمن والسلام.
الكلمة، التي لاقت صدى واسعًا، لم تقتصر على الشأن الثنائي، بل قدّمت قراءة شاملة للتحديات الإقليمية والدولية، ودعت إلى دور برلماني أوسع في دعم الدبلوماسية الرسمية، بما يعزز من فرص التفاهم والتقارب بين الشعوب، ويؤصّل ما يجمع مملكة البحرين وروسيا الاتحادية من أواصر صداقة، وعلاقات تاريخية متجذرة.
ومن الجوانب المهمة التي رافقت هذه الزيارة التغطية الإعلامية الواسعة التي حظيت بها من قبل وسائل الإعلام الروسية، والتي أجرت مقابلات متعددة مع رئيس مجلس الشورى، حيث تم تسليط الضوء على أهداف الزيارة، وأهمية الشراكة بين المجلسين، وما تحقّق من إنجازات.
إن هذا الحضور الإعلامي الفاعل يعكس تقدير الإعلام الروسي للدور البرلماني البحريني، ويعزّز من الصورة الإيجابية للمملكة في الخارج، ويبرهن على نجاح مؤسساتنا في التعبير عن مواقف الدولة بلغة الوضوح والمسؤولية.
ولا يمكن الحديث عن هذه الزيارة من دون التوقف بإجلال وإكبار أمام تشرّف رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق بلقاء جلالة الملك المعظم، بعد ختام الزيارة، والاستماع إلى توجيهات جلالته، التي ترسخ الثوابت الملكية، والحكمة السامية، والنهج القائم على بناء علاقات أخوة وصداقة تتنامى عبرها مصالح مملكة البحرين مع دول العالم كافة، وخصوصًا روسيا الاتحادية، ولا سيما مع النظر إلى التطلعات المشتركة بين البلدين الصديقين، للمضي نحو مزيد من الشراكات التنموية في العديد من المجالات الواعدة. فلقد كان لقاء جلالته محاطًا بالإضاءات والرؤى والطموحات والتوجيهات لتواصل السلطة التشريعية دورها في تنمية العلاقات البرلمانية مع برلمانات العالم.
وكانت زيارة رئيس مجلس الشورى والوفد المرافق رسالة فعلت الدبلوماسية البرلمانية، وأكدت أن العمل الوطني يتسامى بتكامل وانسجام بين مختلف المؤسسات الدستورية، تحت راية القيادة الحكيمة.
إن ما تحقق خلال هذه الزيارة من نجاح جاء نتاج دور رئيس مجلس الشورى، والتفاعل البنّاء الذي أبداه أعضاء الوفد المرافق، من خلال مشاركاتهم النوعية في اللقاءات والاجتماعات، وحرصهم على تمثيل البحرين خير تمثيل.
كما لا يمكن إغفال الجهد الحثيث الذي قامت به الأمانة العامة للمجلس، والتنسيق المسبق والدقيق مع الجانب الروسي عن طريق سفارة مملكة البحرين في روسيا الاتحادية، ما ساهم في إنجاح الزيارة على كافة المستويات، في سبيل تعزيز صورة مملكة البحرين ومكانتها العالمية.
وفي ضوء هذه الزيارة الناجحة، سيواصل مجلس الشورى برئاسة السيد علي بن صالح الصالح البناء على ما تحقق، والعمل على تعميق التعاون البرلماني مع مختلف المجالس الشقيقة والصديقة، بما يعزز من مكانة البحرين الدولية، ويخدم مصالحها العليا، ويسهم في نشر قيم التسامح والسلام والتفاهم بين الشعوب، ومد جسور التعاون البرلماني، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية كأحد أذرع القوة الناعمة للدولة.
إن هذه الزيارة الناجحة تأتي استكمالًا لمسيرة مشرقة من العمل البرلماني المسؤول، وتفتح آفاقا جديدة للتعاون بين مملكة البحرين والدول الصديقة، بما يخدم مصالح الوطن ويعزز مكانته إقليميًا ودوليًا، وفق نهج ملكي مؤثر وإيجابي، ودبلوماسية برلمانية تعضد جهود تحقيق التكامل والتعاون والتنسيق مع دول العالم كافة.
مستشار رئيس مجلس الشورى

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك