في شهر مايو الماضي، كشف الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» عن رغبته في تخفيف سيطرة الحكومة الفيدرالية على شركتي «فاني ماي» و«فريدي ماك»، وذلك من خلال طرحهما للاكتتاب العام في البورصة.
وتعتبر الشركتان من أكبر شركات الرهن العقاري العاملة في السوق الثانوية للرهن في الولايات المتحدة.
وكلتا الشركتين العملاقتين تسيطران على حوالي 70% من سوق الرهن العقاري الأمريكين، حيث تدعمان نحو 7 تريليونات دولار من سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة والتي تبلغ قيمتها 12 تريليون دولار، وهو ما يعادل ضعف حجم الاقتصاد البريطاني. فيما وتبلغ القيمة الصافية المجمعة للشركتين نحو 161 مليار دولار. وبالتالي قد ينافس بيع جزء من هذه الأسهم، الطرح العام الأولي لأرامكو السعودية والذي بلغ 25.6 مليار دولار أميركي كأكبر إدراج في التاريخ.
خلال الازمة المالية عام 2008، أعلن مدير وكالة التمويل العقاري الفدرالي، وضع الشركتين تحت حماية الحكومة الأمريكية بعد تصاعد عمليات التخلف عن سداد قروض الرهن العقاري. وهو ما اعتبر أكبر تدخل من قبل الحكومة في السوق المالية.
وعلى مدى 17 عاما بقيت الشركتين تحت وصاية الحكومة، ما يعني أنها تخضع لإدارة وكالة التمويل الإسكاني الفيدرالية(FHFA)، مع وجود ضمان حكومي صريح وراء قروضها.
ولكن ما أشار له الرئيس الأمريكي من تفكير بطرح الشركتين للاكتتاب العام، اثار الكثير من التساؤلات.
تقرير نشرته (سي إن إن)، تساؤل عما إذا كانت هذه الخطوات التي يزمع ترامب اتخاذها قد تهدد بانهيار آخر في سوق الرهن العقاري بالولايات المتحدة على الرغم من الإيجابيات المتوقعة، ومنها أن فتح المؤسسات الحكومية المدعومة بالرهن العقاري أمام رأس المال الخاص من شأنه أن يحررها من شروط الإقراض الحكومية التي تتجنب المخاطرة، ويفتح الباب أمام الاقتراض العقاري للمشترين لأول مرة.
ولكن، أشار التقرير إلى ان الخبراء يحذرون بنفس الوقت من مشكلات محتملة كبيرة، فليس من الواضح بعد طبيعةَ التوازن بين حصة وزارة الخزانة في مؤسسات الرهن العقاري الحكومية وحصة مستثمري القطاع الخاص. كما تُثير هذه الصفقة تساؤلاتٍ حول التهديدات التي تُهدد الاستقرار المالي، وهناك خطرٌ من أن تُؤدي إلى ارتفاع أسعار الرهن العقاري. بل اعتبر أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي أن نتيجة هذه الخطوة قد تكون «كارثية». كما أن حدوث إشكاليات لاحقة من هذه الصفقة من شأنه أن يؤثر على القطاع المالي.
وحذّر محللون -وفقا لتقرير سي إن إن- من أن فقدان الضمان الحكومي، يرفع أسعار الفائدة على الرهن العقاري بنسبة مئوية كاملة، وهذا سيرفع متوسط سعر الفائدة على قروض الرهن العقاري الثابتة لمدة 30 عاماً إلى أكثر من 7.7%، وهو ما يتماشى مع أعلى مستوى له في 23 عاماً والذي سُجّل في عام 2023. فضلا عن أنه إنه في غياب ضمان حكومي صريح، سوف تنشأ مخاطر ائتمانية مرتبطة بالأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري التي تصدرها شركتا فريدي وفاني ماي، وهي المخاطر التي لم تكن موجودة من قبل. وهذا ما سيؤدي إلى الحد من عدد الأشخاص الذين يمكنهم شراء الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. وإذا قلّ عدد المستثمرين، فسيطالبون بأسعار فائدة أعلى، ما يعني تكاليف أعلى لمشتري المنازل.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك