بغداد - (أ ف ب): تعبر المجال الجوي العراقي مسيّرات وصواريخ إيرانية وكذلك مقاتلات إسرائيلية، في مشهد يُرغم بغداد على مضاعفة جهودها للحفاظ على توازن دقيق وتجنيب البلاد الانزلاق الى نزاع إقليمي جديد. ويقول المحلل السياسي سجاد جياد لوكالة فرانس برس «هناك خطر كبير بامتداد التصعيد إلى العراق». ولطالما شكّل العراق ساحة للصراعات الإقليمية، ما يضاعف المخاوف حاليا من احتمال انزلاقه في أتون الحرب بين إيران وإسرائيل.
وتتمركز في الأراضي العراقية قوات أمريكية في إطار التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. لكن تنتشر أيضا مجموعات عراقية مسلّحة منضوية ضمن «محور المقاومة» الذي تقوده إيران، سبق أن استهدفت القوات الأمريكية. خلال الولاية الرئاسية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عام 2020، قتلت مسيّرة أمريكية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني في بغداد. وفي خضمّ النزاع الدائر بين إيران وإسرائيل، الدولة التي تحظى بأكبر قدر من المساعدات العسكرية الأمريكية، تتجه الأنظار نحو هذه الفصائل العراقية المسلحة التي لم تتدخّل حتى الآن. لكن إلى متى؟
يرى المحلل السياسي تامر بدوي أنه «كلّما عانت إيران في الحفاظ على قوتها النارية في مواجهة إسرائيل، كلّما زاد احتمال تورّط» المجموعات العراقية المسلحة الموالية لها. ويضيف «تحاول إيران تجنيب شبكتها الأضرار الجانبية، من خلال إبقاء حلفائها الإقليميين في وضع التأهب. إلا أن هذا الموقف يمكن أن يتغيّر». وأشار مسؤول عراقي أمني كبير لوكالة فرانس برس إلى أن «الجميع» ضمن المعسكر العراقي الموالي لإيران «متعاون مع الحكومة لإبعاد العراق عن الصراع».
وتعمل بغداد منذ سنوات على التوفيق بين تحالفها المتين مع جارتها إيران، وهي قوة إقليمية ذات وزن ثقيل تشترك معها في حدود طويلة وروابط سياسية واقتصادية وثقافية، وشراكتها الاستراتيجية والعسكرية مع واشنطن المُعارضة لبرنامج إيران النووي. وبدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسع النطاق طال خصوصا مواقع عسكرية ونووية في إيران التي ردّت بعد ساعات بضربات صاروخية ومسيّرات على الدولة العبرية. ويتواصل تبادل إطلاق النار بين البلدين ويتوسّع. ودعت الحكومة العراقية واشنطن إلى «منع» الطائرات الإسرائيلية «من تكرار اختراق الأجواء العراقية وتنفيذ الاعتداءات» على إيران.
وأغضب خرق المجال الجوي العراقي الفصائل العراقية الموالية لإيران، فاتهمت القوات الأمريكية في العراق بالسماح به. وفيما أكّد الأمين العام لكتائب حزب الله أبو حسين الحميداوي في بيان الأحد أن إيران «لا تحتاج إلى أي دعم عسكري من أحد لردع الكيان الصهيوني المجرم»، قال «إننا نراقب عن قرب تحركات جيش العدو الأمريكي في المنطقة». وأضاف «إذا أقدمت أمريكا على التدخل في الحرب، فسنعمل بشكل مباشر على مصالحها وقواعدها المنتشرة في المنطقة دون تردد».
ويرى سجاد جياد أنه «في حال تأكدت إيران أن الولايات المتحدة (...) تدعم إسرائيل في هجماتها ضد إيران، فقد يدفع ذلك بعناصر موالية لإيران داخل العراق، إلى استهداف السفارة الأمريكية أو القنصلية في أربيل أو القوات الأمريكية وقاعدة عين الأسد» حيث يتمركز التحالف الدولي في غرب العراق لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية. وقد يؤدي ذلك إلى «ردّ من الولايات المتحدة داخل العراق، باستهداف هذه المجموعات الموالية لإيران، وكذلك إلى هجوم مباشر من إسرائيل».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك