شهد السوق العقاري في مملكة البحرين خلال السنوات الأخيرة حالة من الاندفاع غير المحسوب في الكثير من الأحيان نحو الاقتراض البنكي لشراء عقارات سواء من شركات عقارية أو أفراد، مدفوعًا بحلم تحقيق عوائد من الإيجارات تغطي القروض وتزيد. إلا أن الواقع اليوم مختلف، بل مؤلم للكثيرين، بعدما تكشّفت فجوة كبيرة بين الطموحات المالية والقدرة الفعلية على السداد.
الأرقام والاحصائيات القضائية تشيران إلى تزايد القضايا المتعلقة ببيع العقارات المتعثرة وإعادة تنظيم وإفلاس الشركات العقارية، بعد أن عجز أصحابها عن الوفاء بالالتزامات البنكية ورجوع شيكاتها. والسبب الرئيسي يعود إلى المبالغة في تقدير العائد الإيجاري، وخاصة في ظل تشبع السوق وزيادة المعروض العقاري، مما أضعف الطلب وأدى إلى انخفاض أسعار الإيجارات في معظم المناطق ناهيك عن زيادة رسوم الكهرباء والماء التي لها آثار جانبية على قطاع التأجير.
المشكلة تتفاقم في المناطق القديمة، التي أصبحت غير مرغوبة تجارياً، بسبب ضيق الشوارع، ونقص مواقف السيارات، وتهالك البنية التحتية، مقارنة بالمناطق التجارية والخدمية والمجمعات الحديثة التي أصبحت أكثر جذباً بفضل تخطيطها العمراني المتطور، ووفرة الخدمات والمواقف والمداخل والمخارج للسيارات.
اليوم، نحن بحاجة إلى إعادة نظرة شاملة في آليات التخطيط العمراني والسياسات التمويلية المصرفية. يجب أن تراعي هذه السياسات التوازن بين مصلحة المستثمر، وحماية المواطن من الوقوع في فخ العجز المالي. كما يجب أن يتواكب التخطيط الحديث مع متطلبات العصر، بما يخدم استمرارية النمو الاقتصادي ويُحقق جودة حياة أفضل.
العشوائية في الاقتراض والتمويل العقاري ليست رهاناً رابحاً على المدى الطويل. وعلى الجهات المعنية أن تتحرك لوضع ضوابط أكثر صرامة، وتكثيف حملات التوعية لتجنب أزمة مالية اجتماعية واقتصادية قد تُكلفنا الكثير.
الرئيس التنفيذي لمجموعة الفاتح
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك