القراء الأعزاء،
بداية أتمنى لكم جميعاً عيد أضحى مباركا.
والسؤال كان: هل إن صحفيين زمان أفضل من صحفيي اليوم؟
قبل الدخول في دهاليز هذا السؤال، تعلمون جميعا أن الديمقراطية هي (حكم الشعب للشعب) حيث بدأت في أثينا معقل الحضارة اليونانية القديمة، وربما كانت نموذجاً مناسباً لزمنها بالصورة التي كانت عليها، وإن اختلف رأيي حولها، حيث لا أرى أنها كانت حينها نموذجاً للعدالة والمساواة لأنها أعملت مبدأ التمييز بسبب الجنس فكانت حكراً على الرجال، كما أغفلت مبدأ المساواة بين المواطنين بالتمييز بين الأحرار وسواهم، فهي بصورتها الأولى وإن كانت ملائمة لزمنها لم تكن النموذج الأسمى للديمقراطية التي تطورت عبر العصور لتصل إلى ما هي عليه مع اختلافات في التطبيق وفقاً لما تقتضيه خصوصية الدول والشعوب.
والديمقراطية الحديثة التي تنتهجها الدول تقوم على إرادة الشعب حيث يتمكّن المواطنون من المشاركة في صناعة القرارات السياسية بواسطة ممثلين يتم انتخابهم في انتخابات حرّة ونزيهة أو من خلال المشاركة المباشرة في ابداء الرأي في الاستفتاءات الشعبية على المواضيع العامة التي تطرحها السلطة للاستفتاء، أو من خلال انتخاب الأعضاء الذين سيمثلونهم في صنع القرارات السياسية. ومن أهم العناصر التي لا تكتمل الديمقراطية إلا بكفالتها وإعمالها كفالة واحترام وتعزيز وصون حقوق الانسان وأهمها لأغراض هذا المقال حرية الصحافة، حيث يُسهم الشعب (الصحفيون وغيرهم من ذوي الفكر والرأي) في نشر آرائهم وانتقاداتهم الإيجابية والسلبية التي تهدف إلى الإصلاح وبناء الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً تعزيزا لمبدأ الشفافية وتمهيداً للمساءلة.
لذا حظيت حرية الصحافة بدعم دولي من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، ويتم الاحتفاء بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة وتقييمها في جميع أنحاء العالم لضمان استمرارية استقلال وسائل الاعلام في جميع الدول وتم تخصيص يوم الثالث من مايو يوماً عالمياً لحرية الصحافة، تذكيراً للدول بضرورة الوفاء بالتزاماتها تجاه كفالة حرية الصحافة والتي تعتبر تعزيزاً لحرية الفكر والوجدان وما ينبثق عنها من حرّية الرأي وحق الانسان وحريته في التعبير عن الرأي بجانب حق الانسان في المشاركة في الشأن العام، وهي حقوق كفلتها الشرعة الدولية لحقوق الانسان، ولا سيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاعلان العالمي لحقوق الانسان.
لذا.. في سؤال وجهه مراسل إحدى الصحف إلى الصحفي القدير الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس تحرير صحيفة «أخبار الخليج»، في احتفالية جمعية الصحفيين باليوبيل الفضي لتأسيسها، عن المقارنة بين صحفيي الأمس واليوم ومن هم الأفضل في رأيه؟، كان ردّ الأستاذ أنور بأن الفرق بين الاثنين يكمن في الفكر وجهة الرقابة، ولنتفق على أن الأصل في حرية الصحافة هو أن يكون الهدف من ابداء الرأي في الصحافة هو تحقيق الصالح العام، والإصلاح للمنفعة العامة والخير العام، لذلك ففي رأيي (والكلام للأستاذ أنور) فإن صحفيي اليوم في وضع أفضل، ذلك أن النهج الديمقراطي يُتيح لهم إبداء آرائهم بحرية وأريحية من دون رقابة من السلطة، إلا فيما يتعلق بضوابط الحفاظ على النظام العام (الأمن العام والآداب العامة والأمن الوطني) والحفاظ على حقوق وحريات الآخرين ولا سيما سمعتهم وشرفهم، وفيما عدا ذلك فإن الرقيب الأساسي على حرية الصحافة هو الشعب نفسه، حيث يتصدى ذوو الرأي من الشعب لكل رأي يحيد عن الصحة أو الصواب أو ينطوي ما نشره على عدم المصداقية أو يرتقي إلى درجة الكيدية، أما صحفيو الأمس فلم يكن فكرهم حُراً بشكل مطلق بل كان مقيداً بأهداف وأيديولوجيات يسعى لتحقيقها، ربما لا يتوافق بعضها مع سلامة واستقرار الدول، فكانت الرقابة عليها من قبل السلطة حفاظاً على أمن الدولة وسلامتها ووحدة نسيجها المجتمعي.
وفي رأيي فإن حرية الصحافة التي تعتبر السلطة الرابعة في الديمقراطيات الحديثة هي طائر بجناحين، الأول هو ما تكفله الدولة الديمقراطية من سقف لهذه الحرية والذي بقدر ما يعلو ويرتفع بقدر ما تتقدم ديمقراطيتها، والثاني هو وعي الصحفي وصاحب الرأي بما يجب أن يُقال وفق أسس المصداقية وحب الوطن والعمل على المشاركة في بنائه بالكلمة الصادقة المخلصة، وكيف يُقال هذا الرأي من دون ضرر ولا ضرار، لذا سيكون الصحفي الذي ينتهج هذا النهج هو الأفضل سواء كان ابن الأمس أو ابن اليوم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك