في مايو العام الماضي، قام جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بزيارة دولية للصين، حيث أعلن مع الرئيس الصيني شي جين بينغ إقامة شراكة استراتيجية شاملة بين البحرين والصين. وأشار الرئيس شي إلى أن البحرين صديقة وشريكة مهمة للصين في منطقة الخليج، مؤكدًا دعم الصين الثابت لجهود البحرين للحفاظ على سيادة البلاد واستقلالها ووحدة أراضيها. وأكد جلالته أن الصين دولة عظيمة، وأعرب عن أمل البحرين في استغلال الشراكة الاستراتيجية الشاملة كفرصة لتوحيد استراتيجيات التنمية بين البلدين وتعميق التعاون العملي في جميع المجالات، مع تأكيد التزام البحرين الثابت بمبدأ «الصين الواحدة».
على مدار العام، قد تعاونت الصين والبحرين بجهود مشتركة وحققتا تفاعلات مكثفة. وقامت وزيرة الإسكان والتخطيط العمراني ووزير شؤون الكهرباء والماء البحريني بزيارات للصين، بينما زارت وفود من لجنة التنمية والإصلاح الوطنية الصينية ووزارة التجارة والإدارة الفضائية الوطنية والأكاديمية الصينية للعلوم ووكالة أنباء شينخوا البحرين، لتنفيذ إجماع قادة البلدين بشكل مشترك. لقد تطورت علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والبحرين باستمرار، ويسعدنا أن نلاحظ أربعة تغيرات إيجابية في العلاقات الثنائية.
أولا: تتزايد الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والبحرين باستمرار. حيث تقدم البحرين دعمًا ثابتًا للصين في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية الصينية. وتشارك البحرين بشكل فعال في التعاون الجماعي في مختلف المجالات في إطار التعاون الصيني العربي والصيني الخليجي، وهو ما تقدره الصين تقديراً عالياً. وأيدت الصين اقتراح الملك حمد بإنشاء «اليوم الدولي للتعايش السلمي» في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما دعمت بنشاط ترشيح البحرين لعضوية غير دائمة في مجلس الأمن.
ثانياً: يحقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والبحرين نتائج مثمرة. وفي عام 2024، بلغ حجم التجارة بين البلدين 2.4 مليار دولار أمريكي، وظلت الصين ثالث أكبر شريك تجاري للبحرين وأكبر مصدر للواردات. وتشارك الشركات الصينية بشكل فعال في مجلات الطاقة والإسكان والاتصالات والتصنيع وغيرها من المجالات في البحرين، وتعمل على تعزيز المواءمة بين «رؤية البحرين الاقتصادية 2030» ومبادرة «الحزام والطريق». ويأتي عدد متزايد من الشركات الصينية إلى البحرين للاستثمار وبناء المصانع، ما يساعد على تطوير التصنيع في البحرين ويخلق المزيد من فرص العمل للشعب البحريني. وتحظى السيارات الصينية بشعبية كبيرة بين الشعب البحريني. وفي عام 2024، احتلت السيارات الصينية المرتبة الأولى في قائمة السيارات المستوردة في البحرين بنسبة 25%.
ثالثا: أصبحت التبادلات الثقافية بين الصين والبحرين وثيقة بشكل متزايد. وفي اليوم الذي زار فيه جلالته الصين العام الماضي، أطلقت شركة طيران الخليج رحلات جوية مباشرة بين البلدين، ما يسهل التبادلات بين الشعبين بشكل كبير. وفي عام 2024، ارتفع عدد التأشيرات التي أصدرتها سفارتنا بنسبة 86.4% على أساس سنوي، وسافر المزيد من البحرينيين إلى الصين للسياحة والأعمال والدراسة. على حد علمي، تضاعف عدد السياح الصينيين في البحرين خلال الأشهر الستة الماضية. وانعقدت القمة الآسيوية الصينية الخليجية بنجاح في 27 مايو. إن الصين ستبدأ تجريب سياسة تمنح حاملي جوازات السفر العادية من 4 دول الخليج بما فيها البحرين دخولًا بدون تأشيرات إلى الصين والمكوث بها مدة تصل إلى 30 يومًا، وذلك في الفترة من 9 يونيو 2025 حتى 8 يونيو 2026، وتعتقد أن هذه الخطوة سوف تجذب المزيد من الأصدقاء البحرينيين لزيارة الصين. وقام معهد كونفوشيوس في جامعة البحرين بتدريس اللغة الصينية لأكثر من 6000 طالب على مدى أكثر من عشر سنوات منذ إنشائه، كما افتتحت ثلاث مدارس دولية دورات لتعليم اللغة الصينية. وقد زارت العديد من الفرق الفنية الصينية البحرين لتقديم العروض والتبادل الثقافي، كما دخل الطعام الصيني متحف البحرين الوطني.
رابعا: تتطابق القيم والأفكار للصين والبحرين بشكل عميق. تقع البحرين في تقاطع الحضارات الشرقية والغربية وكانت نموذجاً للتعايش السلمي بين الحضارات والأديان المختلفة منذ العصور القديمة. وتتمتع الصين أيضًا بتقليد تاريخي من التعايش المتناغم بين الديانات المتعددة والتعلم المتبادل. وتعزز البحرين التعايش السلمي بين مختلف الأديان وتدعو إليه على المستويين الدولي والإقليمي من خلال إنشاء مركز الملك حمد العالمي للتعايش والتسامح وجائزة الملك حمد للتعايش والتسامح واليوم الدولي للتعايش السلمي. وهذا يتفق مع موقف الصين الثابت المتمثل في الدعوة إلى الاحترام المتبادل والوئام في التنوع إلى حد كبير، ويتردد صداه بعمق مع مبادرة الأمن العالمي ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الحضارة العالمية التي طرحها الرئيس شي جين بينغ.
وفي الآونة الأخيرة، تصاعدت الأفكار المناهضة للعولمة، كما تزايدت الأحادية والحمائية بشكل ملحوظ. ولطالما تعتقد الصين أنه لا يوجد فائزون في الحروب التجارية وحروب التعريفات الجمركية. ولا يوجد سبيل لـ«فك الارتباط وكسر السلاسل»، والانفتاح والتعاون هما الخيار الوحيد. إن التعاون المتبادل والمنفعة بين الصين والبحرين ليس موجهاً ضد أي طرف ثالث، كما لا ينبغي أن يتأثر بأي طرف ثالث.
مع الوقوف عند نقطة انطلاق تاريخية جديدة، فإنني أشعر بثقة كاملة في التعاون بين الصين والبحرين. إن الصين مستعدة للعمل مع البحرين لتعزيز أساس الثقة الاستراتيجية المتبادلة بشكل مستمر، ومواصلة تعميق التعاون العملي في مختلف المجالات بين البلدين، وتعزيز الصداقة بين الشعبين، وقيادة الاتجاه الصحيح للحوكمة العالمية بشكل مشترك، وتعزيز بناء مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية. ليتعاون الأصدقاء من الصين والبحرين معا وليكتبوا فصلاً جديدًا من الصداقة!
سفير جمهورية الصين الشعبية لدى مملكة البحرين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك