تُشكّل الأحجار الكريمة ركيزة جوهرية في عالم صناعة المجوهرات، إذ تمنح القطع لمسة من الفخامة والجمال إلى جانب قيمتها المادية العالية. ولضمان بقاء هذه الأحجار في مكانها بثبات ومتانة، يتم اعتماد أساليب دقيقة تُعرف بتقنيات الترصيع أو الاعدادات.
الترصيع هو عملية تثبيت الحجر الكريم داخل قطعة المجوهرات باستخدام بنية معدنية دقيقة مصممة خصيصًا لحمله. تتطلب هذه العملية معرفة تقنية كبيرة، إلى جانب ذوق فني رفيع، إذ لا تقتصر على الجانب الجمالي فحسب، بل تشمل أيضًا مراعاة خصائص الحجر من حيث الحجم والصلابة والشفافية.
يُعتبر ترصيع الأحجار الكريمة من أرقى الفنون والحرف في عالم المجوهرات، حيث تلتقي الحرفية العالية بالجمال الطبيعي للأحجار، لتنتج قطعاً تفيض بالأناقة والقيمة. فكل حجر كريم، سواء كان ماسا فاخراً أو ياقوتاً متوهجاً، يحتاج إلى تثبيت دقيق يثري بريقه ويحميه من التلف والسقوط. وتؤثر طريقة تثبيت الحجر على كمية الضوء التي تنعكس منه، مما يزيد من بريقه ولمعانه وبالتالي من قيمته.لذا فإن فهم تقنيات تثبيت الأحجار تساعدك في تقييم جودة القطعة كمشتري وتزيد من تقديرك للقيمة الحرفية كهاوي وتحسن من مهاراتك المهنية كصائغ.
هناك عدة أساليب لترصيع الأحجار الكريمة لا يسعنا ذكرها كلها هنا، وتختلف باختلاف التصميم والغرض من القطعة. أول طريقة هي الترصيع بالمخالب (Prong Setting) ويُعد من أكثر الأساليب شيوعًا، خاصة مع الألماس. ويستخدم فيه 3 إلى 6 «مخالب» معدنية لتثبيت الحجر، مما يتيح أكبر قدر من الضوء للمرور من خلاله ويزيد من لمعانه. وهذا النوع من الترصيع مثالي للأحجار الكبيرة.أما الترصيع بالإطار (Bezel Setting)فيُحيط المعدن بالحجر بالكامل أو جزئيًا، ما يوفر حماية ممتازة للحجر من الصدمات.و يتميز بالمتانة والعصرية، ويُستخدم كثيرًا في المجوهرات اليومية. وبالنسبة لأسلوب تثبيت الحجر في المعدن (Flush Setting)
فيتم فيه ترصيع الحجر داخل المعدن بحيث يكون سطحه مستويًا مع سطح القطعة دون بروز.و يعطي مظهرًا ناعمًا وأنيقًا، ويُستخدم غالبًا في الخواتم الرجالية و التصاميم الحديثة. ويأتي الترصيع بالحبيبات (Pavé Setting)
ليتم من خلاله تثبيت مجموعة من الأحجار الصغيرة بجانب بعضها البعض بواسطة نقاط صغيرة من المعدن. ويمنح هذا الأسلوب القطعة بريقًا متواصلًا يشبه سطحًا مرصوفًا بالأحجار، ومن هنا جاءت تسميته الفرنسية “Pavé” والتي تعني «مرصوف.ولعل الترصيع غير المرئي (Invisible Setting) الذي تم ابتكاره من قبل دار فان كليف اند اربلز من اجمل واصعب أنواع الترصيع . ويعتمد على تركيب الأحجار جنبًا إلى جنب دون أن تظهر أية بنية معدنية حاملة، ما يخلق مظهرًا سلسًا ومتلألئًا. ويتطلب هذا الأسلوب مهارة فنية عالية ويُستخدم غالبًا في تصاميم الساعات و القطع الراقية.هذا بالإضافة الى الترصيع بالقناة (Channel Setting) حيث توضع الأحجار في صف داخل «قناة» معدنية، مما يحميها من التآكل ويعطي مظهرًا هندسيًا أنيقًا. ويُستخدم هذا النوع في خواتم الزفاف أو الأساور.
اختيار نوع الترصيع لا يتم عشوائيًا، بل يعتمد على عدة عوامل، منها نوع الحجر حيث تكون بعض الأحجار أكثر هشاشة من غيرها، وتتطلب حماية أكبر. كما وان حجم الحجر يؤثر أيضا فالأحجار الصغيرة تناسب الترصيع بالحبيبات، بينما الكبيرة تحتاج للمخالب أو الإطار الكامل. ويتم مراعاة الذوق الشخصي والتصميم العام للقطعة مع العلم بأن المجوهرات اليومية تحتاج لترصيع أكثر حماية ومتانة.
ترصيع الأحجار الكريمة لا يُعد مجرد حرفة تقليدية، بل هو فن قائم على العلم والدقة، ويتطلب موهبة متأصلة وذوقًا فنيًا راقيًا. فكل تقنية في التثبيت تضفي على المجوهرات لمسة فريدة، وتكشف عن جمال الحجر بأسلوب خاص يبرز ملامحه الخفية. وعندما تقع عيناك على قطعة مجوهرات فاخرة، تذكّر أن هذا البريق لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج مهارة استثنائية وعمل دؤوب لا يتقنه إلا أصحاب الخبرة والإحساس الرفيع.
باعتقادك ،هل تساهم تقنيات الترصيع في ابراز مواطن الجمال بتصاميم المجوهرات؟ شاركونا بآرائكم ونتطلع إلى مقترحاتكم للمواضيع القادمة والاجابة على تساؤلاتكم على البريد الالكتروني: seemajewelsbh@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك