العدد : ١٧٢٣٦ - الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

العدد : ١٧٢٣٦ - الأحد ٠١ يونيو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٥ ذو الحجة ١٤٤٦هـ

مقالات

فــهـم دلالات نســبـة النمو الاقتصادي: أبعاد ومعايير متعددة

بقلم: مراد علي مراد

الاثنين ٢٦ مايو ٢٠٢٥ - 02:00

قـبل‭ ‬أسـابـيع‭ ‬قـليلة‭ ‬وأثـناء‭ ‬مـناقـشات‭ ‬مجـلس‭ ‬الـوزراء‭ ‬الـموقـر‭ ‬تـم‭ ‬الـتطرق‭ ‬إلـى‭ ‬الـنشاط‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬لـعام‭ ‬2024‭ ‬وتـم‭ ‬الإعـلان‭ ‬بـأن‭ ‬نسـبة‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬الـتي‭ ‬تـم‭ ‬تـحقيقها‭ ‬فـي‭ ‬الـمملكة‭ ‬بـلغت‭ ‬2,6%‭. ‬هـذا‭ ‬الـرقـم‭ ‬بحـد‭ ‬ذاتـه‭ ‬لا‭ ‬يـعطي‭ ‬مـؤشـرات‭ ‬سـواء‭ ‬كـانـت‭ ‬سـلبية‭ ‬أم‭ ‬إيـجابـية‭. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هـذه‭ ‬النسـبة‭ ‬تـكون‭ ‬ذات‭ ‬مـعنى‭ ‬فـقط‭ ‬عـندمـا‭ ‬نـتطرق‭ ‬إلى‭ ‬تفاصـيلها‭ ‬ونحـللها‭. ‬ومـن‭ ‬مـنطلق‭ ‬ثـقتنا‭ ‬الـكبيرة‭ ‬بـقيادتـنا‭ ‬الـرشـيدة‭ ‬وتـوجـيهاتـها‭ ‬الـسامـية‭ ‬بـالـعمل‭ ‬الـدائـم‭ ‬عـلى‭ ‬كـل‭ ‬مـا‭ ‬مـن‭ ‬شـأنـه‭ ‬تـلبية‭ ‬احـتياجـات‭ ‬الـمواطـن‭ ‬وتحسـينها،‭ ‬ووضـع‭ ‬الـمواطـن‭ ‬فـي‭ ‬أعـلى‭ ‬قـمة‭ ‬أولـويـاتـها،‭ ‬فـإن‭ ‬طـموحـاتـنا‭ ‬جـميعا‭ ‬هـي‭ ‬أن‭ ‬تـتحقق‭ ‬نسـبة‭ ‬نـمو‭ ‬اقـتصادي‭ ‬أعـلى‭. ‬ولا‭ ‬يـفوتـني‭ ‬أن‭ ‬أذكـر‭ ‬مـا‭ ‬تـحقق‭ ‬فـي‭ ‬الـبرنـامـج‭ ‬الـوطـني‭ ‬لـلتوازن‭ ‬الـمالـي‭ ‬ومشـروعـات‭ ‬الـبنية‭ ‬الـتحتية‭ ‬الـكبرى‭ ‬ضـمن‭ ‬خـطة‭ ‬الـتعافـي‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬الـذي‭ ‬حـقق‭ ‬الـنمو‭ ‬رغـم‭ ‬التحـديـات‭ ‬الإقـليمية‭ ‬والـعالـمية‭. ‬ويـلاحـظ‭ ‬ان‭ ‬مـعظم‭ ‬الـنمو‭ ‬تـحقق‭ ‬مـن‭ ‬خلال‭ ‬قطاعات‭ ‬حيوية‭ ‬مثل‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬والتكنولوجيا‭ ‬والسياحة‭.‬

مـعدل‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬وقـياسـه‭ ‬كنسـبة‭ ‬مـئويـة‭ ‬مـقارنـة‭ ‬بـفترات‭ ‬سـابـقة‭ ‬سـواء‭ ‬كـانـت‭ ‬ربـع‭ ‬أو‭ ‬نـصف‭ ‬سـنويـة‭ ‬أو‭ ‬سـنويـة،‭ ‬وبـالأخـص‭ ‬مـقارنـتها‭ ‬بـالـعام‭ ‬الـسابـق‭ ‬فـإنـه‭ ‬مـقياس‭ ‬يسـتخدم‭ ‬ويـطبق‭ ‬فـي‭ ‬مـعظم‭ ‬دول‭ ‬الـعالـم‭. ‬وحـتى‭ ‬فـي‭ ‬الـمؤسـسات‭ ‬الـدولـية‭ ‬مـثل‭ ‬صـندوق‭ ‬الـنقد‭ ‬الـدولـي،‭ ‬حـيث‭ ‬يـتم‭ ‬مـن‭ ‬خـلالـه‭ ‬قـياس‭ ‬مـعدل‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬لجـميع‭ ‬الـدول‭ ‬الأعـضاء‭. ‬وتـحفظ‭ ‬هـذه‭ ‬الـدراسـات‭ ‬والإحـصاءات‭ ‬الاقـتصاديـة‭ ‬لـسنوات‭ ‬طـويـلة‭. ‬كـما‭ ‬تـصدر‭ ‬تـقاريـر‭ ‬دوريـة‭ ‬مـن‭ ‬صـندوق‭ ‬الـنقد‭ ‬الـدولـي‭ ‬بـمعدل‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬لـكل‭ ‬دولـة،‭ ‬ومـن‭ ‬خـلال‭ ‬هـذه‭ ‬الـتقاريـر‭ ‬يـمكننا‭ ‬مـعرفـة‭ ‬مـعدل‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬الـعالـمي،‭ ‬كـما‭ ‬يـمكننا‭ ‬اسـتشراف‭ ‬مـعدل‭ ‬نـمو‭ ‬الاقـتصاد‭ ‬الـعالـمي‭ ‬لسنوات‭ ‬قادمة‭. ‬ولـم‭ ‬نشهـد‭ ‬مـنذ‭ ‬زمـن‭ ‬بـعيد‭ ‬جـدا‭ ‬اضـطرابا‭ ‬تـجاريا‭ ‬واقـتصاديا‭ ‬مـثلما‭ ‬نشهـده‭ ‬خـلال‭ ‬فـترة‭ ‬الـسنوات‭ ‬الـقليلة‭ ‬الـماضـية،‭ ‬وخـصوصـا‭ ‬مع‭ ‬بـدء‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وحـتى‭ ‬الأشهـر‭ ‬الأولـى‭ ‬مـن‭ ‬عـام‭ ‬2025،‭ ‬وبـالتحـديـد‭ ‬مـا‭ ‬يـحصل‭ ‬فـي‭ ‬الـدولـتين‭ ‬الأكـبر‭ ‬حجـما‭ ‬اقـتصاديـا‭ ‬وتـجاريـا‭. ‬إن‭ ‬الـتغير‭ ‬الـواضـح‭ ‬فـي‭ ‬هـذه‭ ‬السـلسلة‭ ‬مـن‭ ‬الإجـراءات‭ ‬الـتي‭ ‬تـسعى‭ ‬هـاتان‭ ‬الـدولـتان‭ ‬مـن‭ ‬خـلالـه‭ ‬لحـمايـة‭ ‬تـنافسـيتهما‭ ‬تـجاريـا‭ ‬واقـتصاديـا،‭ ‬حـتى‭ ‬لـو‭ ‬كـان‭ ‬ذلـك‭ ‬عـلى‭ ‬حـساب‭ ‬الـتقيد‭ ‬بـالاتـفاقـيات‭ ‬والـمواثـيق‭ ‬الـدولـية‭ ‬فـيما‭ ‬بـينهما‭. ‬وقـد‭ ‬يـشكل‭ ‬هـذا‭ ‬الاضـطراب‭ ‬عـامـلاً‭ ‬مـؤثـراً‭ ‬جـديـداً‭ ‬عـلى‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬لـدولـة‭ ‬صـغيرة‭ ‬كـمملكة‭ ‬البحـريـن‭ ‬بالإضـافـة‭ ‬إلى‭ ‬العوامـل‭ ‬والأسـباب‭ ‬الأخـرى‭ ‬الـتي‭ ‬قـد‭ ‬تـسهم‭ ‬عـادة‭ ‬فـي‭ ‬الـتأثـير‭ ‬عـلى‭ ‬هـذا‭ ‬الـنمو‭. ‬ومـن‭ ‬الأمـثلة‭ ‬عـلى‭ ‬هـذه‭ ‬الـعوامـل‭ ‬هـي‭ ‬الـتغيرات‭ ‬فـي‭ ‬سـعر‭ ‬الـنفط‭ ‬والألـمنيوم‭ ‬والـمخاطـر‭ ‬جـراء‭ ‬اسـتخدام‭ ‬الـممرات‭ ‬الـملاحـية‭ ‬خـاصـة‭ ‬فـي‭ ‬مـنطقة‭ ‬الشـرق‭ ‬الأوسـط‭. ‬كـل‭ ‬هـذه‭ ‬الـمتغيرات‭ ‬الـعالـمية‭ ‬قـد‭ ‬تـتأثـر‭ ‬بـها‭ ‬سـلبا‭ ‬مـعظم‭ ‬دول‭ ‬الـعالـم‭ ‬بـما‭ ‬فـي‭ ‬ذلـك‭ ‬مـملكة‭ ‬البحـريـن‭ ‬وبـطبيعة‭ ‬الـحال‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬كانت‭ ‬التحصن‭ ‬ضد‭ ‬هذه‭ ‬المتغيرات‭ ‬بمفردها‭.‬

ويـتأثـر‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬بـصفة‭ ‬عـامـة‭ ‬بـمختلف‭ ‬الـعوامـل‭ ‬الـداخـلية‭ ‬والـخارجـية‭. ‬وإذا‭ ‬مـا‭ ‬أخـذنـا‭ ‬بـعين‭ ‬الاعـتبار‭ ‬مـا‭ ‬تـم‭ ‬ذكـره‭ ‬فـي‭ ‬الـفقرة‭ ‬الـسابـقة،‭ ‬فإن‭ ‬تـأثـر‭ ‬مـملكة‭ ‬البحـريـن‭ ‬بـالـعوامـل‭ ‬الـخارجـية‭ ‬قـد‭ ‬يـكون‭ ‬أضـعاف‭ ‬مـا‭ ‬قـد‭ ‬تـتأثـر‭ ‬بـه‭ ‬مـن‭ ‬الـعوامـل‭ ‬الـداخـلية،‭ ‬أضـف‭ ‬إلـى‭ ‬ذلـك‭ ‬أن‭ ‬مـثل‭ ‬هـذه‭ ‬الـعوامـل‭ ‬الـخارجـية‭ ‬قـد‭ ‬تسـتمر‭ ‬فترات‭ ‬طـويـلة‭ ‬وكـنتيجة‭ ‬لـذلـك‭ ‬فـإن‭ ‬تـحقيق‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬بـوتـيرة‭ ‬أسـرع‭ ‬قـد‭ ‬يـكون‭ ‬صـعباً‭ ‬عـلى‭ ‬دول‭ ‬بحجـم‭ ‬مـملكة‭ ‬البحـرين‭.‬

ومـن‭ ‬الأمـور‭ ‬الـتي‭ ‬لا‭ ‬يـمكننا‭ ‬إغـفالـها‭ ‬هـو‭ ‬مـعدل‭ ‬التضخـم‭ ‬وتـأثـيره‭ ‬عـلى‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭. ‬وهـنا‭ ‬نجـد‭ ‬أيـضاً‭ ‬أن‭ ‬الـعوامـل‭ ‬الـداخـلية‭ ‬والـخارجـية‭ ‬لـها‭ ‬تـأثـيراتـها‭ ‬عـلى‭ ‬ارتـفاع‭ ‬وانـخفاض‭ ‬مـعدل‭ ‬التضخـم‭. ‬ومجـدداً‭ ‬وفـي‭ ‬ظـل‭ ‬الأوضـاع‭ ‬الـعالـمية‭ ‬الـحالـية‭ ‬غـير‭ ‬المسـتقرة‭ ‬قـد‭ ‬يـرتـفع‭ ‬ويـنخفض‭ ‬مـعدل‭ ‬التضخـم‭ ‬فـي‭ ‬مـملكة‭ ‬البحـريـن‭ ‬مـتأثـراً‭ ‬بـالـعوامـل‭ ‬الـخارجـية‭ ‬بـصورة‭ ‬أكـبر‭ ‬بـكثير‭ ‬مـن‭ ‬تـأثـره‭ ‬بـالـعوامـل‭ ‬الـداخـلية‭. ‬فـكلما‭ ‬اسـتوردت‭ ‬البحـريـن‭ ‬بـضائـع‭ ‬أو‭ ‬خـدمـات‭ ‬فـإنـها‭ ‬تسـتورد‭ ‬مـعها‭ ‬نسـبة‭ ‬تضخـم‭ ‬بـلد‭ ‬الـمنشأ‭. ‬كـما‭ ‬أن‭ ‬ارتـفاع‭ ‬أسـعار‭ ‬عـملة‭ ‬دول‭ ‬الـمصدرة‭ ‬لـلملكة‭ ‬أو‭ ‬انـخفاضـها‭ ‬قـد‭ ‬يـشكل‭ ‬عـامـلا‭ ‬آخـر‭ ‬يـؤثـر‭ ‬عـلى‭ ‬نسـبة‭ ‬التضخـم‭. ‬فـقد‭ ‬يـكون‭ ‬مـن‭ ‬أولـويـات‭ ‬الـدولـة‭ ‬الـعمل‭ ‬عـلى‭ ‬زيـادة‭ ‬الـبضائـع‭ ‬والخـدمـات‭ ‬محـلية‭ ‬الـمنشأ‭ ‬عـلى‭ ‬خـفض‭ ‬تـأثـيرات‭ ‬الـعوامـل‭ ‬الـخارجـية‭ ‬سـواء‭ ‬كـان‭ ‬الاضـطراب‭ ‬الـحالـي‭ ‬فـي‭ ‬الـتجارة‭ ‬الـعالـمية‭ ‬وحـرب‭ ‬الـتعرفـة‭ ‬الجـمركـية‭ ‬بـين‭ ‬الـدول‭ ‬الأكـبر‭ ‬اقـتصاديـا‭ ‬أو‭ ‬التضخـم‭ ‬المسـتورد‭ ‬مـن‭ ‬الـخارج‭. ‬أضـف‭ ‬الـى‭ ‬ذلـك‭ ‬الانـفتاح‭ ‬عـلى‭ ‬قـطاعـات‭ ‬غـير‭ ‬نـفطية‭ ‬وتسهـيل‭ ‬بـيئة‭ ‬الاسـتثمار‭ ‬وتسـريـع‭ ‬الـتحول‭ ‬الرقمي‭ ‬سوف‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستويات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭.‬

ومـن‭ ‬هـنا،‭ ‬إذا‭ ‬أخـذنـا‭ ‬بـعين‭ ‬الاعـتبار‭ ‬نسـبة‭ ‬الـنمو‭ ‬الاقـتصادي‭ ‬فـي‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬خـاصـة،‭ ‬فـإنـنا‭ ‬سنجـد‭ ‬أنـها‭ ‬فـي‭ ‬مسـتويـات‭ ‬مـقبولـة‭ ‬جـدا،‭ ‬ولـكن‭ ‬فـي‭ ‬ضـوء‭ ‬طـموحـاتـنا‭ ‬الـكبيرة‭ ‬وثـقتنا‭ ‬الـلامـتناهـية‭ ‬فـي‭ ‬الـقيادة‭ ‬الـرشـيدة‭ ‬وتـوجـيهاتـها‭ ‬الـسامـية،‭ ‬فـإنـنا‭ ‬عـلى‭ ‬ثـقة‭ ‬بـإمـكانـية‭ ‬مـملكة‭ ‬البحـريـن‭ ‬تـحقيق‭ ‬نـمو‭ ‬اقـتصادي‭ ‬أكـبر‭ ‬بـكثير‭ ‬مـن‭ ‬الـذي‭ ‬تـحقق‭ ‬فـي‭ ‬عام‭ ‬2024‭. ‬وكـل‭ ‬الـتمنيات‭ ‬بـالـنجاح‭ ‬والـتوفـيق‭ ‬لـلقيادة‭ ‬الـرشـيدة‭ ‬ولـكافـة‭ ‬الأطـراف‭ ‬الـحكومـية‭ ‬والـخاصـة‭ ‬فـي‭ ‬مـجهوداتـها‭ ‬بـالـعمل‭ ‬عـلى‭ ‬إيـجاد‭ ‬حـلول‭ ‬بـما‭ ‬يـمكن‭ ‬الـدولـة‭ ‬مـن‭ ‬تـحقيق‭ ‬طـموحـاتـها‭ ‬وطموحات‭ ‬أبنائها‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا